<!--
<!--<!--<!--
هل يتكرّر كمين حلب في ريف حماه الشمالي؟؟
الخميس 01 أيلول2016
عمر معربوني - بيروت برس -
ليس سهلًا أن نكتب عن ميدان عسكري معقد ومتغيّر وخصوصًا ما يرتبط بالميدان السوري،حيث تتغيّر خرائط السيطرة بين يوم وآخر ما يُلزمنا بقول الحقائق إذا ما كانت الموضوعية أساسًا معتمد لدينا بعيدًا عن البروباغاندا والتوصيف الوجداني، وهي مهمّة صعبة تتطلب الكثير من المصداقية لإيصال الوقائع إلى الجمهور الذي ينتظر الحقيقة ولا شيء غيرها.
ربما يتساءل البعض عن السبب الذي دعانا لمقاربة الموضوع بمقدمة قد يعتبرها البعض تبريرية في حين أنها مقدمة سيعلم من يتابع مواضيعنا أنها ترتبط بالتوصيف الدقيق والتحليل الموضوعي على مدى سنوات من الكتابة، حيث الميدان يحمل في يومياته تعقيدات لا حدود لها ومتغيرات يجب فهمها ببعد شامل وليس انطلاقًا من البعد الموضعي، وهو ما يحصل دائمًا مع المتابعين الذين يفرحهم الانتصار ويحبطهم الإخفاق وهو شعور بديهي يرتبط بانفعالات البشر.وإن كانت توقعاتنا في التحليلات المتتابعة قاربت الحقيقة والمتوقع، فإنّ ذلك كان بسبب التوصيف الدقيق لطبيعة الميدان وميزان القوى ومراقبة سير العمليتين العسكرية والسياسية التي وصلت إلى ما قلناه ونقوله.
في الآونة الأخيرة وفي حلب تحديدًا، ورغم أنّ المشهد الميداني كان يبدو وكأنّ الجماعات المسلّحة تتقدم وتحقق الإنجازات، كان رأينا الذي تؤكده إجراءات وتدابير الجيش السوري الميدانية أن ما يحصل هو استيعاب لصدمة الهجوم الذي اعتمد نمط الموجات المتتابعة غير المنقطعة، حيث تميزت الهجمات بالاعتماد على ثلاثة انساق من الهجوم ضمن الموجة الواحدة، وضمّت نسق الهجوم الأول المؤلف من العربات المفخّخة ونسق الهجوم الثاني المؤلف من الإنغماسيين (الانتحاريين) ونسق الهجوم الثالث المؤلف من مجموعات الاقتحام، وهي موجات لم تتوقف على مدى ثلاثة أيام ما وضع قوّة المُدَافعَة عن الكليات في حالة الإنهاك واضطر القيادة العسكرية خلال فترة الهجمات إلى اتخاذ قرار إعادة التموضع لتحقيق مجموعة من المسائل:
1- فك حالة الالتحام لإتاحة الفرصة للطيران والمدفعية للقيام بتنفيذ الصبيب الناري على القوة المهاجمة.
2- توسيع بقعة الاشتباك والسماح للجماعات المهاجمة بالدخول إلى بقعة الروع (القتل) وتعريضها لمختلف أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة، إضافة لاستهدافها بالصواريخ المضادة للدروع "قبضات الـ م/د".
3- تحقيق الاستنزاف في الجماعات المهاجمة من خلال تحسين شروط تموضع وحدات الجيش السوري في مشروع الـ1070 شمال الكليات وفي منطقة مجبل الزفت جنوب الكليات، توطئة للقيام بتمدد تدريجي إلى الكلية الفنية الجوية شمالًا وتلة أم القرع جنوب غرب وما تلاها من سيطرة على تلة الصنوبرات والمحروقات، ما يؤمن للجيش سيطرة نارية شاملة على نقاط تموضع الجماعات المسلحة وخطوط إمدادها من القراصة وصولًا إلى الكليات.
4- إلزام الجماعات المسلحة بتحريك مؤازرتها بسبب الضغط المستمر عليها واستهداف أرتالها المتحركة بين إدلب وحلب وتوجيه ضربات لبنية هذه الجماعات في نقاط تمركزها الكبرى في إدلب.
5- الانتقال قريبًا إلى الهجوم المضاد وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في الحدود الدنيا، وما يحمله من متغيرات ميدانية وانعكاس هذه المتغيرات على الميدان السياسي.
في نتائج سير المعارك على محاور حلب وتحديدًا محور الكليات والريف الجنوبي الغربي، لا يمكن الحديث عن معارك دفاعية أو هجومية بالمعنى المعتاد حيث يمكن وصف المشهد بأنه بقعة اشتباك بين مسلحين وقعوا في كمين لم يسعَ الجيش إليه ولكنه حدث بموجب التدابير التي اتخذها وبين وحدات الجيش التي تستثمر إعادة التموضع لتحقيق الاستنزاف في قوة المهاجمين، خصوصًا أنّ اغلب الانتحاريين ونخبة المهاجمين باتوا خارج المعركة بين قتيل وجريح ما سينعكس على نتائج المعارك في حلب وما بعدها.
وما يحصل من هجمات في ريف حماه الشمالي يشبه إلى حد بعيد ما حصل في حلب على محور الكليات، حيث يتم استخدام نفس أنماط الهجوم بأعداد كبيرة وهو ما اضطر وحدات المُدافعة عن القرى إلى إعادة تموضعها وتشكيل خط دفاع متجانس بانتظار وصول إمدادات الجيش، وتحديدًا قوات النخبة والمهام الخاصة المتحركة والتي تعمل على كل الجبهات بحسب الضرورة.
في ريف حماه الشمالي نشهد تراجعًا للجيش السوري عن نقاط سيطرته مترافقًا مع حملة إعلامية معادية شبيهة بالتي واكبت هجمات حلب، وتعمل على تضخيم هدف الهجوم في محاولة لإحباط الروح المعنوية ومحاولة تحقيق انتصار اعتقد انه سيكون وهميًا على غرار هجمات حلب التي لم تتحقق الأهداف منها وحسب بل ستؤدي بحسب سير العمليات الحالية إلى نتائج كارثية ستحّل بصفوف الجماعات المسلحة.
ساحة النقاش