<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
العدالة والتنمية.. الليبرالية على الطريقة الأمريكية(2)
التاريخ: 02 مايو، 2016
فلاش بريس = إعداد: محمد اليوبي – كريم أمزيان – النعمان اليعلاوي.
<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الليبرالية في أطروحة الحزب
بالعودة إلى أطروحة الحزب، فهي تؤكد أن الانفتاح الاقتصادي يجد مبرراته الموضوعية أولا في الموقع الاستراتجي للمغرب الذي ظل على مر التاريخ منفتحا اقتصاديا وتجاريا على محيطه المتوسطي والأوربي والإفريقي، يضاف إلى ذلك اعتبار واقعي يشهد له التطور المعاصر الذي أصبح من غير الممكن معه أن ينمو اقتصاد مجتمع من المجتمعات في انغلاق على نفسه، فضلا على مراهنة المغرب منذ الثمانينات على خيار الانفتاح الاقتصادي بعد عقدين من تدخل الدولة كفاعل اقتصادي، والانفتاح الاقتصادي لا يمكن أن يؤتي ثماره المرجوة دون تأهيل للنسيج الاقتصادي الوطني بما يجعله قادرا على تنويع الإنتاج وتحسينه ومن تم تأمين قدرته على المنافسة التي يفرضها اقتصاد السوق والتجارة الحرة.
ويرى عبد اللطيف بروحو، البرلماني والقيادي بحزب العدالة والتنمية، في مقال نشره على الموقع الرسمي للحزب، أن الاقتصاد المغربي «ليبرالي» في أسسه العامة، وإن كان الدستور يضفي عليه لمسة اجتماعية تماشيا مع التطورات التي تعرفها الأنظمة الاقتصادية الرئيسية في العالم الغربي، فالفصل 35 من الدستور يضمن مبادئ حماية المِلكية الفردية وحرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، وهي تعتبر أهم مقومات الاقتصاد الليبرالي أو اقتصاد السوق، كما يمنع الفصل 36 من الدستور استغلال النفوذ والإخلال بالتنافس النزيه وكل أشكال الانحراف في التدبير الاقتصادي والمالي، وهو ما يؤكد المنحى الليبرالي على المستوى الاقتصادي الذي سار فيه المشرع الدستوري، والوارد في الفصل 35 قبله، وهذه المبادئ العامة يفترض أن تجد صداها في البرامج التنموية التي يجب أن تصدر عن الأحزاب السياسية، فهذه الأحزاب تتنافس من خلال الانتخابات البرلمانية على تدبير الشأن العام، لذا يتعين عليها وجوبا أن تتضمن برامجها الانتخابية تفصيلا لمواقفها الواضحة من طرق تنزيل وتفعيل هذه المبادئ. وأكد بروحو أن مواقف أغلب الأحزاب السياسية بقيت باهتة على المستوى الاقتصادي والتنموي، سواء تعلق الأمر بدور الدولة وحدود تدخلاتها الاقتصادية، أو بخصوص الورش الحيوي المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي يدخل في هذا الإطار.
وبخصوص معالم النموذج الاقتصادي والمشروع التنموي الذي يطمح إليه حزب العدالة والتنمية، تركز الأطروحة التي تعتبر مرجعية أساسية للحزب، على دور الدولة في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من منطلق أن يظل لها دور أساسي في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، بما تملكه من آليات قانونية ومالية ومؤسساتية، تسمح بمواكبة التحولات الاقتصادية ومعالجة الاختلالات الناجمة عن سنوات من النموذج التنموي السائد. وفي هذا الصدد يرى الحزب أن المهام المنوطة بالدولة حصريا هي مهمة التخطيط الاستراتيجي التنموي، بما يقتضي أن تكون لها رؤية تنموية استراتيجية، تقوم بتنزيلها في شكل استراتيجيات قطاعية، مع ضمان التقائية هذه المخططات، كما ينبغي أن تتجاوز الدولة دور الدركي المراقب، وفي نفس الوقت ينبغي أن لا تتماهى مع دور الفاعل الاقتصادي أو المستثمر المباشر في القطاع الخاص، وتكمن أهمية دورها في استشراف آفاق التطور الاقتصادي وفي قدرتها على إطلاق محركات النمو الاقتصادي عبر عدة آليات، وتبدأ من دعم الاقتصاد المنتج وتصل إلى تشجيع الطلب الداخلي والمراجعة الآنية لسياسة التصدير بما يحقق التوازنات المالية والنقدية، كما تمكن أهمية مؤسسات الدولة في نظر حزب العدالة والتنمية في مواكبة التحولات الاقتصادية والمالية، الوطنية والدولية، وإيجاد الأسس القانونية والإجرائية لتمكين المقاولة المغربية من مواجهة التحديات، وضمان تنافسيتها، وخلق مناصب الشغل القارة والدائمة. وإن تأكيد حزب العدالة والتنمية على المبادرة الحرة ودور القطاع الخاص ليس معناه إلغاء دور الدولة ومسؤوليتها في مجال تنشيط الاقتصاد ولا إلغاء مسؤوليتها الاجتماعية، أو إلغاء دورها كفاعل اقتصادي في القطاعات الإستراتيجية التي قد لا يهتم بها القطاع الخاص.
وإذا كانت الليبرالية الأمريكية الجديدة، تدعو إلى حماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية، فإن أطروحة الحزب تؤكد ذلك، حيث ورد فيها أنه «لم يعد متوقعا اليوم في السياق الدولي القبول بدول تنعدم فيها الديمقراطية والحريات الأساسية الفردية والجماعية، وقد أصبح هذا المعطي معيارا أساسيا للتأثير في السياسات الدولية، كما صارت الدول التي لا تحترم فيها الحريات تعاني من سياق عالمي ضاغط في اتجاه عولمة قيم الديمقراطية والحريات باعتبارها قيما إنسانية محكمة وحاكمة»، وأكدت على أن التقدم الذي تحرزه الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية اليوم في كثير من الدول يبقى ناقصا إن لم يكن من آثاره إسهامها في تعميم وترسيخ قيم الحرية والعدل والديمقراطية قطريا ودوليا، وجاء في الفصل الثامن من هذه الأطروحة في الباب المخصص للمشروع المجتمعي لحزب العدالة والتنمية، أن هذا الأخير يؤكد على ما ورد في كافة وثائقه المرجعية وما ورد أيضا في أطروحة النضال الديمقراطي.
وتضيف «فحزبنا ينطلق في فهمه الإسلام من نفس الرؤية المنفتحة والتي شكلت عنصر القوة في التجربة التاريخية والحضارية للأمة، رؤية تؤمن بالتنوع والتعدد والتعايش بين الديانات وحرية العقيدة واعتبار قاعدة المواطنة أساس بناء الدولة والمجتمع»، ويترتب على ذلك إقرار مبدأ الحرية العقدية وحرية الإبداع وحماية الحريات الفردية والجماعية، وانطلاقا من قاعدة لا إكراه في الدين التي هي قاعدة ذهبية قوامها أنه لا يجوز ولا يمكن اللجوء إلى أي شكل من أشكال الإكراه في الدين عقيدة وشريعة وأخلاقا، وأن هذه القضايا تقدم بالأساس من خلال الإقناع والاقتناع، وأنها مجال للضمير والفكر والوجدان، وليست مجالا لسلطة الدولة أو إكراهات القانون، فإنه من باب أولى أن تشمل هذه القاعدة الالتزام الديني، حيث لا إكراه على العبادات، ومجال الثقافة حيث لا إكراه في الفن والإبداع، والسلوك اليومي للمواطن حيث لا إكراه في الزي واللباس.
التوجهات الليبرالية من موقع الحكم
على مستوى الممارسة العملية من موقع قيادة الحكومة الحالية، اتضح من خلال جملة من القرارات التي حظيت بمساندة قوية من طرف الحزب الحاكم، أنها تدخل في إطار تنفيذ توصيات المؤسسات المالية العالمية الكبرى. وخلال زيارتها إلى المغرب، وضعت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، مجموعة من التوصيات والالتزامات على الحكومة، من أجل تمديد الخط الائتماني الذي حصل عليه المغرب، لسنة أخرى. وأعلنت لاغارد أن الصندوق مستعد لتمديد الخط الائتماني إذا طلبت الحكومة ذلك، لكنها وضعت خمسة شروط لذلك، وهي إصلاح صناديق التقاعد والمقاصة والعدل والإصلاح الضريبي، بالإضافة إلى القانون التنظيمي للمالية، وأثنت على التزام الحكومة بالتعاون مع المؤسسة المالية العالمية، وتنفيذ كل الالتزامات والملاحظات التي يبديها الصندوق.
وهكذا، وضعت الحكومة من بين أولوياتها الشروع في إصلاح صندوق المقاصة، قبل انتهاء ولايتها الحالية، وأمام ارتفاع التكلفة المالية لهذا الصندوق، والتي تجاوزت حجم الميزانية المرصودة له في قانون المالية لسنة 2013، اكتفت الحكومة بوضع إجراءات ترقيعية تروم تقليص نفقات الصندوق والدعم العمومي المخصص له، حيث قررت تطبيق نظام المقايسة الذي أفضى بشكل مباشر إلى الزيادة في أسعار المحروقات، قبل أن ترفع عنها الدعم نهائيا، لتشرع حاليا في وضع إجراءات رفع الدعم عن مادتي السكر وغاز البوتان.
ويرى المراقبون أنه عوض وضع إصلاحات هيكلية كما وعدت بذلك، لجأت الحكومة إلى المواطن الذي تعتبره بمثابة الحائط القصير، لتمرير قرارات صعبة تستهدف قدرته الشرائية، لإنقاذ بعض مؤسسات الدولة التي تعاني من صعوبات مالية، نتيجة اختلالات في التدبير أو عدم إنجاز بعض المشاريع الاستثمارية التي كلفت خزينة الدولة، الملايين من الدراهم، مثل ما وقع بالمكتب الوطني للماء والكهرباء. ووجدت الحكومة نفسها أمام خيار التوقيع على العقد البرنامج بين الدولة والمكتب الوطني للماء والكهرباء، والذي سيمتد ما بين 2014 و2017، بغلاف مالي قدره 45 مليار درهم، ستستخلص منها 14 مليار درهم من جيوب المواطنين، من خلال الزيادة في أسعار الكهرباء.
وفي ظل الانتقادات الموجهة للحكومة بخصوص لجوئها المفرط إلى الاقتراض الخارجي، ما تسبب في ارتفاع المديونية الخارجية إلى مستويات قياسية تجاوزت الخطوط الحمراء المسموح بها قانونيا، تتجه الحكومة إلى نهج سياسة خوصصة بعض المؤسسات العمومية، بهدف تقليص عجز الميزانية، فأتى قرار خوصصة مؤسسة «مرسى ماروك» بموافقة رئيس الحكومة، كما تعتزم الحكومة خوصصة مجموعة من المؤسسات العمومية الإستراتيجية، مثل المكتب الوطني للمطارات والمكتب الوطني للسكك الحديدية. وبذلك يكون حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، قد انقلب على مواقفه السابقة، عندما كان ينتقد لجوء الحكومات السابقة إلى الخوصصة لتوفير الموارد المالية باعتبارها تجليا لسياسة التقويم الهيكلي التي تهدف إلى ضرب المرافق العمومية.
فضلا عن ذلك، شرعت الحكومة في تنفيذ استراتيجية تهدف إلى خوصصة بعض الخدمات الاجتماعية، ومنها التعليم والصحة، بحيث أدلى لحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بتصريح أثار ضجة بخصوص تمويل التعليم، عندما قال: «اللي بغا يقري ولادو خصو يدير يدو في جيبه كذلك»، ناهيك عن صدور توصيات من المجلس الأعلى للتربية والتكوين حول تمويل التعليم، واقتراح بعض أعضاء المجلس التراجع عن مجانيته، وهو ما فهم منه أن تصريح الداودي يسير في نفس الاتجاه الرامي إلى خوصصة التعليم. وبعد الضجة التي أثارها تصريح الداودي، صدرت وثيقة رسمية عن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في إطار التدابير المتخذة لتنزيل الإستراتيجية الوطنية لإصلاح التعليم، كشفت توجه الحكومة نحو فتح المدارس العمومية أمام المستثمرين في التعليم الخاص. وأثارت هذه الوثيقة جدلا كبيرا بخصوص منح مؤسسات التعليم العمومي إلى المستثمرين الخواص في قطاع التعليم، خاصة أن العديد من القياديين بحزب العدالة والتنمية يملكون مدارس حرة، وأن رئيس رابطة المستثمرين في التعليم الخاص، هو عبد الهادي الزويتن، القيادي بحزب العدالة والتنمية، كما أن رئيس الحكومة بنفسه يملك العديد من المدارس الخاصة بكل من الرباط وسلا، كما تملك حركة التوحيد والإصلاح مدارس للتعليم الخصوصي، ما جعل عملية تفويت بنايات المؤسسات التعليمية العمومية إلى الخواص تثير الكثير من الأسئلة حول خلفياتها الحقيقية.
وفي جانب الصحة، تمكنت الحكومة من تمرير القانون المتعلق بالممارسة الطبية، يھدف إلى فتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة وإخضاع المريض للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري، ما يتعارض مع المواثيق الدولية ومقتضيات الدستور الذي ينص صراحة على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية (و ليس الشركات التجارية)، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة. وأعطت الحكومة حق حيازة المصحات الخاصة للشركات التجارية والسماح للأطباء بتأسيس شركات وفق مقتضيات القانون التجاري المغربي، ما سيفتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة وإخضاع صحة المواطنين للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري.
ساحة النقاش