<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
بعد مقتل عسكريين أمريكيين .. لماذا القلق الأردني؟
10 تشرين الثاني ,2015 07:08 صباحا
عربي برس _ متابعات وصحف- رأي اليوم
يعيش الأردن هذه الأيام ظروفاً صعبة للغاية، بسبب المشاكل الأمنية المتفاقمة في دول الجوار، التي تحيط به من كل الجهات وتصل تبعاتها وذيولها إليه بصورة أو بأخرى، ففلسطين المحتلة في الغرب تشهد انتفاضة السكاكين، وصحراء سيناء في الجنوب تحولت إلى "دولة" فاشلة، تشهد مواجهات وأحداث عنف وإرهاب، كان آخرها إسقاط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، بتفجير أعلنت "الدولة الإسلامية" مسؤوليتها عن تنفيذه، أما في الشمال فالحدود مغلقة مع سوريا، بسبب سيطرة قوات تابعة لجماعات إسلامية متشددة معارضة للنظام، وفي الشرق هناك "الدولة الإسلامية" التي تسيطر على معظم إقليم الأنبار السني العراقي.
ومن هناك جاء حادث إطلاق النار من قبل الضابط الأردني أنور أبو زيد على خبراء عسكريين أمريكيين وقتل اثنين منهم، إلى جانب عسكري آخر من جنوب أفريقيا وأردنيين اثنين، وإصابة سبعة آخرين في مركز تدريب لقوات الأمن شرق العاصمة ليصيب السلطات الأردنية بحالة من الصدمة، في وقت كانت تسود البلاد حالة قوية من الوحدة الوطنية تدين الإرهاب وتفجيرات فنادق عمان.
مصدر القلق الرئيسي لهذه السلطات أن يكون هذا الضباط، منفذ هذه الجريمة، ينتمي إلى "الدولة الإسلامية" مما يوحي بأنها، أي هذه الدولة، قد نجحت في اختراق قوات الأمن الأردنية، واستطاعت تجنيد بعض الخلايا في أوساطها، وربما أوساط عسكرية أخرى، ولهذا حرصت هذه السلطات على نشر نفي هذا الإيحاء بقوة وتأكيد عائلة الضابط (جرى قتله من قبل زملائه فوراً)، أن لا علاقة له مع أي جماعات إرهابية في إشارة إلى "الدولة الإسلامية"، وأنه كان معتدلاً، ولم تظهر عليه أي علامات تطرف في سلوكه الشخصي، وإن كان ملتزما بأداء فروضه مثل معظم المواطنين، والأهم من هذا وذاك أن "الدولة الإسلامية" لم تتبن هذه العملية حتى كتابة هذه السطور.
وكان لافتاً أن توقيت هذه العملية تزامن مع الذكرى العاشرة لتفجيرات الفنادق في عمان التي نفذتها خلية تابعة لتنظيم التوحيد والجهاد، الذي يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي، الذي يعتبر المؤسس الحقيقي لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وباذر البذرة الأولى الرئيسية لنواتها الأولى، علاوة على وجود عدد كبير من المقاتلين الأردنيين في صفوفها، هناك من يقدره بأكثر من ألفي مقاتل على الأقل.
إقدام "الدولة الإسلامية" على حرق الطيار الأردني الشاب معاذ الكساسبة حياً وبطريقة همجية بشعة، بعد وضعه في قفص، وهو يرتدي بذلة الإعدام البرتقالية، أثار حالة من الحنق والغضب المشروعين والمبرر متابعات وصحف ين في نفوس الغالبية العظمى من المواطنين الأردنيين من شتى المنابت والأصول، وإذا صح أن الضابط الأردني أبو زيد، منفذ عملية إطلاق النار هذه ينتمي إلى "الدولة الإسلامية" فإن هذا سيشكل صدمة للأردنيين حكومة وشعباً، لأن هذا يعني أن هناك خلايا نائمة للدولة في الأردن، ولكن لا يوجد أي دليل حتى الآن يؤكد أن هذا الاحتمال قائم وينطوي على شيء من الصحة، ولكن من الصعب استبعاده كلياً على أي حال.
من الواضح أن التوقيت مهم، وله دلالات رمزية عديدة بالنسبة إلى "الدولة الإسلامية"، فعملية إسقاط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ تزامن مع الذكرى السنوية الأولى لتقديم جماعة أنصار بيت المقدس التي تشن عمليات إرهابية ضد الجيش المصري في سيناء البيعة للخليفة أبو بكر البغدادي زعيم "الدولة الإسلامية"، وإعلان سيناء ولاية تابعة له ودولته.
الأردن أدرك منذ اللحظة الأولى خطورة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليه وأمنه والمنطقة بأسرها، ولذلك سارع بالانضمام إلى التحالف الدولي الستيني الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على هذا التنظيم، وبادر إلى إرسال طائرات، وقوات خاصة للمشاركة في هذه الحرب، ومن الطبيعي أن يثير هذا الانضمام غضب "الدولة الإسلامية".
مسارعة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى زيارة الجرحى الذين أصيبوا في هذا الهجوم للتضامن معهم، والاطمئنان عليهم، ووضعه إكليل من الزهور على النصب التذكاري الذي أقيم تخليداً لضحايا تفجيرات الفنادق عام 2005، تؤكد أن الأردن يولي أهمية خاصة لمواجهة مثل هذه الهجمات الدموية، وتحصين جبهته الداخلية في مواجهتها، والتصدي لأي محاولات لاختراقها.
الأردن الذي يواجه أزمات مالية خانقة بسبب جحود جيرانه الأغنياء في بعض الدول الخليجية، وحجم الأعباء الأمنية المكلفة الواقعة على عاتقه من جراء الفلتان الأمني في دول الجوار، وكذلك تدفق أكثر من مليوني لاجئ سوري إلى أراضيه، وكان كريماً ومتسامحاً ومسؤولاً في التعاطي معهم واحتضانهم، على عكس معظم الدول العربية والغنية منها على وجه الخصوص، هذا الأردن ليس بحاجة إلى أي أزمات أو صدمات أمنية جديدة على غرار هذا الهجوم الأحدث، لأن رأس ماله الأكبر هو استقراره الداخلي، طبعاً إلى جانب عقوله وثروته البشرية الأغنى، وقيم التعايش التي رسخها بين كل مواطنيه وضيوفه، في منطقة تغلي بالانقسامات الطائفية والعرقية.
ساحة النقاش