<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء = عبد الله الدامون
كل شيء سيكون في موعده!
مايو 24، 2015، العدد: 2689
الانتخابات يجب أن تكون في موعدها، يعني في شهر شتنبر المقبل، لذلك فإن الأحزاب تهدد وتتوعد حتى لا يتم تأجيلها، فالديمقراطية لا تحتمل التأجيل. تخيلوا المغرب بدون ديمقراطية.. شيء مرعب حقا!
الانتخابات يجب أن تكون في موعدها لأن الناس الذين تعوّدوا على الديمقراطية لا يمكنهم أن يعيشوا بدونها. ثم إن الانتخابات عندما تتأجل، المرة تلو الأخرى، فإن الميوعة تتسرب إلى الديمقراطية وتتراجع البلاد إلى الخلف، والمغاربة شعب لا يحتمل التخلف.
الانتخابات يجب أن تكون في موعدها لأن الدكاكين الانتخابية يجب أن تـُفتح في موعدها. تخيلوا تلك الأحزاب المسكينة التي «هبّطتْ الرّيدو» قبل سنوات، أي بعد آخر انتخابات، وهاهم زعماؤها يفركون أيديهم اليوم وينتظرون الزبائن، عفوا.. المرشحين المحتاجين إلى تزكيات حزبية.. هل نصدمهم مرة أخرى ونقول لهم إن الانتخابات تأجلت؟ هذا شيء لا يمكن أن يكون.
الانتخابات يجب أن تجرى في موعدها لأن الناس المساكين الذين تعوّدوا على قبض المائة درهم كل خمس سنوات مقابل التصويت نفد صبرهم. لقد اشتاقوا إلى الانتخابات بعدما سمعوا أن سعر الصوت سيرتفع. إنهم يحبون بنكيران الذي زاد في سعر الحليب و»المازوط»، ويتمنون أن يهديه الله لكي يزيد أيضا في ثمن الصوت الانتخابي. عندهم حق.. فلا يمكن أن ترتفع أسعار كل شيء بينما تبقى الديمقراطية رخيصة.
الانتخابات يجب أن تجرى في موعدها لأن السماسرة يجب أن يشتغلوا في موعدهم. في شتنبر المقبل، يجب أن يكون سماسرة الانتخابات في كامل جُهوزيتهم حتى يكون العرس الديمقراطي كاملا لا تشوبه شائبة. السمسار المحترف والجاهز هو الذي يتصل به المرشح ويدور بينهما الحوار التالي:
المرشح: ألو.. واش انت واجد؟
السمسار: أنا واجْد… وحْتى انت خْصّك تـْكون واجْد
المرشح: شْحال عندك من راسْ؟
السمسار: عنْدي ما بين 3 آلاف و4 آلاف راس… فيهم الصّرْدي وفيهم العادي
المرشح: يمكن ما فْهمْتينيش.ما كنْهضرش عْلى لحْوالا ديال العيد الكبير.كنتـْكلّم على المُصوّتين اللّي كيْبيعو أصواتهم فالانتخابات
السمسار: عارْف عارْف.. ما كايْنش فرق. حْتى هُوما فيهم الصّرْدي وفيهم العادي. وفيهم حْتى الناطح والمنطوح
المرشح: كيفاش..اشرح لي
السمسار: الصّرْدي هو اللّي كنْخلّصوه بّوحْدو وهو كيتكلّف بعائلْتو كلّها.. يعني بّاه ومّو وخالْتو ونْسيبتو وزيد وزيد..
المرشح: والعادي؟
السمسار: العادي هو اللّي كنْخلّصوه وكيصوّت بّوحْدو بْلا زيادة بلا نقصان
المرشح: والناطح؟
السمسار: الناطح هو اللّي كنْخلّصوه وكيقبْض الفلوس وما كيْصوّت حْتى عْلى شي منْطيح.. لا عْليك لا عْلى غيرك
المرشح: والمنطوح؟
السمسار: المنطوح فهاد الحالة هو انت..
المرشح: تْبارك الله عْلينا وخْلاص.. صافي وجّدْ لي الصّردي والعادي.. والنّاطح خُوذو انت.. الله يعاون..
ما يُشبه هذا الحوارَ يجري يوميا وآلاف المرات بين السماسرة والمرشحين قبل وخلال الانتخابات، لذلك فإن وزارة الداخلية لم تبق مكتوفة الأيدي وقررت معاقبة المخالفين بشدة، طبعا ليس السماسرة وتجار الأصوات، بل الصحافيين الذي يتجرؤون على إجراء استطلاعات الرأي قبل الانتخابات. أروع ما في هذه البلاد هو القوانين. يدخل اللص من النافذة فيتم القبض على صاحب المنزل الذي دخل من الباب. ربما لهذا السبب سموها أجمل بلاد في العالم!
يتذكر المغاربة أنه قبل بضع سنوات، وقف شخص، يدعى محمد بوهريز، أمام القضاء بتهمة شراء أصوات انتخابية، والدليل كان تسجيلا موثقا وحرفيا لمكالمات بينه وبين امرأة «تـُسمْسر» في الأصوات الانتخابية بطنجة، وكانت التهم ثابتة كالحجر، وتمت إدانة هذا الشخص والحكم عليه ابتدائيا بالغرامة والمنع من الترشح لسنوات طويلة، وها هو اليوم يشغل منصب المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار بطنجة وتطوان ويستعد لدخول الانتخابات المقبلة بكل ما أوتي من قوة ومن أحزمة المال بعد أن أخلت محكمة الاستئناف سبيله بدعوى أن» التنصت على هاتفه لم يكن قانونيا«.
هل بهذه الطريقة سنحارب الفساد الانتخابي ونشجع الناس على صناعة مستقبل حقيقي للديمقراطية في البلاد؟ وهل بهذه الطريقة سنقول للأجيال الجديدة إن المستقبل مختلف عن الماضي وأنه لا مكان للفاسدين في رسم ملامح مغرب الغد؟
نحب التفاؤل ونقول لأنفسنا إن المغرب سيتغير وإن الانتخابات المقبلة ستكون عرسا ديمقراطيا حقيقيا، فنُفاجأ في كل مرة بنفس العرس المخيف.. العْروسة حمْقا والعْروس اعْور والبقـْرة جايْفة.. والقـْوالْب… بْزّاف ديال لقـْوالـْب!
ساحة النقاش