http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--<!--

الحرب في اليمن.. سيناريوهات وكلفة المعركة البرية

 

الحرب في اليمن.. سيناريوهات وكلفة المعركة البرية

 

 

بعد دخول الضربات الجوية نفقا مسدودا دون حسم

 

 

المساء = مصطفى واعراب

مايو 14، 2015، العدد: 2681

في وقت دخلت الحرب الجوية للتحالف العربي في اليمن شهرها الثاني دون أثر فعلي على الأرض، لا يبدو من خيار آخر أمام السعودية التي تقود التحالف سوى وقف ضرباتها الجوية ما يعني انهزامها، أو الدفع بالحرب إلى أبعد مدى وفي اتجاه المجهول، من خلال القيام بإنزال بري صعب ومكلف جدا. فما هي الآفاق المحتملة لـ«المغامرة» السعودية «المجنونة»؟ كما أسماها خبراء ومراقبون على إطلاع دقيق بالوضع اليمني والإقليمي، بينهم جمال بنعمر الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، ولماذا طال تردد السعودية في الإعلان عن بدء التدخل البري لحسم الموقف ميدانيا في اليمن، ضد تحالف الحوثي وعلي عبد الله صالح؟ وهل تنتهي«عاصفة الحزم»بخسارة التحالف مواجهته الجوية(والبرية المحتملة)مع الحوثي، كما يتوقع خبراء؟ التحليل التالي يرصد أبرز المستجدات الإخبارية والاستخباراتية التي تسمح بفهم ما يجري وما يحتمل وقوعه على الأرض اليمنية، في ضوء حسابات القوى الإقليمية والدولية المتضاربة وكذا تعقيدات الوضع اليمني المُرَكَّب.

دشنت الحرب التي تقودها السعودية ضد تحالف الحوثيين مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في أسبوعها السادس منعطفا جديدا خطرا، من شأنه أن يفتح أبواب المجهول على اليمن ومعه المنطقة بكاملها. فقد بات الوضع الميداني أكثر تفجرا وأكثر تعقيدا من ذي قبل، باستهداف الحوثيين لمدينَتيْ نجران وجازان السعوديتين الحدوديتين بما يعني أنهم قادرون على نقل الحرب إلى الداخل السعودي. وأظهرت الصور المتداولة في وسائل الإعلام السعودية آثار القصف على منطقة نجران، وقد تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عدد من المدنيين، فضلا عن إلحاقه أضرارا بمباني بينها مدرسة أطفال ومنزل صحفي وتدمير عدة سيارات.
وردت السعودية على قصف الحوثيين بأن نقلت يوم أول أمس آليات حربية ضخمة على
حدودها البرية مع اليمن، التي تحولت إلى ساحة مواجهة وتبادل للقصف المدفعي بين الجانبين.وهذا تطور جديد بالغ الخطورة يؤشر على احتمال أن يطول أمد الحرب.
أما في أجواء اليمن، فتواصلت الطلعات الحربية لطيران التحالف وزادت عنفا
وتدميرا، فاستهدفت بشكل مباشر هذه المرة حياة علي عبد الله صالح وأسرته من خلال تدمير قصره في العاصمة صنعاء كاملا، فجر الأحد الماضي. وحملت المستجدات الحربية المتلاحقة أخيرا وليس آخرا، نبأ يخرجنا نحن المغاربة من ترددنا ويدفعنا إلى مناقشة مآلات الحرب. ويتعلق الأمر بإسقاط الحوثيين طائرة مغربية مقاتلة يوم أول أمس، وكانت تنتمي إلى سرب طيران التحالف الذي تقوده السعودية ولف الغموض مصير قائدها المغربي.
لقد منحت التطورات المستجدة في هذا الأسبوع السادس من عمر الحرب المستعرة
نفسا جهنميا جديدا لا يشي بقرب وشيك لمجرياتها، إذ بدل أن يستسلم الحوثيون كما تشترط السعودية، زادت شراستهم وصمودهم. وخرج حليفهم الرئيس اليمني السابق من مخبئه ليرد على السعودية ومعها دول التحالف بتهديد صريح وجهه من أمام باب قصره المدمر من عواقب وخيمة سوف تواجهها، في حال مواصلة عملياتها العسكرية المعروفة إعلاميًّا ويا للمفارقة باسم «إعادة الأمل». ووصف الحرب بأنها: «عمل غير مبرر ومستهجن ضد الشعب اليمني».وأضاف صالح أن عمليات التحالف الحربية تستهدف كل اليمنيين، الذين دعاهم جميعا بالمناسبة إلى حمل أسلحتهم على أكتافهم، ورؤوسهم على أكفهم لمواجهة «هذا العدوان الجبان»، مردفا: «لقد استهدفونا من صنعاء حتى عدن ومن حضرموت حتى بيتي، وهي حرب إبادة، حرب ثأر وحقد على الشعب اليمن». ثم تحدى صالح قوات التحالف أن تشرع في عمليات حربية برية حتى يقابلها اليمنيون على الأرض ويُظهروا لها قوتهم

 

لماذا تأخر الإنزال البري؟

 

إن دعوة الرئيس اليمني السابق السعودية وحلفاءها أن «ينزلوا للأرض» في نزال للتحدي، تعيد طرح الأسئلة المحيرة نفسها المطروحة منذ قيام الحرب.فمنذ إنهاء التحالف العربي السني الذي تقوده السعودية عملية«عاصفة الحزم» في 21 أبريل الماضي وإطلاق بدلها عملية«إعادة الأمل»، لم يتحرك الوضع الميداني على الأرض في اتجاه تحقيق (إعادة الأمل) إلى اليمنيين من خلال وقف الضربات الجوية، ولا هو تحرك في اتجاه المواجهة البرية الحاسمة.
ينبغي التذكير بأن عملية «إعادة الأمل « تهدف رسميا إلى استئناف العملية
السياسية في اليمن وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل. وأيضا العمل على حماية المدنيين اليمنيين من عدوان الحوثيين، ومكافحة الإرهاب وتيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف الإغاثة والمساعدة الطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة، وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية. وكذا التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية وحلفائها، ومنعها من التحرك داخل اليمن ومن استخدام الأسلحة المنهوبة من معسكرات الجيش اليمني أو المهربة من الخارج. واستمرار فرض الحظر الجوي والبري على اليمن والقيام بأعمال التفتيش لمنع تسليح الحوثيين، وذلك تنفيذًا لقرار الأمم المتحدة.
وإلى جانب ذلك، نصت عملية «إعادة الأمل» على دعوة مؤتمر للمانحين من أجل
إعادة إعمار ما دمرته الحروب في اليمن. وفي حال فشل جهود استئناف العملية السياسية، نصت العملية على أن يخوض التحالف العربي حربا برية لإعادة السلطة الشرعية إلى الحكم في اليمن.
لكن بعد ثلاثة أسابيع من إطلاق العملية، لم تحقق أيا من أهدافها فيما تستمر
الضربات الجوية على معاقل الحوثيين شمال اليمن (صعدة) ومواقعهم الحربية في الجنوب الذي يواصلون الزحف عليه رغم الضربات الجوية الموجعة. كما تتواصل المناوشات على الحدود اليمنية السعودية. فكان منتظرا بالتالي أن تطلق السعودية التي تتزعم التحالف العربي العملية البرية الموعودة من أجل حسم الموقف نهائيا على الأرض، بدل موقفها المطبوع بالتردد. ويبدو أن التردد السعودي يجد تفسيره في رفض أبرز بلدان «الحلف السني» وهي مصر وباكستان وتركيا المشاركة في أية حرب في اليمن، كما يجد تفسيره وجود خلافات مفترضة داخل الأسرة السعودية الحاكمة نفسها، وفي عدم الاتفاق حتى الآن على خطة للتدخل البري.
وهذه الاعتبارات وأخرى غيرها يدرك تفاصيلها الرئيس السابق وحلفاؤه الحوثيون
عندما يتحدون التحالف العربي أن ينزل إلى الأرض. لكنهم يدركون كذلك بأن منطق الحرب الحالية يقود الأمور حتميا نحو مواجهة برية، سوف تقوم مهما طال أمد التردد الذي يفرضه الإعداد الدقيق لها.
وفي إطار مساعي الإعداد للحسم البري، تندرج اتصالات المسؤولين السعوديين
المكثفة أخيرا بحلفائهم التي تسارعت. وفي إطارها كذلك زار الملك محمد السادس السعودية قبل أيام، مرفقا بالجنرال دوكور دارمي بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية.

سيناريوهات الحرب البرية
في غضون ذلك، تتحدد شيئا فشيئا سيناريوهات الحرب البرية التي باتت وشيكة
بعد أن نقلت السعودية آليات ثقيلة على حدودها مع اليمن، ووجهت نداء إلى رعاياها بعدم زيارة هذا البلد ضمن جملة إجراءات احترازية استعدادا منها للحرب البرية. وكانت تقارير استخباراتية أفادت بأن وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان أقر خطة للتدخل البري في اليمن، من المتوقع أن ينطلق تنفيذها نهاية الشهر الجاري. وذلك رغم ما يروج عن خلافات داخل الأسرة الحاكمة بالسعودية حول الحرب في اليمن. وكشفت تقارير إخبارية بأن الولايات المتحدة الأمريكية يحتمل أن تشارك في العمليات البرية بمبرر حماية المصالح العالمية في اليمن، حيث سيتولى جنود المارينز احتلال عدن ومنطقة باب المندب، إضافة إلى مناطق في شبوه وحضرموت. فيما تتولى قوات خاصة من عدة دول عملية إسناد جوي وبري لقوات الجيش اليمني الموالية للشرعية وحزب الإصلاح والميليشيات الشعبية التي تقاتل الحوثيين حاليا.
ويتردد كذلك أن الجيش السعودي لن يشارك بصورة كبيرة في الغزو البري، بل سوف
يكتفي بتعزيز مواقعه على الحدود مع اليمن ويركز مع دول أخرى على مهمة إسناد المسلحين المساندين للشرعية، وأن هذه العمليات ربما تجري بغطاء من مجلس الأمن بعد أن تقدم السعودية مشروع قرار جديد لمجلس الأمن يتيح التدخل العسكري في اليمن بذريعة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الصادرة تحت البند السابع.
وفي ظل خفوت حماس الأطراف العربية والإسلامية في دعم الحرب، يرى محللون
وخبراء عسكريون بأن قرار التدخل البري بات نافذا وسيجري تنفيذه حتى لو اضطرت السعودية إلى خوضه منفردة، مع إشراك قوات رمزية من بعض الدول تحت غطاء التحالف العربي الجوي. وهو سيكون لا مفر منه بالنسبة لها، بعدما بات الحوثيون يشكلون – ومن خلفهم إيران- تهديدا استراتيجيا كبيرا للمملكة، ليس فقط بالسلاح الذي يمتلكونه وقد تم تدمير جزء كبير منه، ولكن أيضا بسبب تنامي قوة ونفوذ ودور مليشيات التمرد الحوثي السياسي في اليمن.
والهدف الأساسي المرسوم لهذا التدخل البري المحدود هو فقط إسناد قوات الجيش
اليمني التابعة للرئيس هادي إلى جانب القوات الشعبية لحزب الإصلاح والقبائل المؤيدة للسعودية، وهي المرشح الأكبر للاستفادة لاحقا من الدعم المالي لعملية «إعادة الأمل». وكان هذا الدعم قد توقف لفترة في عهد الملك الراحل عبد الله نكاية في الإخوان المسلمين، ما أعطى الحوثيين الفرصة للانقلاب على السلطة اليمنية الشرعية.
وبرأي خبراء فإن التدخل البري سينطلق من مدينة عدن التي تشكل أولوية قصوى
في أية عملية للتدخل البري أو الإنزال البحري. وذلك بهدف تهيئة المدينة لاستقبال السلطة الشرعية. ولأجل ذلك يحتمل أن تتلافى المواجهة البرية تحصينات الحوثيين فيتم الاكتفاء بضربها بالطائرات، مع اتباع مسار بري يتجنب إلى حد كبير المناطق التي يتحصن بها الحوثيون جيدا، تفاديا لتكبد خسائر كبرى.
وبخصوص تفاصيل سيناريوهات الحرب البرية،كشف المحلل السياسي اليمني أحمد
الصباحي في تصريحات صحفية بأن المملكة العربية السعودية كانت أمامها ثلاثة سيناريوهات من أجل إنجاح عاصفة الحزم(قبل 21 أبريل الماضي)، لكنها صدمت برفض كل من مصر والإمارات. فلم تنفذها المملكة لأنها كانت معقدة عليها لوحدها.
السيناريو الأول كان يقضي بالاعتماد على الإخوان المسلمين وقوبل برفض
إماراتي مصري وهو ما خلق خلافات كبرى. وأما السيناريو الثاني فكان يقضي بالاعتماد على القبائل والمليشيات اليمنية، لكنه اصطدم برفض أمريكي لأن الولايات المتحدة لا تعلم أين سينتهي الدعم من السلاح المفترض إعطاؤه لتلك الأطراف اليمنية. وتخشى أن يقع في يد جماعات متطرفة من قبيل تنظيم القاعدة الذي يقاتل عناصر منه في صفوف المقاومة الشعبية في الجنوب، كما يسيطر على أجزاء واسعة من حضرموت.
أما السيناريو الثالث،فيتمثل في الاعتماد على التدخل البري المباشر،وهو
الأصعب بين السيناريوهات الثلاثة لكون الجيش السعودي لا يستطيع التوغل وحيدا داخل الأراضي اليمنية، بعد رفض باكستان طلب الرياض وأيضا بعد انسحاب تركيا وابتعاد مصر. فما كان أمام السعودية سوى توقيف عاصفة الحزم الجوية لبحث جميع الخيارات، مع مواصلة الضربات الجوية كلما لزم الأمر.
لكن (رودجر شانهان) الأستاذ المساعد بمعهد لوي الألماني يستبعد من جانبه،
في تصريحات لقناة تلفزيونية ألمانية بأن يصل الأمر إلى حد القيام بتدخل بري في اليمن، وأضاف بأنه سوف يندهش «إذا قاد السعوديون عملية برية واسعة النطاق، لأن اليمن مجتمع ذو تركيبة معقدة. وآخر مرة تصدى فيها السعوديون للحوثيين لم يكن أداء قواتهم البرية على وجه الخصوص جيدا، رغم أن الحوثيين كانوا أقل قوة من الآن».
وتعضد الرأي ذاته (سوزان دالجرين) الأستاذة المساعدة بمعهد الشرق الأوسط في
الجامعة الوطنية بسنغافورة، إذ ترى بأن السعودية سبق أن استخدمت قواتها الجوية ضد الحوثيين في عام 2009 لكنها لم تنتصر عليهم. ولذلك فإن على السعوديين: «أن يكونوا أكثر حذرا، فهم حتى الآن لم يقصفوا المناطق المزدحمة بالسكان، ومن الضروري أن تقبل أغلبية الشعب اليمني التدخل العسكري لضمان نجاحه».

 

تفاقم عزلة السعودية

 

رغم أن قائدة التحالف العربي السني ما زالت تحظى بدعم أغلب دول الخليج والمغرب والسودان، وحتى دعم بلد غير عربي مثل السنغال التي أعلنت أخيرا عن إرسال 2100 جندي للمشاركة في الحرب ضد «المتمردين الحوثيين في اليمن»، إلا أن الحديث لم يعد سرا عن وجود صعوبات تواجه المملكة في الاعتماد على حلفاء عربا في التدخل البري المنتظر بعد خلافها مع الإمارات ورفض مصر التدخل البري وعدم وضوح موقفها. والملاحظ في هذا الصدد أن وسائل إعلام مصرية [لا توجد حرية تعبير حقيقية في مصر] لا تتوقف عن الحديث عن فشل أي حرب برية لو قامت. كما أن صحفيين وكتابا مصريين معروفون بولائهم للمؤسسة العسكرية في مصر كشفوا كون الإمارات هي التي كانت وراء إيقاف عاصفة الحزم بالتعاون مع مصر وأمريكا. وهكذا كشف الإعلامي الشهير مصطفى بكري أن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كان له دور كبير فيما أسماه «وقف إطلاق النار باليمن»، من خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.
وأضاف بكري المعروف بتقربه من حكام أبو ظبي في برنامجه التلفزيوني (حقائق
وأسرار) على قناة (صدى البلد) الخاصة المملوكة لأحد رجال الأعمال من «فلول مبارك»، بأن الشيخ محمد بن زايد التقى لهذه الغاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير دفاعه وعدد آخر من المسؤولين الأمريكيين.
وترجح تصريحات بكري صحة ما تردد من كون زيارة ولي عهد أبو ظبي لواشنطن هدفت
أساسًا إلى وقف الحرب في اليمن من أجل إنقاذ حليفه علي عبد الله صالح،ومنع مصادرة أمواله التي تقدر بـ60 مليار دولار،ويقال إن غالبيتها توجد في بنوك إماراتية . وكانت تقارير أفادت بأن ولي عهد أبو ظبي قد فشل في إقناع القيادة السعودية برؤيته لحل الأزمة في اليمن، والتي تقوم على محاولة استيعاب حليفها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح المتحالف مع الحوثيين.
وينبغي التنبيه هنا إلى أن رؤية ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل
نهيان للوضع اليمني تتميز باعتبار « التحرك لإنقاذ اليمن لا ينبغي أن يقتصر على الجانب العسكري أو الأمني فقط؛ بل سيمتد إلى الجوانب التنموية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية لأهميتها في دعم الشعب اليمني حتى يتمكن من التغلب على التحديات كافة». بحسب تصريحات منسوبة إليه.
وفيما يتعلق بعملية إعادة الأمل، قال ولي عهد أبو ظبي في تصريح سابق: «إننا
ومن خلال إعادة الأمل ننتقل إلى مرحلة جديدة في التصدي للتطورات والأحداث المؤسفة في اليمن بعد أن تمكنا من تحييد الخطر الواضح الذي يمتد خارج اليمن». وفي ذلك إشارة ضمنية لعدم الرغبة في اللجوء إلى الحرب البرية.
وقد زادت الخلافات بين الإمارات والسعودية بشأن عملية عاصفة الحزم في
الآونة الأخيرة، كما زادت ضغوط واشنطن على الرياض من أجل إيجاد مخرج للحرب الحالية،وفق ما نشرت صحيفة (لوس انجلس تايمز) أخيرا نقلا عن مصادر أمريكية وثيقة. ويأتي ذلك كله في سياق تخلي كل من باكستان وتركيا وهما البلدان الإسلاميان القويان عن دعم أي حرب في اليمن، ما يفاقم عزلة السعودية التي تقود التحالف العربي ويضعف موقعها.

 

اليمن منهار تماما!

 

في ظل كل هذه التطورات المتلاحقة، من المفترض أن تكون بدأت فجر أول أمس الثلاثاء هدنة إنسانية مقرر لها أن تدوم خمسة أيام، على أمل أن يسمح وقف النار بإيصال المساعدات الإنسانية إلى حوالي خمسة وعشرين مليون يمني، كان سوادهم الأعظم يعيشون تحت عتبة الفقر حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة. فاليمن الذي ليس سعيدا يعتبر كما لا يخفى ضمن أكثر بلدان الأرض فقرا. ولا يمكن بالتالي للدمار الهائل الذي أحدثته الضربات الجوية وشمل الإنسان والبنى التحتية إلا أن يزيد من تفاقم بؤس البلد وأهله.
لكن ما هو أكثر خطرا من ذلك على مستقبل البلد هو تدمير مستقبله، من خلال
التمزق الذي يمس بعمق نسيجه الاجتماعي وتركيبته العرقية والمذهبية شديدة التعقيد.. حتى أن اليمن لن يعود قادرا على الوجود مستقبلا كدولة، بالمفهوم المتعارف عليه لكلمة دولة. ويعني ذلك أن هجوم المتمردين المستمر في اليمن بطرق متعدّدة ليس سوى استمرار لما عاشته هذه الدولة العربية منذ تأسيس نظام حكمها الجمهوري في عام 1962. كما يعكس الانقسام الحاد للمؤسسة السياسية في البلاد منذ أحداث الربيع العربي في عام 2011م أن العشرين عامًا التي تلت الوحدة اليمنية في عام 1990 لم تكن سوى حالة استثنائية في تاريخ اليمن. لحظة زمن استثنائية انتهت فعاد البلد مُجددًا إلى حاله الطبيعي المتميز برفض التعايش بين مكوناته ككيان سياسي متماسكٍ، بسبب صراع القوى الجغرافية والطائفية والمذهبية المختلفة، وبسبب التدخلات الخارجية المتضاربة المصالح.
لقد انطلقت مليشيات حركة التمرد الحوثي المنتمية مذهبيا إلى الطائفة
الزيدية الشيعية من معاقلها في شمال اليمن (صعدة) نحو العاصمة صنعاء، فاحتلتها العام الماضي، لتزيد تعقيدا الوضع المعقد من الأصل. وبينما كان اليمن على وشك أن يقر مشروع دستور جديد، عارضه الحوثيون وخطفوا رئيس الوزراء التقنوقراطي للحيلولة دون المضي قدمًا في المصادقة على الوثيقة الدستورية، لأنها تنص على إعادة تنظيم اليمن وتقسيمه إلى ست مناطق إدارية. بينما يطالب الحوثيون بقيادة عبد الملك الحوثي ورجال القبائل الموالية لهم بتقسيم اليمن إلى منطقتين فقط (اليمن الشمالي واليمن الجنوبي)، بما يسمح لهم بتحقيق توسع جغرافي كبير في البلد على حساب مكونات البلد الأخرى.
وبحسب معهد (ستراتفور) دائما، فإن الحركة الحوثية لا تسعى إلى استبدال
النظام السياسي السائد في اليمن والذي يُهيمن عليه الجيش اليمني الذي أنشأه الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وبدلاً من ذلك فإن الحوثيين يسعون إلى أن يكون هناك حاكمان في نظام تقاسم السلطة الجديد يحكمان مناطق إدارية في الشمال وأخرى في الجنوب. وهو الأمر الذي من شأنه أن يمنح الحركة الشيعية والانفصاليين الجنوبيين أغلبية السلطة، بينما خططوا لإسكات باقي الفصائل اليمنية الأخرى من خلال منحها بعض المناصب والمؤسسات. ولا مانع لدى الحوثيين بالسماح للحرس القديم بقيادة الرئيس «هادي» أن يحتفظوا ببعض صلاحيات الحكومة المركزية في صنعاء، على الأقل حتى تتمكن الحركة من ترسيخ موقعها، بينما يتمكن الجنوبيون من بسط نفوذهم على مزيد من الأراضي في مناطقهم الخاصة بهم.
وما شجع الحركة الحوثية على السعي إلى فرض هذا المطلب هو كونها شعرت بأنها
أصبحت أكبر قوة سياسية في البلاد. لكنها في الوقت ذاته لا تزال في الواقع محاصرة داخل بوتقة توازن الضعف المتمثلة في رباعي النظام القديم، والقبائل المناهضة للحوثي، وتنظيم القاعدة، والانفصاليين الجنوبيين. ومن غير المرجح أن يخرج الحوثيون من هذا النظام المقيّد والمرتبك في وقت قريب.
ولكن بالنظر إلى الصراع الطائفي الأوسع جغرافيًا والقائم بين المملكة
العربية السعودية والجمهورية الإيرانية – والذي أصبحت اليمن ساحة معركته الأساسية– وبحساب العدد الهائل من المعسكرات والفصائل المتنافسة داخل الحركتين الانفصاليتين الرئيستين في البلاد، فإن اليمن على المدى الطويل لن يكون قادرا على الوجود كدولة بالمعنى التقليدي للكلمة.

 

 

المصدر: المساء = مصطفى واعراب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 35 مشاهدة
نشرت فى 14 مايو 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,148