<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء = يوسف بلال
أوربا وإشكالية الهجرة
أبريل 27، 2015، العدد: 2667
انقلاب باخرة بالبحر الأبيض المتوسط على مسافة 120 كلم من جزيرة لامبدوزا الإيطالية، وعلى متنها أكثر من 900 شخص منحدرين من غانيا وزامبيا ونيجيريا والصومال ونيجيريا ومصر والجزائر، ومن ضمنهم 50 طفلا و200 امرأة، يشكل أسوأ حادث في التاريخ المعاصر للهجرة من إفريقيا إلى أوربا، وبالنسبة إلى القادة الأوربيين الذين عقدوا اجتماعا طارئا حول الموضوع. إن محاربة الهجرة السرية يجب أن ترتكز على آليات أمنية لمنع المهاجرين من الانطلاق، تتضمن استخدام القوة العسكرية لتدمير قوارب الشبكات الإجرامية.
أكيد أن حماية المهاجرين تقتضي اعتماد حلول أمنية تفكك الشبكات الإجرامية التي تستغل الفقر والبطالة والرغبة في حياة أفضل، لتنظم «رحلات موت» مقابل مبالغ مالية مرتفعة. غير أنه لا يمكن، في الواقع، محاربة من يسترزقون من أرواح المهاجرين بالإجراءات الأمنية فقط، إذ تجب إعادة النظر في السياسة الأوربية إزاء الهجرة في شموليتها لأنها مبنية فقط على التخوف من الأجنبي، وعلى حماية سوق الشغل الأوربية. وفي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كانت الدول الأوربية تشجع الهجرة المنطلقة من البلدان التي استعمرتها سابقا لأنها كانت تحتاج إلى يد عاملة في العديد من القطاعات الصناعية والفلاحية والخدماتية في زمن الازدهار الاقتصادي الذي شهدته أوربا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى أواسط السبعينيات من القرن الماضي المعروفة بـ»الثلاثين المجيدة». وبعد الركود الاقتصادي التي عرفته العديد من البلدان الأوربية، قررت هذه الأخيرة أن تقلص بشكل جذري من هجرة اليد العاملة الآتية من دول جنوب البحر الأبيض المتوسط.
واليوم، تريد أوربا أشياء يتناقض بعضها مع بعض، حيث تسعى إلى محاربة الإرهاب والتطرف، وتدعو في خطابها الرسمي إلى تطوير الديمقراطية وإلى ضرورة وضع حد للحروب التي تعرفها العديد من البلدان الإفريقية،من جهة؛ لكنها،من جهة أخرى،غير مستعدة لأنْ تؤدي الثمن الذي يتطلبه تحقيق هذه الأهداف وتأمين ترابها من المخاطر الخارجية، ولا تأخذ بعين الاعتبار الجوانب غير الأمنية للهجرة، بما فيها الظروف الاقتصادية والاجتماعية العصيبة التي تعيشها العديد من البلدان الإفريقية. وبالنسبة إلى المهاجر فإن قرار الهجرة ليس بالقرار السهل عليه، لأنه يتخلى عن أسرته ووطنه والمحيطيـْن الاجتماعي والثقافي اللذين نشأ فيهما، بحثا عن فرص عمل وظروف مادية أفضل في بلدان المهجر، لكن أوربا لا تقدر المهاجرين بالشكل الكافي ولا ترى في الهجرة فرصة للتبادل الثقافي وإغناء حياة مجتمعاتها.
ودون شك فإن المقاربة الأمنية، وبالخصوص محاربة الشبكات الإجرامية التي تنظم الرحلات السرية، أمر ضروري لتجنب كوارث مثل تلك التي وقعت في البحر الأبيض المتوسط؛ لكنه يجب، كذلك، على «القارة العجوز» أن تراجع سياستها الشمولية في مجال الهجرة وتنفتح أكثر على المهاجرين المنحدرين من إفريقيا،لأن تغييرا من هذا النوع قد يسمح لعدد أكبر من المهاجرين بأن يتوجهوا إلى أوربا بشكل قانوني، وقد يسحب البساط من تحت المجرمين الذين يستغلون القوانين الأوربية الخاصة بالهجرة للاسترزاق على حساب المستضعفين.
ساحة النقاش