<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء = يوسف بلال
تركيا وأوربا.. وإشكالية الذاكرة
أبريل 20، 2015، العدد: 2661
الأسبوع المنصرم، أصدر البرلمان الأوربي قرارا حول إعلان يوم 15 أبريل «يوم ذكرى ضحايا إبادة الأرمن» في كل بلدان الاتحاد الأوربي، وحث تركيا على الاعتراف بـ«إبادة الأرمن»، الشيء الذي يثير عدة تساؤلات حول الاستغلال السياسي لمفهوم الإبادة منذ استعماله لوصف القتل الجماعي لليهود في الحرب العالمية الثانية. ولا أحد يمكن أن ينكر أن قتل الأرمينيين في السنوات الأولى من الحرب العالمية الأولى من أسود صفحات تاريخ تركيا المعاصرة، مع العلم بأن عدد الضحايا تراوح ما بين ثمانية آلاف ومليون ونصف المليون ضحية.
من المؤكد أن الأرمن يستحقون الاعتراف بمعاناتهم واحترام ذاكرتهم الجماعية المتعلقة بالأحداث الأليمة؛ لكن أوربا غير مؤهلة لإعطاء دروس لتركيا في شأن الاعتراف بجرائم الماضي.. فإذا أخدنا، مثلا، قتل الجزائريين أيام الاستعمار الفرنسي، فإننا نجد أن عدد الضحايا قد تجاوز المليون ونصف المليون شخص، وبالتالي يكون من المشروع أن نطرح السؤال التالي: هل اضطهاد الجزائريين يشكل إبادة كما هي معترف بها دوليا؟
وإذا أخدنا مفهوم الإبادة كما هو متداول دوليا، فإننا نجده يشير إلى «جرائم القتل الجماعي المرتكبة في حق مجموعات معينة من البشر بقصد تدمير وجودهم كليا». وهذا التعريف ينطبق تماما على الجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري، بالخصوص في الفترة الممتدة ما بين 1954 و1962.والغريب في الأمر أن فرنسا لم تعتذر،ولو مرة،عن الجرائم البشعة التي ارتكبتها في الجزائر من قتل نساء وأطفال، وتعذيب ممنهج ضد المدنيين، بل الأدهى أن عددا من النواب الفرنسيين تقدم بمشروع قانون سنة 2005 يؤكد «الجوانب الإيجابية للاستعمار».
وأقصى ما ذهب إليه مسؤول فرنسي في الموضوع هو تصريح للرئيس فرانسوا هولاند الذي اعتبر استعمار فرنسا للجزائر «وحشيا وظالما»،لكنه لم يقدم أي اعتذار إلى الشعب الجزائري،ولا أحد طلب من الحكومة الفرنسية الاعتراف بإبادة الجزائريين.
ومادامت البلدان الأوربية لم تعترف، رسميا، بالجرائم التي ارتكبتها في حق الشعوب الإفريقية والآسيوية والأمريكية أيام الاستعمار ولم تعوضها معنويا وماديا، فإن المبادرات المماثلة للقرار الأوربي في شأن «إبادة الأرمن» معرضة للفشل، بل قد تساهم في تأجيج الأوضاع بين الطرفين التركي والأرميني وتحجب تحسين العلاقات بين البلدين بعد أن وقعا سنة 2009 اتفاقا تاريخيا لتطبيع العلاقات بينهما. وفي أبريل 2014، خطا رجب طيب أردوغان خطوة غير مسبوقة في تاريخ تركيا بعد أن تقدم برسالة تعزية إلى أحفاد الأرمن الذين قتلوا في أحداث 1915. وفي هذه الظروف، ردود الفعل التركية على قرار البرلمان الأوربي لا يمكن أن تكون إلا شديدة اللهجة بعد أن أكد رئيس الحكومة التركي «رفضه القاطع لهذا القرار المضر».
وأكيد أن العديد من الدول الأوربية منزعجة من النفوذ التركي في المنطقة، نفوذ ساهمت حكومة العدالة والتنمية في تطويره بشكل كبير انطلاقا من مرجعيتها الإسلامية وسياسة خارجية مستلهمة من الدولة العثمانية؛ لكن أوربا، في الواقع، تحتاج إلى تركيا أكثر من أي وقت مضى في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية على أبوابها.
ساحة النقاش