http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

المساء = عبد الله الدامون

لماذا تخافون علينا من العمى.. بينما نحن عميان أصلا؟!

مارس 24، 2015العدد:2638

عندما مرّ الكسوف من المغرب يوم الجمعة الماضي، تداول الناس نصائح ثمينة تقول إنه ينبغي النظر إلى الكسوف عبر نظارات سوداء «أوريجينال» أو عبر مناظير خاصة تحمي العين من الاحتراق. غير أننا في الماضي، أيام كنا أطفالا، غالبا ما كنا ننظر إلى الكسوف بالعين المجردة ونتنافس في من يُبقي عينيه مفتوحتين أكثر من غيره، ولا أذكر أن أحدا منا أصيب وقتها أو بعدها بالعمى، اللهم عمى الواقع فهذا شيء لا قِبل لنا به، لأن من يُبقي عينيه مفتوحتين أكثر من اللازم أمام شاشات التلفزيونات الرسمية فسيصاب بالتأكيد بالعمى، وهذا أسوأ أنواع العمى.
في طفولتنا، لم تكن هناك نظارات سوداء كثيرة، ومن كان يرتديها وقتها كنا
نعتبره إما من «المخزن» أو من «المافيا الإيطالية»، لذلك عندما كان يأتي الكسوف كانوا يجمعوننا في ساحة المدرسة ويحرقون بضع قطع من الزجاج إلى أن تتحول إلى قطع سوداء ثم يمررونها على التلاميذ واحدا واحدا، بينما الباقون ينظرون إلى الكسوف بالعين المجردة في انتظار أن تصلهم الزجاجة المحترقة !
يوم الجمعة الماضي، لم يستطع المغاربة تأمل الكسوف لا بالنظارات ولا بالعين
المجردة، لأن السماء تلبدت بالغيوم ومنعت الناس من العمى المحتمل، وهذه نعمة من الله، لأن الكسوف يشبه الفساد، لا ينبغي أن تنظر إليه بالعين المجردة، وإلا فإنك ستصاب بالعمى ولن تستطيع بعد ذلك النظر حتى إلى أرنبة أنفك.
يقول العلماء إن الكسوف يحدث عندما تصبح الشمس على مستوى واحد مع القمر
والأرض، فيلقي القمر ظلاله على الشمس ويحجبها فيحدث الكسوف. والغريب أن هذا ما يحدث تماما عندما تمر الميزانيات أمام الفساد، حيث يلقي هذا الأخير ظله عليها، فيحدث الكسوف ولا تظهر الميزانيات بعد ذلك أبدا، بعكس القمر الذي يظهر مباشرة بعد كسوف مؤقت.
لكن، رغم كل هذا التشابه بين كسوف الشمس وكسوف الميزانيات، فإن المغاربة
يحسون بالإثارة والانفعال عند مشاهدة كسوف الشمس مرة كل عشر أو عشرين عاما، بينما لا يخالجهم أي نوع من المشاعر وهم يرون كسوف الميزانيات يحدث أمامهم عشرات المرات كل يوم.
أجهزة الإعلام المغربية الرسمية وغير الرسمية تشجع بدورها الناس على رؤية
اختفاء الشمس خلف ظلمات القمر ولا تشجعهم على مراقبة اختفاء الميزانيات خلف ظلمات الأصابع؛ فكل مرة يـُتوقع فيها حدوث كسوف طبيعي للشمس مع القمر، تطبل وسائل الإعلام وشاشات التلفزيون للحدث وتشجع الناس على متابعة ذلك، لكنه لم يثبت ولا مرة واحدة أن حرض التلفزيون المغاربة على تتبع الحالات التي يمر فيها كسوف الفساد على الميزانيات ويحولها إلى ظلام دامس.
من أجل معاينة الكسوف الطبيعي، ينصحنا التلفزيون بضرورة التزود بنظارات
خاصة حتى لا نصاب بالعمى، لكن لم يسبق لهذا التلفزيون أن زودنا بنصيحة ما من أجل مشاهدة كسوف الميزانيات واختفاء الثروات، وهذا هو السبب الذي جعل منا شعبا لا يأبه لشيء، لأننا تعودنا على التحديق في مظاهر الفساد بالعين المجردة إلى أن أُصبنا بالعمى الكامل ولم نعد نرى شيئا رغم أن عيوننا مفتوحة عن آخرها.
شاهدنا بالعين المجردة الصفقات الضخمة تمر بين الكبار ثم صار الأمر عاديا
جدا إلى حد أننا صرنا نشفق على الناس النزهاء الذين يكتفون برواتبهم وأحلامهم الصغيرة؛ شاهدنا «الكوميسيونات» بمئات الملايير تمر في الحسابات السرية والعلنية حتى صار الأمر شبيها بمرور كأس ماء من يد إلى يد ولم نعد نهتم بذلك؛ شاهدنا، بالعين المجردة، الرشاوى العملاقة تحلق فوق الرؤوس وتحط في الأيادي المحظوظة ثم أصبح ذلك شيئا عاديا إلى درجة أننا صرنا نهاجم من ينتقد المسؤولين المرتشين والفاسدين، لأن الفساد هو الأصل، والنزاهة هي الاستثناء.
شاهدنا الكثير من المصائب بالعين المجردة حتى أُصبنا بالعمى ولم نعد نرى
شيئا؛ شاهدنا الآلاف من الخطابات المليئة بالأكاذيب والوعود الفارغة؛ وشاهدنا عشرات الانتخابات وهي تزور بطرق ووسائل لا يستطيع حتى إبليس اللعين ابتكارها؛ وشاهدنا أبناء كبار اللصوص وهم يدهسون الناس في الشوارع بسياراتهم الفارهة ويخرجون منها كما تخرج الشعرة من العجين؛ وشاهدنا الرعاة يتحولون إلى أصحاب ملايير بعد أن تاجروا في المخدرات وصاروا من أعيان القوم ووجهاء البلد ووصلوا إلى المجالس النيابية والبرلمان؛ وشاهدنا النصابين والمحتالين يبنون للمغاربة علب الوقيد ومجمعات سكنية مذلة ويجنون من وراء ذلك أموالا ضخمة يبنون بها لأنفسهم القصور والشاليهات في مختلف مناطق العالم ويقيمون لأبنائهم أعراسا وحفلات من زمن ألف ليلة وليلة؛ شاهدنا وشاهدنا أشياء كثيرة جدا بالعين المجردة إلى أن أُصبنا بالعمى التام.
لماذا تنصحوننا بعدم رؤية الكسوف بالعين المجردة مخافة إصابتنا بالعمى، بينما نحن عميان أصلا!؟

المصدر: المساء = عبد الله الدامون
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 26 مشاهدة
نشرت فى 25 مارس 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,337