<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = إيمان ملال
العَمى و العلم
ظهرت أخيراً حالات معدودة في العالم لمكفوفين استطاعوا رؤية شيء آخر غير العتمة عن طريق استعمال العين الصناعية التي تمّ التوصل إلى اختراعها في السنوات الأخيرة. وعلى عكس ما يمكن التفكير فيه، فإن تلك العين الصناعية لم تمكّن المكفوفين بعد من رؤية العالم الخارجي كما هو، حيث تسمح لهم فقط برؤية أشكال الأشياء بالأبيض والأسود، وقد تمّ رصد انفعالات تلك الحالات التي خضعت لتجارب هذه العين عند استعمالها لأول مرة وكانت المشاهد مؤثرة بالفعل. ويُتوقع أن يتم تحسين وظيفتها في السنوات القادمة لتصبح قادرة على نقل صور حقيقية عن العالم كما هو بأشكاله وألوانه. هل يمكننا إذن أن نستبق الأحداث ونقول إن العلم غلبَ العمى؟
إن هذه الاختراعات وغيرها إنما تؤكد على أنه ليس بإمكاننا التنبؤ بالحدود النهائية التي سوف يستحيل على العلم أن يتجاوزها دون أن نسير معه في طريقه نحو هذه الحدود، و هذا معناه أنه لكي نلمس المستحيل يجب أوّلا أن نشق طريقنا نحو أقصى حدود المُمكن. وربما هذه إحدى الحالات النادرة التي يتم فيها استعمال العلوم لأجل الوصول إلى ما يمكنه أن يخدم الإنسان بالفعل، لأنه مع القنبلة الذرية تطورت صناعة الأسلحة في منحى لا يمكن الإشادة به على الإطلاق، خصوصاً عندما ارتبط الأمر بالتجارة وأصبح صناعة قائمة بذاتها تهدف إلى جني الأرباح على حساب حياة البشر، ما أدى إلى إشعال حروب ضارية في بلدان كانت بالكاد تستطيع توفير الحاجيات الأولية لمواطنيها، لتتصدر بعد ذلك قائمة الدول التي دخلت سباق التّسلح في وقت لا زالت تخسر فيه سباق التنمية.
إن هذه المفارقة موجودة في المجال الطّبي بالقدر نفسه من الخطورة، منذ أن أصبح الدواء سلعة لها ثمن وتُباع وتشترى في أسواق عالمية تحتكرها شركات معينة، ليفقد بذلك وظيفته الأساسية كأداة تساعد في القضاء على الأمراض، وأصبح هناك من يملك مصلحة في انتشار أمراض في مناطق معينة، ناهيك عن استفادته من نتائج الحروب المدمرة، وذلك كي يستطيع تسويق بضاعته، كما تفعل شركات الحماية الإلكترونية التي تصنع الفيروسات وتسوّق في الجانب الآخر مضادات لها.
مع كل هذه المظاهر يصعب علينا أن نؤكد بسرعة فرضية محاربة العلم للعمى، لأنه كلما ارتبط بالتجارة أصبح هو نفسه المروّج لسياسة العمى الإنساني. فإذا كان المكفوف يرى العتمة فقط، فإن المبصر يرى الباطل وقد لا يميّز بينه والحقّ.
وربما هناك اختراعات أخرى أهمّ من النظارات الصناعية والأسلحة المتطورة ومن تقنيات تعديل الجينات البشرية، بإمكان العلم أن يسخّر موارده البشرية والمالية لأجلها، رغم أنها ليست لمصلحته التجارية، مثل نظارات تساعد المُبصرين على التمييز بين الصّواب والخطأ، أو تقنيات متطورة تسمح بزرع جينات مسؤولة عن الوعي والأخلاق في الدماغ البشري.
ساحة النقاش