<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = رشيد أخريبيش
حزب المصباح ودموع التماسيح
بعد أن ضاقت الدنيا بما رحبت بحزب المصباح، وبعد أن وجد شعبيته قد وصلت إلى الحضيض، بعد تجربة كانت قاسية على المغاربة جميعا، بفعل جملة من القرارات اللامسؤولة التي اتخذها هذا الحزب، والتي كانت وبالا على جيوب المواطنين، عاد هذا الحزب بأسلوب جديد غير ذلك الأسلوب الذي كان قد ظهر به بعد الحراك الشعبي والذي أوصله إلى السلطة، إنه أسلوب البكاء والعويل أمام الشعب لكسب قلوب هؤلاء المغاربة الذين لدغوا من الجحر عشرات المرات، ودفعوا ثمنا كبيرا لاختيارهم هذا الحزب الذي انقلب رأسا على عقب، في اعتقاد منهم بأن ما خسروه في الساحة السياسية عبر العشوائية والتدبير السيء للعديد من الملفات، قادر على أن يعود عبر دغدغة العواطف والتأثير في المواطن المغربي، الذي يبدو أنه فهم اللعبة، ولم يعد لديه أدنى شك بأن هؤلاء قدموا له الوهم على طبق من ذهب.
جميل جدا أن تذرف الدموع في سبيل الشعب، وجميل أيضا أن نجد من ساستنا من يحرص على مصالح الشعب، وخاصة الشعب المغربي الذي عانى الويلات مع كل الحكومات المتعاقبة، والذي يستحق أكثر من التفاتة، ولو كان ذلك بالدموع التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لكن ما فهمناه وما يمكن للكثير من المتتبعين فهمه، هو مختلف تماما عما يروج له من طرف أنصار حزب العدالة والتنمية، الذين اعتبروا أن تلك الدموع التي ذرفت في الدشيرة من طرف السيد رئيس الحكومة أمام حشد من المواطنين، هي تعبير صادق عن الحب المتبادل بين رئيس الحكومة وبين المواطنين الذين أكدوا للسيد رئيس الحكومة بأنه في الطريق الصحيح حسب تعبير من يدافعون عن الحزب في السراء والضراء، والذين يحاولون توهيم المغاربة بأن حزب المصباح قد حقق إنجازات منقطعة النظير.
حتى لو صدقنا رواية أنصار حزب العدالة والتنمية، وحتى لو اعتقدنا بأن تلك الدموع التي ذرفها السيد بنكيران بريئة براءة الذئب من دم يوسف، ولا يسعى من ورائها إلى تحقيق أي مصلحة سياسوية، وحتى لو حاولنا إقناع أنفسنا بأن بكاء السيد رئيس الحكومة يحمل في طياته دلالات إنسانية لم يسبق لرجل مسؤول في الدولة أن أظهرها ، فإن هناك سؤال يطرح أمامه علامة استفهام ضخمة، ما الذي يجعل رئيس الحكومة يذرف كل هذه الدموع أمام حشد من المواطنين بمدينة الدشيرة بينما في المقابل نجده لا يحرك ساكنا إزاء العديد من المآسي التي حلت بالشعب المغربي؟
ولكي لا نتحدث من فراغ ولكي لا نكون ممن يلقي التهم جزافا، لا بد وأن نذكر كل من تعاطف مع السيد بنكيران، ومع دموعه التي ذرفها أمام حشد من المواطنين، ببعض الأحداث الأليمة التي حلت بالمغاربة، والتي كانت تستحق أن تذرف من أجلها الدماء وليس الدموع فقط، لكن دون أن نرى أي تحرك من رئيس الحكومة ولا من غيره تجاه تلك المآسي، فبعد فاجعة بوركون بالدار البيضاء والتي راح ضحيتها 23 شخصا والعديد من الجرحى، لم يكن من رئيسنا المبجل سوى أن يلتزم الصمت، ولم يكلف نفسه عناء حتى الانتقال إلى عين المكان للترحم على الأرواح الطاهرة، التي سقطت بفعل الإهمال القاتل، ولم نر منه حتى تصريحا يظهر تعاطفه مع من سقط في ذلك الحادث، ليس هذا فحسب فنفاق هؤلاء سيظهر جليا مع فاجعة الجنوب التي أودت بحياة أكثر من أربعين شخصا والعديد من المفقودين، فلم نسمع من رئيس الحكومة سوى الصمت أيضا، بل الطامة الكبرى أنه لم نر دموع رئيس الحكومة حتى عندما تم نقل جثث الضحايا في شاحنات للأزبال، في صورة مأساوية وفظيعة، أظهرت وقاحة من هم على رأس القرار، ليأتي الآن رئيس الحكومة ليذرف الدموع بدون مناسبة، ويحاول إظهار حبه للمغاربة في صورة مفضوحة تبين بما لا يدع مجالا للشك أن دموع السيد بنكيران ليست بريئة كما يروج لها بعض المحسوبين عليه.
بالفعل لا أحد ينكر بأن السيد رئيس الحكومة قد تألق بشكل كبير على مستوى الخطاب العاطفي، واستطاع أن يبهر الجميع ممن حضروا، خاصة بعد أن وجد نفسه ملزما بأن يذرف دموعا مزيفة أمام هؤلاء الحاضرين، لإقناعهم بما قدمه هو وأصدقاؤه في الحكومة، لكن للأسف الشديد فالأمر مختلف تماما عما يعتقده رئيس الحكومة الذي يراهن على الاستحقاقات المقبلة، التي ستحدد مصير حزبه الذي يبدو أنه يعاني من أزمات أكثر من أي وقت مضى. فالشعب المغربي ليس غبيا إلى درجة تصديق مثل هذه المسرحيات، فالنتائج على الأرض هي الكفيلة بإقناع المغاربة بمدى جدية الحكومة في الانتصار لقضاياهم، والالتزام بالوعود التي قطعها الحزب على نفسه قبل الوصول إلى سدة الحكومة.
على من يطبل الآن لحزب العدالة والتنمية أن يعرف جيدا أن الحزب ذهبت ريحه ولم يعد له ما يقدمه للشعب المغربي سوى تلك الخطابات العاطفية التي يبدو أن المغاربة قد سئموا منها، فمن حاول تركيع المغاربة على الدوام، ومن ساهم بشكل كبير في استمرار نهب ثرواتهم، عبر فتح الطريق أمام من كانوا يوصفون بالمفسدين والذين تبين أنهم نجحوا في استقطابه في النهاية، لن يستطيع أن يقنع المغاربة بأنه يسير في الطريق الصحيح.
ساحة النقاش