<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = محمد الأشهب
عندما لا يصبح روس مجرد سائح
في كل زياراته إلى المنطقة، لم يكن الموفد الدولي كريستوفر روس يقوم بجولات سياحية، هذا على الأقل ما يمكن استشفافه من توالي خططه، الهادفة إلى البحث في أفضل الصيغ الممكنة لاستئناف المفاوضات العالقة.
كما السياحة ليست سياسة، كذلك فإن أشكال المحاباة وعدم التزام حرفية الحياد المطلوب، لا تقلل من فرص نجاح المفاوضات، بل تساهم بشكل أو بآخر في تعطيلها. وإذا كان الأمر مفهوما حين يصدر عمن يعاكس الشرعية، ويسعى بكل الوسائل للإبقاء على حالات التوتر والجمود، فإن دور الموفد الدولي يكمن في تجاوز الأسباب التي تعيق مهمته، أقله على مستوى تنفيذ ما يتعين القيام به كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة.
في كل مرة تصل فيها المساعي الأممية إلى مأزق، يضطر المسؤول الأممي رقم واحد بان كي مون إلى التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها. وإذ يعكس تدخله الإحساس بوجود اختلالات أو محاولات انحراف عن المسار الطبيعي بجهود تكريس الحل السياسي الذي أقره مجلس الأمن، فإنه يجب أن يظل حافزا أمام كريستوفر روس وغيره من مسؤولي الأمم المتحدة، للحيلولة دون إعادة إنتاج الأسباب التي تؤدي إلى المأزق.
لم يغلق المغرب الباب في وجه جهود الأمم المتحدة في أي وقت، ذلك أن سجل تعاونه الكامل والمسؤول يشهد بأنه قدم أكبر ما يمكن من تنازلات للمساعدة في إنهاء التوتر. فهو من ذهب إلى الأمم المتحدة، بعد أن انحرفت جهود منظمة الوحدة الإفريقية عن المسار الصحيح، وهو كذلك من اقترح مقاربة الحكم الذاتي التي حركت الجمود الذي كان يهيمن على الملف. بل إنه تعمد إشعار الأمم المتحدة على أعلى المستويات بمخاطر أي انزلاق عن الأهداف المرسومة، المتمثلة في حرفية القرارات الدولية ذات الصلة.
وإذا كان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مرحبا به في أي وقت، فإن مصدر ذلك، الثقة في حياده والتزامه. ومن باب المسؤولية لم تتردد الرباط في الإشعار عندما يتعلق الأمر بسلوكات أو مواقف تحيد عن جوهر التسوية السلمية، وبالتالي فإن مجيء روس إلى المنطقة، يظل في جوهره مقترنا بما يعول عليه من إحداث الاختراق المطلوب في الواقع الراهن.
ما من طريقة لتحقيق هذا الهدف، غير التمسك بالمسار الحقيقي لآليات التسوية، وهي هنا تخص عدم الانطلاق من نقطة الصفر، واعتبار خلاصات الوسيط الدولي السابق بيتر فان فالسوم وثيقة ذات أهمية، خصوصا في خلاصاتها التي توصلت إلى أن استقلال إقليم الصحراء «ليس حلا واقعيا»، أي استبعاد كل التصورات التي تناقض هذه الخلاصة. ينضاف إلى ذلك الإبقاء على إطار المفاوضات المباشرة أو غير الرسمية في حدود الأطراف المعنية كافة، ودعم بعثة المينورسو في إطار المهام الموكولة إليها، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، دون أي تغيير.
هذه البديهيات لم يطرأ ما يحتم معاودة النظر فيها. وكل ما حدث أن الأطراف التي ترفض التعاون الكامل وغير المشروط مع جهود الأمم المتحدة، تحاول إغراق الملف في متاهات الجمود. ولم نسمع أي رد فعل، لا من طرف المينورسو ولا الأمم المتحدة، حين هدد قياديون في جبهة البوليساريو بمعاودة حمل السلاح، مع أن ذلك يشكل انتهاكا صريحا لدور بعثة المينورسو التي ترعى وقف إطلاق النار. ولم نسمع أو نعاين أي رد فعل، حينما تعرضت المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني إلى خرق قواعد الهدنة السارية، كونها تحظر أي نشاط عسكري أو مدني في المنطقة.
يقترن الترحيب بالموفد الدولي كريستوفر روس، كما في المرات السابقة، ومنذ تحمل مسؤوليته بالوفاء للتعهدات المسطرة، أي استئناف المفاوضات من منطلق رجاحة خيار الحكم الذاتي الذي وصفته قرارات مجلس الأمن بالمصداقية والجدية، ودفع كل الأطراف المعنية إلى تحمل مسؤولياتها لإنجاح المفاوضات المسؤولة. ينضاف إلى ذلك أن جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، حضت على تسهيل مهمة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في القيام بإحصاء دقيق للسكان المتحدرين من أصول صحراوية، المقيمين قسرا في مخيمات تيندوف جنوب غربي الجزائر.
اللافت في هذه النقطة بالذات، وهي كل لا يتجزأ من آليات الحل السياسي، أنه لم يتم التعاطي معها بالقدر الكافي من الصرامة. على أن أهمية هذا المحور تكمن في معرفة أي السكان معنية بالتسوية. والمفارقة أنه في الوقت الذي تميل فيه بعض الأطراف الأممية وغيرها إلى الحديث عن جبهة بوليساريو، يتم التغاضي عن الجزء الأكبر من مكونات المجتمع الصحراوي. ونعنى بها السكان المقيمين في الأقاليم الصحراوية المغربية. وليس هناك ما هو أكثر حيفا في حقهم وحق المغرب من محاولات تنصيب من ينوب عنه تعسفا، وضد كل القوانين والأعراف الدولية.
مرحبا بروس إذن، فهو يعرف جزئيات الملف. وليس مقبولا منه أو من غيره أي انحراف عن المسار الذي يجب أن تسلكه آليات التسوية، بكل حرفياتها ومضامينها وأهدافها.
ساحة النقاش