<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

فلاش بريس = حسن البصري

إطفائي في وزارة الرياضة

اقترح رئيس وزراء مصري سابق على الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، استبدال وزير التموين بشاب مصري عائد للتو من الولايات المتحدة الأمريكية وهو يتأبط شهادات عليا في التموين والتمويل. لكن السادات رفض قائلا: «وسخوه وهاتوه».فالنظام لم يكن في حاجة لوزير نظيف بقدر ما كان يبحث عن مسحوق منظف لوزير متعفن.
لكن رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران له ما يكفي من دفاتر الوسخ، لذا اهتدى إلى حل جهنمي لملء الفراغ الناجم عن إعفاء وزير الشباب والرياضة محمد أوزين من مهامه، حيث فوض أمر عشيرة الرياضيين لوزير التعمير وإعداد التراب الوطني والأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحند لعنصر، في ما يشبه «مقدم» تعديل حكومي، انسجاما مع مبدأ عفا الله عما سلف.
قوانين كرة القدم وبعض الرياضات الجماعية تستحق أن تلقن لرئيس الوزراء، فالمدرب يبادر بتغيير لاعب بآخر كلما لاحظ فتورا في مستواه، وقانون اللعبة يمنحه الحق في استبدال ثلاثة عناصر،  أما الحكم بصيغته المنقحة فإنه أصبح يحمل عبوة رذاذ متطاير يرسم بها الخطوط «البيضاء» للاعبين، كما يملك بطاقات حمراء وصفراء يستعملها كلما لاحت بوادر انفلات. خذوا الحكمة من ضوابط الكرة رغم ما ينتابها من بيع وشراء وكراء للذمم المفروشة.
سيتحول امحند العنصر إلى مسؤول عن قطاع الشباب والرياضة، وهو الذي لم يرتد «الشورط» إلا في الحمام، وسيفتح ملف الملعب العائم الذي أغرق رفيقه في الحركة الشعبية في الوحل، وسيصبح بقوة القرار وزيرا لإعداد تراب الملاعب أيضا. ففي أول اجتماع له مع فوزي لقجع، رئيس جامعة الكرة، وعبد السلام أحيزون، رئيس جامعة ألعاب القوى، تقمص العنصر دور العطار الذي أراد أن يصلح ما أفسد الدهر، وتمسك بقشة الصالح العام حين عدد أسباب التفويض، وأبان عن تواضع غير مسبوق وهو ينزل من أم الوزارات إلى الوزارة المتخلى عنها.
يقول العارفون بشؤون السياسة إن استبدال وزير بآخر من نفس اللون والطعم والرائحة، يفضي إلى انتقال سلس للسلط، فقد عوض منصف بلخياط التجمعي رفيقته التجمعية نوال المتوكل، وذابت فضيحة شوكلاطة الوزير عبد العظيم الكروج حين تم تعويضه برفيق دربه الحزبي مبدع المبررات، بينما أسندت حقيبة الحكامة لوزير اتهم بضعف رصيد الوفاء الحزبي.
ولأننا شعب مغلوب على أمره، على أرضه وبين جماهيره، فإننا سنحن إلى زمن لم يكن فيه للرياضة وزير، وسنطالب بإلغاء مجموعة من الحقائب الوزارية التي لا مبرر لها، كالشغل والصحة والحكامة والحريات العامة والبيئة، وغيرها من القطاعات الحيوية التي لا وجود لها إلا على واجهة الوزارات ومصالحها الخارجية، حتى أصبحت في حكم الخطأ المطبعي.
ما الجدوى من وزارة لا تغير ترتيب بلادنا في تصنيفات التنمية، وتجعلنا في مراتب متدنية خلف جزر الرأس الأخضر وغواتيمالا واليمن الحوتي، ففي هوامش أكبر مدن هذا البلد تجمعات صفيحة تقطنها جالية هاربة من البوادي، دون أن يزورها وزير شؤون المهاجرين، رغم أنها تجسد قولة الشابي: «إذا الشعب يوما أراد الحياة// فلا بد أن يقطن السكن العشوائي».
لكن للأمانة، فإن أوزين وغيره من الوزراء الذين سحبت منهم كراسيهم وحقائبهم، يستحقون تعويضات مالية عن فقدان الشغل، خاصة وأن أغلبهم فضلوا، بعد انتهاء رحلتهم الوزارية، ركن سياراتهم الفاخرة في باحة الاستراحة الحزبية، وقد كتبوا على زجاجها الخلفي عبارة: «هذا من فضل ربي». حق الوزير في تعويض مالي عن البطالة سيجعلنا نسوق للخارج صورة جديدة للمساواة بين من فقد حقيبة ومن يبحث عن نصف وظيفة، مشهد يشخص فيه الوزراء دور الموظفين «الغلابة»، وحين يفطن الآخرون لهذا «السيتكوم» نقول لهم «شاركتو معنا في الكاميرا الخفية».
في تكليف العنصر بالتدبير المفوض لقطاع الشباب والرياضة، تطفو على السطح إشكالية دستورية تتمثل في عدم أداء امحند اليمين الدستوري، فحين أقسم بأغلظ الإيمان أمام العاهل المغربي كان يقصد الإخلاص للوطن في تدبير حقيبة التعمير، لكن المشكل أكبر من هذا، لأن أداء اليمين يجب أن يكون قبل وبعد المسؤولية.