<!--
<!--<!--
فلاش بريس = حسن البصري
سبق الميم..
كنا نخشى أن يسكت أوزين دهرا وينطق كفرا، كما كنا نود لو أن الرجل ابتلع لسانه، لأننا نعلم علم اليقين بأنه سيكون سباقا إلى وضع حرف الميم على رأس كل مداخلة وإلصاق تهمة الملعب العائم في الطابور الخامس، وفي خدم وحشم خصوم الوحدة الترابية، وفي كائنات تعادي الحكامة وتحن إلى خبز أسيادها وقهوتهم.
في نهاية الأسبوع الماضي، وقف الوزير المخلوع في منصة الخطابة أمام أعضاء المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية، وقدم مرافعة سياسية حضر فيها الحماس، وتبوأها حرف النفي والجزم والقلب، وغاب تقرير المحققين الذي انتظره كثير من الحركيين بـ«عامر» الصبر وليس فارغه.
على غير عادته، افتقد الوزير السابق للحس الخطابي، وتبين أنه يعاني من نقص حاد في التنافسية، كما يقول معجم الكرة. فغيابه عن منصات الخطابة وبلاطوهات المحطات الإذاعية الخاصة وبرامج «الشو»، أثر على سلاسة الخطاب، وهو اختصاصي سوسيولوجيا الخطاب اللغوي، فتحولت مرافعته إلى ما يشبه بيانات حقيقة بتطريز سياسي. لذا بدا الوزراء الحركيون الذين اصطفوا في المقاعد الأمامية غير مبالين بدفوعات زميلهم وانشغلوا بإرسال رسائل نصية من هواتفهم الذكية.
مسح الوزير المخلوع خطاياه في الآخرين، وغسل يديه من الصفقات ووضع في قاعة الاجتماع معطر الجو، وراح يلصق التهم في الغائب ويوزع الابتسامات على الحاضر. فقد تبرأ من «الكراطة» كبيرة الحجم وقال إنها من متاع الاتحاد الدولي لكرة القدم، ولا علم له بوجودها في الملعب، لكنه اعترف ضمنيا بأن التدخل المغربي لتجفيف البرك تم بمعدات مغربية في إشارة إلى السطل و»البونج».
مسح الوزير فضيحة العقد المبرم مع قناة «أورو سبور» في الوزير السابق منصف بلخياط، وقال إن العقد يرجع لست سنوات خلت، وإن المبلغ كان أكثر سمنة «جيت أنا ونقصت الأرقام اللي ورا الفاصلة»، وبرأ معلقي القناة الأجنبية من تهمة السخرية وكأنهم تكلموا عن فضيحة الملعب بلغة لا يفهمها المغاربة. صفق الحاضرون للوزير ونوهوا بمجهوده وإصراره على إعفاء خزينة الدولة من كل ما يأتي من وراء الفاصلة اللعينة، منتهى الحكامة.
مسح الوزير فضيحة سيارات الجديدة في مخزون الشركة، وبرأ مدير ديوانه من «تهمة» المشاركة في الصفقة، وتساءل عن الجدوى من استمرار عضو ديوانه في المنصب نفسه، إذا كان يملك شركة لبيع السيارات، حينها تحولت تهمة المشاركة إلى عدم التبليغ في تكييف سياسي بغيض.
مسح الوزير تهمة تحويل مليار سنتيم لجماعة واد إفران، التي يرأسها، في وزارة المالية، وحمل الخازن العام مسؤولية التأشير على المنحة، قبل أن يستدرك ويقول «الجماعة تستحق منحة لأنها ضعيفة»، ويعترف بأن أوزين الوزير وقع شراكة مع أوزين رئيس الجماعة واتفقا على التعاون لما فيه خدمة المنطقة. والأكيد أن رئيس الجماعة بادر إلى توجيه الشكر الخالص إلى الوزير ودعاه لزيارة الجماعة، وهو ما قبله الوزير، لكنه اقترح تأجيل السفر إلى حين انطلاق الحملة الانتخابية.
مسح محمد أوزين خطايا وزارته في الآخرين، وتبرأ من الملعب العائم وعشبه المتطاير، وقال أمام الحركيين: «إن المقاولة التي كلفت بصيانة الملعب لم تسلم الوزارة الملعب بشكل نهائي»، وجعل الجميع يقتنع بأن «اللي فرط هي الشركة وبالتالي كان أولى بها أن تكرط».
مسح الوزير ما علق به من تهم في الإعلام، وجدد اتهامه للطابور الخامس، وتحدث عن أعداء الوطن وخصوم الحكامة والمتربصين به في أول منعطف، ووعد بالسير قدما إلى الأمام قبل أن يكتشف أنه لم يعد وزيرا.
طالب القاضي امحند العنصر، من الحاضرين التزام الهدوء، وأصدر حكما يقضي بتبرئة أوزين من تهمة السرقة الموصوفة التي نسبت إليه، وقال إن تقرير المحققين لم يشر إلى وجود اختلاسات، رغم أن بلاغ الديوان الملكي لازال طريا حيث يؤكد وجود «مسؤولية سياسية وإدارية مباشرة لوزارة الشباب والرياضة، واختلالات في منظومة المراقبة» التي قامت بها وزارة أوزين.
رفعت جلسة المحاكمة الرمزية، وردد الحركيون والحركيات بكورال جماعي، أهازيج حزب «السنبلة»، وهم يراهنون على الملتقى لتجفيف مستنقع الفضيحة، وغرس حبة قد تنبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة.
ساحة النقاش