<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
المساء = عبد الله الدامون
مشاهد حمقاء في بلد عاقل.. جدا
العدد :2590 - 27/01/2015
مشهد 1:
في الدار البيضاء تم افتتاح «الأكْواريوم» العظيم، بحيث يسير الناس تحت مسبح تموج فيه مختلف الأسماك البهية الملونة.. إنه شيء خارق أدخل المغرب مباشرة إلى القرن الحادي والعشرين. في هذا «الأكْواريوم» العملاق سيستمتع الناس كثيرا، خصوصا الأطفال المهووسين بالأسماك الجميلة الملونة.
غير بعيد عن الدار البيضاء، هناك أطفال كثيرون في قرى مقصاة خلف الجبال، يقاومون الموت بردا بقليل من الحطب والعناد. أطفال تلك القرى لم يسمعوا بـ«أكْواريوم» الدار البيضاء، ولا يعرفون الفرق بين القرن الحادي والعشرين والقرن التاسع عشر، إنهم يريدون فقط أن يعثروا على حطب أكثر لكي يرتفع أملهم في الحياة، لأنه كلما قل الحطب اقترب منهم الموت أكثر.
هؤلاء الأطفال، لو أفلتوا من الموت بردا، قد تـُكتب لهم يوما زيارة الدار البيضاء ودخول «الأكْواريوم»، لكنهم الآن يريدون الحطب فقط.. ولا شيء غير الحطب.
المشهد 2:
التلفزيون المغربي بث تقريرا ناريا عن السيسي، حاكم مصر.. التلفزيون قال إن السيسي مجرد انقلابي دموي يقود مصر نحو المجهول، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. بعد بضعة أيام، تحوَّل السيسي، في نفس التلفزيون، إلى رجل يقود مصر نحو التحول الديمقراطي.
المشهد 3:
حميد شباط هو زعيم حزب الاستقلال.. إنه معارض شرس لحكومة عبد الإله بنكيران، وبين الرجلين عداوة شخصية مستحكمة لا علاقة لها بالسياسة، لذلك صرح شباط بأن بنكيران مجرد جاسوس، لكنه لم يقل جاسوس لفائدة من.. هل للمخزن أم للموساد أم لداعش أم لأمريكا؟
في أي بلد يحترم نفسه، من الواجب أن تتحرك النيابة العامة لمتابعة أحد الرجلين، إما أن تتابع بنكيران بتهمة التجسس، وإما أن تتابع شباط بتهمة الوشاية الكيدية وتدخله فورا مصحة الأمراض العقلية.
المشهد 4:
ياسمينة بادو، وزيرة سابقة وقيادية بارزة في حزب الاستقلال، هذا الحزب الذي بنى جزءا كبيرا من رصيده السياسي على مطالبته بالتعريب وتكريم اللغة العربية في بلادها.
مؤخرا، كانت ياسمينة تلقي خطابا مكتوبا باللغة العربية أمام حشد من أنصار الحزب. المرأة نكلت باللغة العربية واغتصبتها بكل الطرق، حتى إنها وصلت إلى كلمة معينة في خطابها فوقف حمارها في العقبة وبدأت تضحك عاجزة عن لفظها وكأنها أمام كلمة مكتوبة بالصينية.. الناس صفقوا لها وهي بدأت تبتسم بفخر. لو حدث لها ذلك في خطاب بالفرنسية لاحتقرها الناس ولاعتبروها جاهلة، لكن بما أنها لا تعرف العربية فإن الناس اعتبروا ذلك مصدر فخر وعلامة تحضر.
المشهد 5:
في حي هامشي بنواحي العاصمة، تقوم امرأة بإفراغ حفرة أمام منزلها الوضيع.. لقد امتلأت الحفرة عن آخرها بمياه المجاري فلم تجد المرأة بُدّا من إفراغها مباشرة في الزقاق.
الرائحة النتنة التي كانت في الحفرة تحولت الآن إلى ملكية مشتركة بين جميع السكان، وأطفال الزقاق صارت لهم مياه يلعبون فيها ويقفزون فوقها، وأحيانا يسقطون فيها.
في وسط الرباط، يجلس رجل أنيق في مقهى فخم ويقرأ في مجلة صقيلة خبرا عن وجود «الملارْيا» في عدد من مدن المغرب.. يستغرب الرجل كيف وصلت «الملارْيا» إلى البلاد، يتأفف ثم يقلب الصفحة ليقرأ موضوعا جديدا عن دخول أغنياء مغاربة جدد إلى نادي أغنى أغنياء العالم.
المشهد 6:
في البرلمان وقف رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، يتحدث أمام النواب.. قال الرجل، بلسان لا يلتوي فيه عظم، إنه لا يحارب الفاسد، بل الفساد هو الذي يحاربه.
يتذكر الناس أيام كان فيها هذا الرجل يرغي ويزبد ويعـِد بالإطاحة بالفساد عندما يصل إلى الحكومة. اليوم، يوجد بنكيران في الحكومة منذ سنوات واقتنع أخيرا بأن الفساد متجذر في هذه البلاد. هذه حقيقة يعرفها المغاربة جميعا منذ الأزل، لكن بنكيران هو آخر من اكتشف ذلك.
المشهد 7:
المغرب غاضب على فرنسا وفرنسا غاضبة على المغرب. المغرب لم يشارك في مظاهرة باريس بعد الهجوم على «شارلي إيبدو»، وفرنسا أرسلت أحد وزرائها للمشاركة في نشاط تنظمه البوليساريو. المغرب أراد الصلح، فقرر وزير خارجيته زيارة باريس، وفق شروط، وباريس ردت بأن تلبية تلك الشروط غير ممكنة الآن.
المغاربة ينظرون إلى هذه التمثيلية ويضحكون على «زعل» العاشقين. في العمق، فإن فرنسا هي المغرب والمغرب هو فرنسا.. على من يضحكون.. إذن؟
المشهد 8:
المغرب كان على شفا ثورة، ليس ثورة 20 فبراير بل «ثورة الحرافيش»؛ فعندما غيرت شركات النظافة حاويات القمامة القديمة بحاويات جديدة، انتفض الآلاف في كل مناطق البلاد احتجاجا على «التغيير».
الغاضبون هم مـِن الذين يقضون الليل والنهار في قلب حاويات القمامة، فيأخذون منها أغراضا تافهة ثم ينصرفون ويتركونها مقلوبة على ظهرها مثل سلحفاة.. هؤلاء الغاضبون لم يثوروا على الذين سرقوهم ونهبوهم وتركوهم يجمعون رزقهم من وسط الأزبال، بل غضبوا وثاروا عندما حرموهم من التنقيب في حاويات القمامة.
ساحة النقاش