<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
شباب قصبة تادلة.. من مهاجرين سريين في أوربا إلى مقاتلين في دولة البغدادي
هكذا تصطاد «شبكات الجهاد» الراغبين في الهجرة إلى بؤر التوتر
المساء = خديجة عليموسى
العدد :2592 - 29/01/2015
ركبوا قوارب الموت خلال فترة التسعينيات من أجل العبور إلى أوربا لتأمين مستقبلهم، شباب إقليم بني ملال، خاطروا بحياتهم إبان انتعاش الهجرة السرية فامتطوا «اللانشة» دون أن يأبهوا برياح البحر العاتية من أجل الوصول إلى فردوس إيطاليا وإسبانيا، في زمن كان الآباء يبيعون كل ما يملكون من أجل أداء ثمن «الحراك» الذي يؤمن لفلذات أكبادهم العبور نحو الضفة الأخرى.
«أولا سعيد الواد»، و«الفقيه بنصالح»، و«قصبة تادلة» مدن صغرى وقرى أصبحت تعرف هجرة معاكسة وظاهرة جديدة لم تعهدها من قبل، وسفر عدد من أبنائها نحو بؤر التوتر للقتال في صفوف الدولة الإسلامية في العراق وسوريا «داعش».
شبكات تعمل بطريقة سرية لاصطياد الراغبين في الهجرة نحو بلاد الشام عبر الشبكة العنكبوتية، إنهم «حراكة» من نوع خاص، غرروا واستقطبوا عددا من شباب المنطقة الذين كان حلم عدد منهم الهجرة نحو الخارج لتحسين واقعهم المعيش، فزجوا بهم في مستنقع الإرهاب وسفك الدماء.
غسيل دماغ
في بيت متواضع بحي بودراع بقصبة تادلة، استقبلتنا أسرة سمير، اسم مستعار لشاب توجه للقتال في صفوف داعش، وكان شرطها الوحيد هو عدم ذكر الاسم الشخصي لابنها وكذا اللقب العائلي،حفاظا على سمعة إخوته الذين مازالوا في سن التمدرس، وإن أي إشارة إليه ستجعلهم محور حديث تلوكه الألسن، أو محط نظرات ازدراء من الجيران خصوصا في مدينة صغيرة تنتشر فيها الأخبار انتشار النار في الهشيم.
«يتصل بنا كل يوم سبت عبر الهاتف ليطمئننا على أحواله ويسأل عنا»، تقول أم سمير التي لم تأل جهدا في إقناع ابنها بضرورة العودة إلى المغرب وأن ما يقوم به يعارض الدين الإسلامي، غير أنه لا يكترث لقولها، ويحاول إقناعها بصواب قراره عبر قوله «لا تبكي يا أمي احمدي الله أنني أجاهد».
التحق بنا والد سمير ليحكي عن تفاصيل سفر ولده منذ ثلاثة أشهر إلى سوريا، قائلا:«لم ألحظ أي تغيير في سلوك ابني، لم يكن يرتدي لباس السلفيين، وكل وقته مخصص للعمل كمياوم، كان له صديق من أبناء الحي منذ أيام الدراسة لا يتواصل معه كثيرا، توجه إلى سوريا للقتال وبعدها توفي وذهب لتقديم واجب العزاء ومنذ تلك الفترة وأنا ألاحظ شدة تأثره بما حدث».
كشف سمير لأسرته الصغيرة ذات يوم عن رغبته في السفر نحو سوريا فعارضوه وتصدوا لقراره، ليطمئنهم أنه لم يعد يفكر في ذلك وأنه عدل عن خطوته الذي وصفها بـ«الخاطئة وغير الصائبة»، وبعد أن اطمأنت العائلة على أن ابنها عدل عما كان يخطط له، ولم يعد يتحدث عن أحداث سوريا، فوجئت بأن سمير سافر في غفلة منها رفقة ثمانية شبان من المدينة.
«لم أكن أعلم أنه سيتوجه إلى هناك، قبل يوم 28 من شهر أكتوبر الماضي، يوم ذهابه إلى سوريا، أخبرني بأنه سيغيب لبضعة أيام من أجل العمل بإحدى المدن، حمل معه بعض الأمتعة وودعنا، ليختفي بعدها. أبلغنا رجال الأمن الذين استمعوا لنا وحققوا مع شخص كان يعمل عنده» يقول والد سمير،وبعد أسبوع تلقينا اتصالا هاتفيا منه يخبرنا بأنه سافر إلى سوريا طالبا منا أن نسامحه وأن ندعو له.
يبلغ سمير 20 سنة من العمر، مستواه الدراسي لا يتعدى الرابعة إعدادي، تحثه أمه كلما تحدث إليها عبر الهاتف على العودة إلى المغرب، خصوصا أن ذهابه سبب لها مشاكل نفسية، إذ ما زالت تعيش على وقع الصدمة.
تعتبر هذه الأم أن ابنها ضحية من الضحايا الذين يتم استغلالهم والتغرير بهم للالتحاق بداعش وكأن هناك من يسهر على عملية «غسيل دماغ»،على حد قولها،يقاطعها زوجها الذي يستغرب كيف لعدد من شباب المدينة التوجه إلى هناك، وكيف لهم أن يدبروا كل هذا رغم أن ابنه لم يكن على صلة بالذين ذهب رفقتهم.
أسرة سمير تشعر بالألم والحزن الذي ما زال يجثم على قلبها، فالأب اغرورقت عيناه بالدمع خلال حديثه إلينا، والأم لم تتوقف عن البكاء وهي تحكي عن ابنها وعن طيبوبته وسمو أخلاقه، ولم يخطر ببالها أنه سيتركها ويترك الأسرة ليتوجه إلى أرض يتدرب فيها على السلاح من أجل قتل إخوانه المسلمين.
أبو مروى.. العقل المدبر
على بعد 15 كيلومترا من مدينة قصبة تادلة، توجد جماعة «أولاد سعيد الواد، بإقليم بني ملال، منها ينحدر «أبو مروى المغربي» أو «أبو مروى المهاجر»، وهي أسماء حركية لشاب من مواليد 1976، قتل في معركة الساحل في ريف اللاذقية، بطلقة قناص استقرت في قلبه، وفق ما بينته عدد من «الفيدوهات» الخاصة به.
يلقبونه في تنظيم الدولة الإسلامية بالشيخ لأنه هكذا قدم نفسه، كان يلقي الخطب والمواعظ، وهو العقل المدبر لهجرة عدد من شباب قريته، »كان شابا عاديا سافر إلى الدار البيضاء وهنا تزوج بفتاة سلفية، وعاد إلى أولاد سعيد الواد وأصبح يتاجر في الكتب، كانت له علاقات جيدة مع الجميع بمن فيهم ممثلي السلطة المحلية، ولم يكن يصدر عنه أي سلوك يدعو إلى الحذر أو الاشتباه» يقول مصدر من أولاد سعيد الواد »لـالمساء»،
اكتسب أبو مروى، من أبرز قياديي كتيبة تسمى «الحسين بن علي»، شهرة من خلال « الفيديوهات « التي كانت تبث خطبه وكلماته التحريضية على القتال، وهو يرتدي اللباس العسكري ويحمل بندقية «الكلاشينكوف»، وفي أحد المقاطع يقول فيها «كان الجوع وكنتم تجاهدون، والآن لديكم سيارات وأكل وشرب ونت فضائي وموبايلات وأيفونات وكل متاع الدنيا وتجلسون دون قتال»، ليوضح أنه يحتل الصدارة في تنظيم «داعش» من خلال قوله «البغدادي وأنا أعرفه»، ليكشف عن واقع الجماعات المقاتلة قائلا « تزعمون أنكم تجاهدون كتائب تسبي ليلا ونهارا ومنكرات وأسعار سلاح ترتفع وأصبح جهادنا مظهرا سيارات وأسماء ومسميات وألبسة ومسدسات وبنادق».
بعدما علمت الأسرة بمقتل ابنها أبو مروى، شهر غشت من سنة 2013، تاركا زوجة وابنين أكبرهما يبلغ من العمر 15 سنة بسوريا، توجه شقيقه (30 سنة) الذي يحمل لقب «عبد المقصود المغربي» بدوره إلى هناك وكذا أخته رفقة زوجها.
عبد المقصود، كان مهاجرا في إيطاليا، احتل مكان شقيقه « فأصبح هو الذي يمنح التزكيات للراغبين في القتال إلى سوريا والعراق بعد وفاة أبو مروى، لأنه جرت العادة أن لا ينتقل الراغب في القتال دون أن يسمح له من تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك بعد التواصل بينهم عن بعد، يقول المصدر لـ»المساء».
»أولاد داعش«
يعتبر عدد من سكان أولاد سعيد الواد أن منطقتهم لم تألف التطرف، وأنها حديثة عهد بالتيار السلفي في الوقت الذي توجد هناك تيارات إسلامية أخرى، غير أن سنة 2005 كانت مفصلية لأنها غيرت الأمور بعد عودة «أبو مروى » من الدار البيضاء ومظهره يدل على أنه أصبح سلفيا، وفي هذا الإطار يحكي محمد الحنصالي، فاعل جمعوي، عن ذلك قائلا «لم نعهد وجود سلفيين بأولاد سعيد الواد، إلا بعد سنة 2005 بعدما رجع أبو مروى من الدار البيضاء وأنشأ مكتبة للكتب الإسلامية، وكان في البداية محسوبا على السلفية التقليدية، وألف وقتها كتابا يهاجم فيه جماعة العدل والإحسان، وبعد ذلك تغير وأصبح جهاديا متطرفا ليصبح هو الرأس المدبر لهجرة عدد من الشباب، الذين تجاوز عددهم الثلاثين فردا إلى سوريا، وأصبح يمنح التزكيات لكل من أراد التوجه إلى هناك».
«لقد كان للانترنيت تأثيره القوي على أبو مروى، لأنه في البداية كان ينوي التوجه للقتال في مالي وبعدها غير وجهته نحو سوريا ليقتل هناك»، يقول الحنصالي ل«المساء»، الذي اعتبر أن ما قام به أبو مروى كان له الانعكاس السلبي والخطير على سمعة القرية، حيث أصبح عدد من سكان المناطق المجاورة يطلقون على أولاد سعيد الواد «أولاد داعش»، وهو ما يستهجنه عدد من الشباب الذين يرون أنه لا يمكن أن ينسب لهم التطرف والإرهاب بسبب التحاق أبناء بلدتهم بـ«داعش»، بل حتى أصحاب سيارة الأجرة يطلقون الوصف ذاته كلما عبر أحد الراكبين عن وجهته.
ويرجع الفاعل الجمعوي أسباب انتشار التطرف في صفوف هؤلاء إلى ضعف الوعي والمستوى التعليمي المتواضع لأغلبية المتوجهين إلى سوريا، وكذا غياب دور الشباب وضعف تأطير المجتمع المدني الذي لهث وراء المال دون قيامه بواجبه كما ينبغي، يقول الحنصالي.
قياديون في داعش
أبو مروى وشقيقه عبد المقصود، من بين الذين تحدث عنهم وزير الداخلية محمد حصاد، عندما أوضح في جوابه على سؤال كتابي محوري بمجلس النواب، شهر يوليوز الماضي، أن المقاتلين المغاربة يتولون مسؤوليات قيادية في هذا التنظيم الإرهابي «داعش» من قبيل أمير عسكري، وقاضي شرعي، وأمير اللجنة المالية، وأمير منطقة جبال تركمان، وأمير الحدود الترابية، مؤكدا أن هؤلاء لا يذهبون من أجل القتال في صفوف هذا التنظيم الإرهابي فقط، بل أيضا من أجل القيام بتدريبات لضرب المغرب، إلى جانب تعبيره عن قلقه من أن المغاربة المجندين يقبلون على تنفيذ العمليات الانتحارية.
وفي هذا السياق كشف لوزارة الداخلية أن عدد المغاربة الذين لقوا حتفهم بسوريا 254 «متطوعا جهاديا» لقوا حتفهم منهم 219 بسوريا و35 بالعراق، كما أن الذين يقاتلون في صفوف المجموعات الإرهابية 1203 منهم 218 معتقلا سابقا في إطار قضايا الإرهاب، منهم 311 في صفوف «تنظيم الدولة الإسلامية بسوريا والعراق.
وخلال سنة 2014 وردت مجموعة من المعلومات المتطابقة التي تفيد بوجود تهديد إرهابي جدي موجه ضد المملكة، حسب تقرير الداخلية، يرتبط خصوصا بتزايد عدد المغاربة المقاتلين في صفوف التنظيم السلفي الجهادي الذي كان يطلق على اسمه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش».
معاكسة الفتيات
بحي بودراع بقصبة تادلة، شابان هاجرا معا وتركا أمهما وحيدة، أصبحت كلما لمحت رجال الأمن ولو من بعيد إلا وترتعد فرائسها، فتدخل في دوامة الفرضيات، فلربما سيخبرونها يوما أن ابنيها عادا ويوجدان رهن الاعتقال، حسب ما قالت سيدة قريبة منها.
رعب يسكن هذه الأم التي رفضت الحديث لـ»المساء»، مكتفية بالقول «لا أريد الحديث عن ذلك يكفي ما أنا فيه، دعوني وشأني»، يظهر من ملامحها أنها تتألم لرحيل شابين هما ثمرة زواجها الذي دام لعقود من الزمن، وكابدت من أجلهما ليتوجها للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، ويتركانها وحيدة رفقة زوجها.
غير بعيدة من مقر سكنى هذه المرأة، جلست والدة حميد أمام منزلها رفقة جاراتها يتجاذبن أطراف الحديث، عندما سألناها عما إذا كانت هي والدة «حميد» اصفر وجهها، وظنت أننا نحمل لها خبرا عنه، فقبل أسبوعين من لقائنا بها لم تعرف عنه أي جديد باستثناء ما يتردد في مدينة قصبة تادلة من أنه توجه إلى سوريا، تقول والدة حميد: «لم يحدثني أبدا بالذهاب إلى القتال، ولم أشعر بأي تغيير في حياته، لحد الآن لم يجزم لي أي أحد أن ابني ذهب إلى سوريا، وعلمت ذلك من خلال ما يردده الناس في الشارع، فابني أخبرني أنه ذاهب للعمل في بني ملال، وكانت هذه هي عادته يتوجه إلى العمل ويغيب لمدة طويلة».
تحاول الأم بلكنتها الأمازيغية نفي صفة التدين والإرهاب عن ابنها، قائلة «إنه شاب يصلي ويستمتع بالحياة ويعاكس الفتيات وكم من شابة اشتكت منه»، لتؤكد لـ»المساء» أنها ما زالت تنتظر من يؤكد لها خبر توجه ابنها نحو سوريا، تقاطعها جارتها التي تواسيها وتسألها عما إذا كان أي جديد يخصه، لترد عليها بالقول: « والده اتصل به فوجد هاتفه مغلقا منذ 15 يوما «.
عقوبات مشددة
هذه الأم لم تعرف ما إذا كان ابنها رحل إلى سوريا أو اعتقل، خصوصا أن لقاءنا بها صادف اعتقال عدد من الشباب الذين يشتبه في علاقتهم بتنظيم «الدولة الإسلامية»، «داعش» من لدن رجال الأمن بإقليم بني ملال، لينضافوا إلى عدد الذين يقضون عقوبات سجنية أو ينتظرون البت في ملفاتهم بالمغرب، والذين يحاكمون بقانون مكافحة الإرهاب، الذي جرى تعديله هو ومجموعة القانون الجنائي من أجل التنصيص على العقوبات التي لها علاقة بالقتال في بؤر التوتر، حيث خصص مشروع القانون الجديد عقوبات لـ «الالتحاق ومحاولة الالتحاق بشكل جماعي في إطار منظم أو غير منظم بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها، ولو كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها، وكذا تلقي تدريب أو تكوين كيفما كان شكله أو نوعه أو مدته داخل وخارج المملكة المغربية ..، بقصد ارتكاب أحد الأفعال الإرهابية داخل المملكة وخارجها سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع، إلى جانب تجنيد بأي وسيلة كانت أو تدريب أو تكوين شخص أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إ رهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها أو محاولة ارتكاب هذه الأفعال».
وقد أقر القانون في حق الملتحقين بصفوف الجماعات الإرهابية عقوبات سجنية من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة تتراوح ما بين 5000و10 آلاف درهم، وفق مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم بعض أحكام مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، الذي صادق عليه مجلس النواب يوم الأربعاء الماضي وأحيل على مجلس المستشارين.
وتضاعف العقوبات المشار إليها إذا تعلق الأمر بتجنيد أو تدريب أو تكوين قاصر وإذا ما تم استغلال الإشراف على المدارس أو المعاهد أو مراكز التربية أو التكوين كيفما كان نوعها للقيام بذلك.
وإذا كان الفاعل شخصا معنويا يعاقب بغرامة تتراوح ما بين مليون و10 ملايين درهم، مع الحكم بحله وبالتدابير الوقائية المنصوص عليهما في الفصل 62 من هذا القانون دون المساس بحقوق الغير ودون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها في حق مسيري الشخص المعنوي أو مستخدميه المرتكبين للجريمة أو المحاولة.
وتسري نفس العقوبة على كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة أشخاص أو كيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في هذا القانون.
ويعاقب أيضا بالسجن من خمس إلى عشر سنوات كل من قام بأي وسيلة من الوسائل بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب .
للنساء نصيب
منذ حوالي شهرين توجهت سيدة من قرية أولاد سعيد الواد إلى سوريا من أجل الالتحاق بزوجها بعدما أعدت جواز سفرها بمدينة بني ملال، بعدما نزعت الخمار عملا بمبدأ «التقية»، خصوصا أن السلطات المحلية بقرية أولاد سعيد الواد عرقلت إنجاز وثائقها الخاصة بجواز السفر، غير أنها استطاعت الحصول على شهادة سكنى من مدينة بني ملال وإنجاز جواز سفر لتلتحق بزوجها (أحمد، ك) الذي يقاتل في صفوف «داعش»، يقول مصدر من عين المكان.
لم تكن زوجة أحمد المرأة الوحيدة من القرية التي التحقت بداعش بل إن عدد الذين اتجهوا نحو سوريا اصطحبوا زوجاتهم ومنهم شابة تدعى سلوى، التي لم يكن يخطر على بال الذين يعرفونها أنها ستقدم على هذه الخطوة، لأنها كانت على «أبواب الطلاق» وملفها رائج في المحكمة وكانت تبرر لجوءها للطلاق برغبة زوجها في إرغامها على ارتداء الخمار وهوما لا يمكن أن تستجيب له، أعدت خلال مرحلة إجراءات الانفصال جواز السفر فأسرت إلى معارفها أنها تنوي السفر إلى إيطاليا من أجل بداية حياة جديدة هناك بعد توصلها بورقة الطلاق، ليفاجأ الرأي العام بمنطقة سعيد الواد، أن الشابة، التي لم يتجاوز سنها 20 سنة، توجهت رفقة زوجها إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
الطريقة التي سلكتها هاتان المرأتان من أجل التوجه إلى سوريا اعتمدها عدد من الملتحقين بـ«داعش»، حيث كانوا يحلقون لحاهم ويرتدون ملابس عصرية حتى لا يثيروا شكوك رجال الأمن بالمطار، وفق المصدر ذاته.
متعة النساء
«سألني عدد من الشباب بمدينة الدار البيضاء عما إذا كان هناك من يهجر الشباب إلى سوريا بقرية أولاد سعيد الواد»، يقول مراد، اسم مستعار لشقيق أحد الذين قتلوا في سوريا، سؤال يفسر شهرة هذه القرية التي توجه عدد من أبنائها للقتال في صفوف أبو بكر البغدادي.
يلقي مراد باللوم على عدد من الذين ساهموا في انتشار الفكر السلفي الجهادي بمدينة عرفت بهدوئها، «لم يسبق لأخي أن فكر في التوجه إلى سوريا، لكن بعد زواجه من شقيقة أحد السلفيين بأولاد سعيد تغير سلوكه، استغربنا لذهابه للقتال إلى سوريا، رغم أنه أكد لنا في البداية أنه مسافر إلى ليبيا رفق زوجته من أجل العمل، تواصل معنا في البداية عبر الانترنيت إلى أن قتل هناك وكانت زوجته هي التي نقلت إلينا الخبر لتبقى هي مع طفلتها رفقة إخوانها وزوجاتهم».
يحكي مراد أن أخاه أسر لهم ذات يوم عند الحديث إليهم عبر «السكايب» أنه ندم على الذهاب إلى هناك خصوصا عندما رأى مشاهد تقتيل الأطفال والأبرياء ولم يعد يتحمل مشاهد التقتيل وقطع الرؤوس، حاول العودة إلى المغرب لكن قضى نحبه هناك.
تأثر مراد كثيرا لوفاة أخيه، فأصبح يحقد على كل شخص مظهره يحيل على أنه سلفي، لأنه يعتبر أصحاب هذا الفكر وراء مأساة الزج بأخي في رحلة كانت نتيجتها قتله، الذي تسبب لوالدته في الدخول في متاهة حزن عميق تطور إلى حالة اكتئاب.
قدم لنا مراد لائحة لصفحات مقاتلي «داعش» من أبناء قصبة تادلة وأولاد سعيد موقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» من أجل الحديث إليهم، فكانت النتيجة التأخر في الجواب على أسئلتنا التي وجهناها إليهم، في حين اكتفى أحدهم بالقول «إن الأسئلة التي طرحتيها موجودة في الكتاب والسنة»، بينما قال آخر إنه ينتظر موافقة أميره من أجل الجواب على أسئلتنا بعدما شكك في إمكانية نشرنا لرأيه.
مقاتلو «داعش» من إقليم بني ملال الذين انتقلوا منذ سنة 2013 إلى سوريا محسوبون على التيار السلفي الجهادي، غير أن بعض الملتحقين الجدد نهاية السنة الماضية لم يكونوا سلفيين من حيث المظهر ولا من حيث السلوك، بل عدد منهم يدخنون السجائر وحتى الحشيش، ويربطون علاقات مع الفتيات، وفق شهادات لبعض الذين يعرفونهم عن قرب، والذين قالوا لـ»المساء» إن هؤلاء لم يكن هدفهم الذهاب للجهاد لأنهم غير متدينين، بل إن هدفهم هو الاستمتاع بالجنس والزواج من نساء جميلات والسكن في المنازل «الفيلات» التي يستولي عليها تنظيم «داعش»، كما أن الشبكة العنكبوتية ساهمت في استقطابهم وتصوير الوضع بأنه جيد، وهذا ما يدل عليه «فيديو» نشره مقاتلو تنظيم الدولة والإسلامية والعراق المنحدرون من إقليم بني ملال، يستعرضون فيه مائدة فطور مغربي وعليها البنادق والرصاص، ومن بين ما جاء فيه قول أحدهم « بغيتوا تزوجوا أجيوا للشام».
أسئـــ 3 ــــلة لـ: خالد عبد اللطيف:
شباب إقليم بني ملال انتقل من الهجرة نحو أوربا إلى الهجرة نحو «داعش»
1 عرف إقليم بني ملال، خصوصا منطقة قصبة تادلة وأولاد سعيد الواد هجرة عدد من الشباب إلى سوريا من أجل القتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، ما تعليقكم على ذلك؟
لقد تحولت مدينة قصبة تادلة وجماعة أولاد سعيد الواد إلى مركز لتصدير الشباب المغرر به في اتجاه سوريا للقتال إلى جانب التنظيم الإرهابي المحظور«داعش». فلا يمر يوم دون أن نسمع عن هجرة مقاتلين إلى سوريا عبر ثلاث محطات أساسية. النزول أولا بالديار الليبية لتلقي التعليمات من عناصر داعش الموجودة هناك، وتهيئتهم نفسيا،بعدها يتم تنقيلهم الى تركيا ودعمهم وتشجيعهم لمواجهة المجهول، ثم تأتي المرحلة الأخيرة للاستقرار بالوجهة الهدف(سوريا)، وهناك يتم تدريبهم على حمل السلاح واستعماله لمواجهة الكفار على حد تعبير الداعشيين.
في نظري ظاهرة انتشار المد الداعشي بقصبة تادلة والنواحي يطرح أكثر من علامة استفهام حول انتشار هذه الخلايا بسرعة بهذه المنطقة لأسباب تظل مجهولة، خصوصا أن ظاهرة الهجرة إلى سوريا لم تعد مقتصرة على الشباب بل إن عدواها انتقلت إلى النساء والقاصرين والأطفال. فالمعروف عن المنطقة أن أغلب شبابها كانت وجهتهم المفضلة هي العمل بالديار الاسبانية أو الايطالية، لكن هذه الهجرة أصبحت معكوسة، للتأثير الكبير الذي بدأت تلعبه المواقع المشهورة وعلى رأسها «يوتوب» الذي يوجه رسائل لكل من أراد الالتحاق بحركة داعش من خلال مبايعة زعيمهم أبي بكر البغداد ببلاد الشام.
2 برأيكم ما هي الأسباب التي أدت إلى انتشار الفكر المتطرف في هذه المنطقة التي لم تكن تعرف هذه الظاهرة من قبل؟
إن امتداد داعش بأولاد سعيد الواد وقصبة تادلة، هو نتيجة انتعاش فكر متطرف في تربة وجدت الظروف ملائمة للاشتغال مع استحضار نظرة احترازية ومقاربة أمنية على سبيل الاحتياط لإنجاح عمليات ترتيب التدابير والمخططات قبيل الهجرة إلى سوريا. هذه التدابير التي تخضع لإملاءات فوقية من رأس التنظيم الذي يعتمد على السرية والفعالية، وقوة التأثير وانتقاء الضحايا بدقة، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب وغسل أدمغتهم ليتم تجنيدهم، وضمهم للكتائب المتوجهة إلى سوريا.
3 ما هي الأساليب التي يعتمدها هذا التنظيم لاستقطاب ضحاياه في نظركم؟
لقد وجد الفكر المتطرف في المدينة مرتعا لترويج فكرة الاستشهاد، ودخول الجنة ومعانقة الحور العين وقبلها تمكينهم من نساء جميلات بسوريا تحت ذريعة مايسمى» بنكاح الجهاد» فالجنس مباح، والأجساد متوفرة من شتى البقاع والبلدان. فمن الشقراء إلى البيضاء ومن السمراء إلى المتوهجة. ولعل الانجذاب إلى سوريا يمر عبر صفقة امتلاك الجسد المشتهى. الجسد الغض الفاتن. وبتوقيع العقد المعنوي المرتكز على القبول قبل المعاينة تكون الضحية قد علقت بخيوط العنكبوت، وتكون داعش قد أحكمت قبضتها الحديدية على عنق الباحث عن الشهادة والحب والمجد والخلود من خلال روايات كثيرة مليئة بالغرابة، كون جميع ضحايا داعش في المعارك الضارية بسوريا تنبعث من شعر رؤوسهم رائحة المسك، وتشم من مسافة بعيدة ناهيك على كون أرواحهم تفيض بسهولة وتسل بيسر كما تسل الشعرة من العجين. وإذا كان تدبير الشأن الديني وحمايته من اختصاص النظام ووزارة الأوقاف، فإن الأمر أصبح مطلبا ضروريا ومستعجلا لتوقيف نزيف الهجرة إلى سوريا في ظل انتشار فكر ظلامي خطير يقوم باقتناص العقول قبل الأجساد، خصوصا بعد تساقط الضحايا تباعا في معارك الوهم بالديار السورية. لقد كان أبو مروى بأولاد سعيد وهو اسم حركي إماما لمسجد هناك قبل أن يشد الرحال إلى سوريا رفقة زوجته وابنيه حيث لقي حتفه هناك تاركا زوجته وولديه، وتوالى الضحايا (ح ـ م) الذي قتل هناك تاركا زوجته وابنه ذي الثلاث سنوات، وتبعه ( أ ـ ر) و( ع) و(ي) و(س) والقائمة طويلا تجاوزت الخمسين داعشيا تقريبا منهم من لقي حتفه ومنهم من ينتظر. ولعل الموقع الاجتماعي فايسبوك يضم العشرات من صور المهاجرين من تادلة الى سوريا الذين لايزالون أحياء بأسماء حركية مستعارة مثل (أبو يحيى الجنوبي ـ أبو مسلم المغربي ـ أبو مروان المغربي ـ أبو رحمة المغربي ـ أبو علي المغربي كمال عمراني ـ أبو عمر المغربي ـ عبد المقصود المغربي ـ ...) أغلبهم لم يتجاوز الأولى إعدادي ويمارسون مهنا بسيطة مثل بيع المتلاشيات والتجارة في الملابس .
وأظن أنه حان الوقت لكي تنهج الدولة خطابا ناجعا وعمليات لفتح حوار مع الشباب من خلال آليات متعددة، كالمراقبة والإدماج في المجتمع من خلال توفير الشغل للجميع، وعدم منح الفرصة للشبكات الداعشية لاقتناص أكبر عدد ممكن من الضحايا، فالفراغ وحده يفتك بالشباب ويجعلهم مضغة سائغة في أفواه الداعشيين فمزيدا من الحيطة والحذر.
الكاتب العام للهيئة المغربية لحقوق الإنسان) فـرع قـصبة تادلـة(
ساحة النقاش