<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = يونس جنوحي
بين الزايدي والبصري.. جنازة رجل !
جميع الذين نعوا الاتحادي أحمد الزايدي، شيعوا السياسي إلى مثواه الأخير. آخرون فضلوا أن يشيعوا الزايدي الإعلامي.
في الحقيقة، لا فرق بين الرجلين، لأن الذين عرفوا أحمد الزايدي عن قرب، كانوا يعرفون أن الإعلامي الذي سكنه، ظل حاضرا معه إلى آخر لحظات عمره السياسي.
عندما كان الزايدي يمارس الإعلام خلال السبعينات، كواحد من الوجوه التي يعرفها المغاربة، من خلال تقديمه لنشرات الأخبار، كان يمارس نوعا من السياسة التي تتطلبها المرحلة. فالعمل في التلفزيون وقتها كان يتطلب صلابة لمواجهة صلابة إدريس البصري.
يتساءل الكثيرون، عن علاقة إدريس البصري بالإعلام. ووحده لحسن بروكسي، الذي ألف كتابا بالفرنسية، يتحدث فيه بكثير من السخرية المبكية، عن سنوات طويلة قضاها إلى جانب إدريس البصري في الداخلية والإعلام، فهم كيف كان «إدريس» يريد أن «يخصي» الإعلام ويجعله على مقاس وزارة الداخلية.
التقيت مرة لحسن بروكسي، أمام البرلمان بالرباط، يتأمل الجرائد الموضوعة على الأرض، وينقل بصره بين الصور الملونة على صفحات الجرائد، ورجال القوات المساعدة الذي كانوا «يسلخون» بعض الشبان المعتصمين أمام البرلمان.
يرتدي معطفا ثقيلا على الرغم من حرارة الجو. لا أحد سيصدق أن هذا الرجل كان يصول ويجول في التلفزيون، أيام كان التلفزيون نافذة المغاربة الوحيدة على المغرب !
كل شيء كان رسميا، إلا لحسن بروكسي، لأنه نزل في مبنى التلفزة بـ «باراشوت» دون تعيين رسمي، ورأى كيف كان إدريس البصري «يقرع» المسؤولين ويعاملهم كما يعامل «الخدم». يومها قال له لحسن بروكسي، إنه يجب أن يعيد النظر في الطريقة التي يعامل بها الصحفيين، لأنهم سيجلدونه في الأخير عندما يضعف.
كان معروفا عن أحمد الزايدي أنه سبح ضد تيار إدريس البصري. في الجسم الصحفي وقتها، كان أحمد الزايدي يتمتع بشعبية كبيرة. وطوال تاريخ إشراف الداخلية على الإعلام، كان هناك صراع قاده إعلاميون رفضوا ممارسة إعلام على المقاس، وبقي الصراع قائما إلى أن طلّق البصري الوزارتين معا.
الكثيرون اليوم يقولون إنهم عرفوا أحمد الزايدي، لكن الزايدي كان يعامل الجميع، الصحفيين خصوصا، على قدم المساواة. قبل سنتين فقط. حملت سماعة الهاتف وركبت رقم أحمد الزايدي، وأنا أداري الارتباك، لأن الزايدي لا يعرفني شخصيا، وكنت أتصل به من أجل التأكد من خبر..
بعد رنة واحدة فقط، أجاب الزايدي، وطلب مني منحه دقيقة ليركن سيارته على جانب الطريق حتى نتحدث بأريحية أكثر. سمعت صوت «السينيال» لتتوقف سيارة الزايدي على جانب الطريق، ونتحدث باستفاضة. الحدث يومها كان هو الضجة التي أحدثها تصريح وزير العدل والحريات،مصطفى الرميد، عندما أثار النقاش، الذي لا أحد يعلم مصيره، حول عودة المعارضين إلى المغرب في قضايا طالها «التقادم»، وثار الاتحاديون في وجهه وتحول البرلمان إلى «سويقة» كبيرة. عندما يتحدث الزايدي، بصفته رئيسا للفريق الاتحادي، إلى أحد الصحفيين،فإنه ينسى نفسه دائما، ويتحول إلى صحفي، يتحدث بأريحية،ويعلن أكثر مما يضمر. على عكس الاتحاديين الآخرين الذين هاجموا الصحافة والصحفيين الذين حاولوا أخذ رأيهم في ما حدث لـ«رفيق»دربهم، عليوة، أيام السجن.
الكثيرون، بعد وفاة الزايدي، أعلنوا بكل عفوية، أنهم لم يكونوا يعلمون قبل اليوم أن أحمد الزايدي «كان صحفيا في السابق» قبل أن يبرز اسمه داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ويرأس فريق الحزب بالبرلمان.
الحقيقة أن أحمد الزايدي بقي صحفيا طوال تلك الفترة. ولم تنجح السياسة في أن تصنع منه مستحاثة كباقي المستحثات التي تزين المشهد السياسي المغربي.
فحتى وأحمد الزايدي، بدأ الصحافة شابا ذات سبعينات، وتلا كلماته الأولى في نشرات الأخبار نحيلا أمام الميكروفون، فإنه كان قويا كفاية ليرسم لنفسه مسارا مختلفا عن الصحفيين وحتى عن السياسيين.
آخر ما قام به أحمد الزايدي، أنه عبر القنطرة من الأسفل. نم قرير العين يا رجل، فصورة جنازتك أبلغ تشخيص لما وصلت إليه السياسة.
لن تستطيع أبدا أن تضغط صحفيا.. البصري حاول الضغط بكل قوته، ولم يفلح. وها هو الزايدي اليوم، ضغطته سيارته في بركة ماء، وطفا.. لينتهي بهدوء، نهاية رجل شجاع، في عز الأزمة!
ساحة النقاش