<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = طارق أوشن
المقاطعة والكومبارس
يستكثرون على المملكة أن وزير خارجيتها صلاح الدين مزوار قاطع «المسيرة الجمهورية» بحجة أن المغرب لن يشارك في تظاهرة ترفع فيها شعارات مسيئة لنبي الإسلام محمد بن عبد الله. وفي المقابل يشعلون الشموع ويحاولون اصطناع الحزن على المحيى ألما لفراق رفاق ريشة وقلم «مسمومين». قدوتهم في الموضوع رئيس ترك مقر «المقاطعة» برام الله ليسير بجانب المدافع الأول عن حرية التعبير والتسامح بنيامين نتنياهو، الذي لا تفرق طائرات جيشه بين مقر صحيفة أو مسجد أو مستشفى أو روض أطفال. وكم كان منظر الرئيس مضحكا وهو يحاول اختراق الصفوف للانتقال إلى الصف الأمامي بجانب «الزعماء». فالمشاركة في المسيرة لا معنى لها بدون صورة مؤرخة للحظة الاحتكاك بقادة «العالم الحر». أحمد داوود أوغلو كان أيضا هناك وهو الذي لا تتوقف حكومته عن اعتقال الصحفيين والزج بهم في السجون كل يوم. المسيرة الجمهورية هدفها «الدفاع» عن حرية التعبير هناك لا هنا ولو سار فيها البغدادي القرشي فلا ضير.
لم يكن المغرب البلد الوحيد من حلفاء فرنسا التاريخيين الذي تخلف عن المسيرة، بل كانت أمريكا أكبر الغائبين واكتفت بزيارات لمسؤوليها لسفارة باريس بواشنطن. أمريكا لم تستسغ بعد «الرواية الفرنسية» وهي التي لا يتقبل مجتمعها السخرية من الأديان ولو اعتبروا «حرية التعبير المقدس الوحيد في العالم» كما يدعي كثيرون. من الواضح أن من ألفوا الكتابة «تحت الطلب» من مكاتبهم المكيفة يجدون في أي اعتداء على الصحافيين، ومن يشتغل معهم، مناسبة لتمثل «البطولة» وإضفاء «القداسة» على العمل الصحفي. قبل أسابيع تعرضت شركة «سوني» لهجوم الكتروني كبير لمنعها من إخراج فيلمها (المقابلة) إلى القاعات. لم تكن ردود الفعل بالقوة ذاتها، فالفيلم يقدم الصحافيين على شكل «عملاء» يستخدمون لاغتيال رئيس دولة عدو. والواقع أن الأمر ليس اكتشافا، وما مآل زعيم الحرب الأفغاني شاه مسعود إلا مثالا حيا، وهو الذي اغتيل من طرف «صحفيين» أحدهما مغربي، كإشارة البدء لهجوم الحادي عشر من سبتمبر.
المغرب قاطع منذ مدة «التعاون الأمني» مع فرنسا التي لم تستطع منع سبعة من رجال شرطتها من الإضرار بعلاقات «متميزة» مع حليف مهم. واليوم ينصب كل النقاش في فرنسا على ضرورة «تشديد» الإجراءات ضد «الجهاديين» وبقية الجالية المسلمة، المتهمة جميعها بأنها مشاريع إرهابيين محتملين. لكن النفاق السياسي يفترض الحديث أيضا على احترام الحقوق و«الحريات». أما صحافيو (شارلي ايبدو) فلم يضيعوا وقتهم كثيرا وجريدتهم خرجت يوم الأربعاء، كالعادة، إلى الأسواق وفيها رسوم مسيئة للرسول الكريم. الفرق الوحيد أن العدد الجديد ستوزع منه ثلاثة ملايين نسخة بست عشرة لغة وفي خمسة وعشرين بلدا. فهل سيملك «غياطي» الحرية الكاذبة الشجاعة للدعوة إلى مقاطعة من يسيئون لنبيهم ما داموا غير قادرين على مواجهة الفكرة بالفكرة والرسم بالرسم وهم الذين يعيشون فقرا إبداعيا ومهنيا قاتلا؟ لا أهمية لموقفهم الذي استنفد غاياته منذ جف الحبر الذي كتب به، ولا أحد ينتظر منهم اليوم فعل «مقاطعة» أو تنديد.
كان الرئيس وقتها اشتراكيا باسم فرنسوا ميتران، واليوم يقود فرنسا اشتراكي آخر باسم فرانسوا هولاند، وفي عهده تابعنا على المباشر «مسيرة جمهورية» من تلفزيون الواقع بقليل أبطال وكثير من الكومبارس...
ساحة النقاش