<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
لهذه الأسباب انتفض قاضي العيون في وجه الرميد
فلاش بريس - فلاش بريس
الاثنين 26 يناير 2015 10:23
سال حول قضية محمد قنديل، القاضي بالمحكمة الابتدائية بالعيون، الكثير من المداد، وخاض الكثيرون من جديد في نقاش حول موضوع إصلاح العدالة بالمغرب، منذ أن أدت التسجيلات الصوتية التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي إلى صدور قرار بتعليق مهام القاضي قنديل، الذي انتفض في وجه وزير العدل والحريات. كما وصل الأمر بعميد قضاة الفوج 37 إلى وصف الرميد بالمتواطئ مع «الفساد» الذي «ينخر» المحكمة الابتدائية بالعيون، بسبب «صمته وخذلانه» لهذا القاضي الجديد لسبب واحد هو أنه كشف «الفساد»...
«الأخبار» استجمعت تفاصيل أهم الأسباب التي أدت بمحمد قنديل إلى إشهار ورقة الاستقالة من سلك القضاء، وتكشف خيوط التوتر بينه وبين نقابة كتاب الضبط بالمحكمة والتي وصفها قنديل بالجبن لعدم قدرتها على تسميته بالاسم لما اشتعلت أولى بوادر حرب ستنتقل إلى صدر الصفحات الأولى للجرائد.
الشعبة المنفلتة
كان القاضي قنديل، حينما تم تعيينه بالمحكمة الابتدائية بالعيون، يرأس شعبة المدني المتنوع، وهي الشعبة التي وصفها بالمنفلتة وغير المتحكم فيها. ومن أولى بوادر التوتر التي كانت السبب في «انتفاضته» هي جلسة 03 شتنبر 2014، حيث تعتبر بداية إعلان الحرب على قاضي العيون حينما عمد إلى تأخير تلك الجلسة، وهو ما أدى برئيس المحكمة الابتدائية ونقابة كتاب الضبط إلى الاحتجاج على الأمر، قبل أن يشرح قنديل دواعي هذا التأخير في جواب يحمل الكثير من الأرقام والمواد القانونية بشكل مفصل، مما يعني أن هذا القاضي «قاري صوارو» كما يقول المثل الشعبي وعلى دراية بمهنته. ويكشف قنديل في جواب وجهه إلى رئيس المحكمة تحت عدد 25 س 2014، أن التأخير جاء لسببين؛ أولهما امتناع كاتب الضبط عن تسليمهم ملفات جلسات المدني المتنوع والمدرجة في التاريخ المذكور، من أجل الاطلاع عليها ودراسة جدولها والتأكد من تواجد جميع الملفات المدرجة في الجلسة المعنية، لأنه لا يعقل، يقول قنديل ضمن وثيقته، أن تسلم الملفات للقاضي المكلف بالشعبة لدراستها قبل الجلسة بيوم واحد، وهو ما يتنافى مع الرسالة التي تقع على عاتق المحكمة والتي تتمثل في الحكم بين الناس بالعدل. فكيف يمكن للقاضي، يتساءل قنديل، أن يكون عادلا وهو لا يعلم ما يوجد بالملفات ولم تتسن له دراستها، خاصة أن أغلبها يدخل في إطار المسطرة الكتابية، وأن الأطراف ونوابهم يسلمون المذكرات الجوابية والمستنتجات لهيأة كتابة الضبط وفي بعض الأحيان، يضيف قنديل، تشوب هذه المذكرات اختلالات شكلية، ما يستوجب الإنذار بإصلاح المسطرة.
أما السبب الثاني، حسب قنديل، فهو أن القرار الذي اتخذته المحكمة بتأخير الجلسة وإحالتها يدخل ضمن قراراتها الولائية، ويرجع لسلطتها التقديرية وقناعتها الوجدانية في التطبيق السليم للقانون، مؤكدا أن المحكمة غير ملزمة بإخبار أي مسؤول قضائي كيفما كان بقرارتها قبل الدخول للجلسة. وقد علل جوابه بعدة فصول من قانون المسطرة المدنية بالإضافة إلى المنشور عدد 845 الصادر بتاريخ 16 مارس 1979 لا سيما القسم الثاني منه المتعلق بالجلسات المدنية العادية وضرورة احترامها.
جبن وجواب
بعد شهرين عن هذا التوتر، وفي تاريخ 11 أكتوبر 2014، أصدر المكتب المحلي للنقابة الديمقراطية للعدل بالعيون بيانا يقول فيه إن ابتدائية المدينة تعيش توترا بين كتابة الضبط وأحد القضاة الجدد بالمحكمة ذاتها، ووصف المكتب الأمر بالمثير «للاشمئزاز» و«الغثيان» من درجة الإسفاف التي بلغها في سلوكه وتصرفاته. حسب تعبير البيان، الذي أضاف: «فقاضي زمانه لا يعترف لكتابة الضبط بحق الوجود والعمل ولا يرى لها من دور بالمحكمة على الإطلاق»، فهو الذي يقوم بالإجراءات مع المواطنين ويحكم الملفات ويطالب ببقائها في حوزته منذ فتحها إلى ما بعد حكمها، في إلغاء تام لدور كتابة الضبط نتيجة فهمه المغلوط للنصوص القانونية وليّ أعناق فصول المسطرة المدنية لإرضاء نزواته وأوهامه «المريضة»، وفقا لمضمون البيان. وواصل الموقعون على البيان حديثهم مشيرين إلى أن «المكتب المحلي وهو يسرد ما وصفها «الفظائع» المرتكبة ممن زعم وبتصريحه أنه خليفة الله في أرضه، ليقف مشدوها من هول هذه السلوكيات و«خطورتها» على الأمن القضائي للمواطنين، ويذكر أنه لطالما نبه المسؤولين إلى خطورتها وعلى رأسهم الرئيس الأول وذلك في لقاء سابق للمكتب المحلي معه، حيث تم اطلاعه على هاته السلوكيات الشاذة قانونيا ومطالبته بفتح تحقيق في الأمر والعمل على تطبيق القانون»، وفق تعبير وثيقة المكتب.
لم يستغرق القاضي قنديل سوى خمسة أيام حتى رد على النقابة، في بيان ضمنه اسمه بصفته أحد القضاة الجدد بالمحكمة الابتدائية بالعيون الذين تحدث عنهم بيان النقابة، إذ وصف كتاب الضبط بأنهم لا يتوفرون على الشجاعة الكاملة وما أسماها بالمبادئ النقابية، لسببين لخصهما في عدم ذكر اسم القاضي الذي تسبب لهم بكل هذه الويلات التي ذكروها، وهذا يدل حسب قنديل على «جبن» المؤسسة النقابية، من خلال عدم قدرتها على تحمل مسؤولية التصريحات التي تصرح بها «للجماهير»، سيما وأنهم صرحوا أن القاضي «فاسد» يضيف قنديل قائلا: «فأنا بدوري كقاض بهذه المحكمة لا يشرفني أن يحمل أحد زملائي هذه الصفات كما أنه لا يشرفني أن أحمل أنا نفسي هذه الصفات، يسترسل عميد الفوج 37 للقضاة. وبالإضافة إلى التعميم بدل التخصيص، اعتبر قنديل الأمر تطاولا على مؤسسة قديمة قدم التاريخ ولها مرجعيتها الدستورية، مطالبا وزارة العدل بفتح تحقيق حيال هذه الاتهامات لتحديد المسؤوليات كما أعلن تضامنه مع النقابة للكشف عن القاضي المجهول والفاسد، يضيف القاضي المنتفض.
تظلم وخروقات
بعد تبادل الاتهامات بين الطرفين أخذت القضية منحى تصاعديا، ما أدى بالقاضي قنديل إلى مراسلة وزير العدل والحريات بتاريخ 23 أكتوبر 2014 يشتكي من خلالها مما أسماه بأبشع صور العنف المعنوي التي تعرض لها من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالعيون. وأضاف قنديل أنه تعرض أيضا للضغط من طرف رئيس المحكمة الابتدائية بالعيون، مؤكدا في وثيقته أن بحوزته خروقات حول المحكمة الابتدائية، كما أشار إلى أنه لما كان بصدد رفعها لرئيس محكمة الاستئناف للبت فيها، مورست عليه ضغوطات، وهو ما يعتبر تدخلا في استقلالية القضاء وفي الأوامر الملكية التي ينفذها القضاة على حد تعبير الوثيقة، بالإضافة إلى التشكيك في مصداقيته ونزاهته وشرفه كقاض لا يملك غيرها.
الباب المسدود
ما أن وصل هذا الملف إلى بابه المسدود، ولما رفض كتاب الضبط إجراء صلح مع القاضي قنديل بعد أن اشترط عليهم تقديم اعتذار رسمي، اتجه الأخير صوب العاصمة الرباط وفق أقواله حيث التقى، بعد تهديده بنشر التسجيلات الصوتية في مواقع التواصل الاجتماعي، المفتش العام لوزارة العدل وأخبره بتفاصيل كل شيء. وقال إن المفتش استقبله بكل احترام مسلما إياه ملف ابتدائية العيون عبر التسجيلات الصوتية والوثائق التي بحوزته، وحينها يقول قنديل اعترف المفتش بأن 90 في المائة من القضاة «فاسدون» وأن نسبة الكفاءة ضئيلة جدا، وأن أحكام القضاة أصبح يعتريها اللصق والقطع، كما أكد له أنه لا يمكن إزاحة كل هؤلاء «الفاسدين» «لأننا سنوقف جهاز القضاء»، في حين طلب منه تغيير المحكمة إلا أن قاضي العيون رفض ذلك وتشبث بتطبيق القانون. وبعد هذا اللقاء استدعى وزير العدل والحريات مصطفى الرميد قنديل وأطلعه على ملفه، والذي يتوفر عليه الرميد بكل تفاصيله وفقا لرواية عميد فوج 37 للقضاة، وخلال نفس اللقاء طلب منه تغيير المحكمة لأنه يخاف عليه من تلك المنطقة، حسب ما أورده قنديل مضيفا أن جوابه عن طلب الرميد كان كما يلي: «السيد الوزير هذه استقالتي وأطلب منك إبراء ذمتي المالية وسأذهب لحال سبيلي». فقال لي، يضيف قنديل: «غادي نكولها ليك بالدكالية نوض تكعد والله ما نفرط فيك، عمّر أي محكمة تريد وأنا غادي نصيفطك ليها نوصي عليك المسؤول القضائي في تلك المنطقة وعليك أن تكون مرنا شيئا ما في عملك وأن تتعايش مع الوسط الذي تشتغل فيه»، يقول قنديل.
توقيف وخرق دستوري
ما أن تصدرت قضية قنديل الصحف وانتشرت التسجيلات الصوتية، حتى أوقف وزير العدل والحريات مصطفى الرميد هذا القاضي عن العمل مؤقتا، إذ أصدر بلاغا مقتضبا تقرر فيه «إيقاف محمد قنديل، القاضي بالمحكمة الابتدائية بالعيون، بصفة مؤقتة وإحالته على المجلس الأعلى للقضاء للنظر في أمره، طبقا لمقتضيات المادتين61 و62 من النظام الأساسي للقضاة، وذلك نظرا لما نسب إليه من أفعال تعد إخلالا بالشرف والوقار» يقول البلاغ الوزاري. كما أضاف أنه تقرر أيضا «إجراء بحث تولته المفتشية العامة لوزارة العدل والحريات، في ادعاءاته بشأن خروقات بالمحكمة الابتدائية بالعيون، وستتخذ الإجراءات اللازمة على ضوء نتائج البحث».
من جهته، قال القاضي المعني بالبلاغ إن القرار غير قانوني، فالمادة 62 من القانون المنظم لمهنة القضاء تنص على أنه «لا يحق لوزير العدل أن يتخذ قرار التوقيف المؤقت في حق أي قاض إلا إذا كان متابعا جنائيا أو صدر عنه إخلال أو خطأ خطي». واستغرب قنديل من الأمر بالرغم من كون الوزير توصل بالتسجيلات الصوتية ولم يحرك حينها ساكنا. واعتبر القاضي الذي حصل على المرتبة الأولى بين زملائه في الفوج عدم تسليمه قرار التوقيف إلى حدود اللحظة أنه يحمل رسالة لجميع القضاة، مؤكدا أن القرار غير قانوني وبالتالي فهو يملك حق الطعن الإداري لكون الوثيقة غير دستورية خصوصا وأن دستور يوليوز 2011 جعل القضاة سلطة مستقلة وليس جهازا. كما وصف القاضي وزير العدل والحريات في جل خرجاته «بالفاسد» و«المتخاذل» وشدد على كونه يتحمل المسؤولية في ما يقول، في سابقة من نوعها.
تضامن واسع
لقيت قضية محمد قنديل أو ما بات يعرف بقاضي العيون تضامنا واسعا على المستوى الوطني، حيث تم إحداث صفحات على الشبكات الاجتماعية كلها تصب في التضامن مع قضية قنديل كصفحة «كلنا محمد قنديل» و«الحملة الوطنية لمساندة القاضي الأستاذ محمد قنديل»، في وقت دخل المركز المغربي لحقوق الإنسان على الخط، حيث أصدر بيانا أشار فيه إلى أن ما ورد في بعض التسجيلات، إذا صح مضمونه، يعكس فسادا سلوكيا، تستعصي معه كل محاولة للإصلاح، لما ينم عنه من عقلية استبدادية، لدى بعض المسؤولين القضائيين، تدفعهم إلى التعاطي مع المواطنين بمنطق تعاطي الأسياد مع العبيد.
واعتبر المركز ما صدر عن أحد المسؤولين القضائيين من تهكم على البرلمانيين وعلى الإعلاميين يرقى إلى جريمة أخلاقية وأدبية تحتم عدم أهليته، وفق تعبير البيان، للاضطلاع بمهمة التقاضي بين الناس فما بالك بإدارة المرفق القضائي؟ يتساءل المركز. كما طالبت الجمعية الحقوقية بعدم التعاطي بروح الانتقام مع قاضي غيور، يمثل نموذجا للنزاهة والمصداقية، يصدح بالحق، ويسعى لمواجهة جبروت «المفسدين» المستبدين بالقضاء.
التضامن مع القاضي قنديل لم يقف عند هذا الحد، إذ وجه برلماني عن حزب العدالة والتنمية بدائرة العيون سؤالا كتابيا لوزير العدل والحريات، يتساءل فيه عن الإجراءات المزمع اتخاذها للتحقيق في ما نسب لمحكمة العيون من خروقات فجرها هذا القاضي.
تفجير القنبلة
بعد سلسلة اللقاءات المارطونية التي أجراها مع كل من الوزير والمفتش العام، عاد القاضي إلى العيون ولما اقترب من المدينة استنادا لروايته وعلى بعد 14 كيلومترا منها تعرض لحادثة سير نتيجة قدوم سيارة أخرى في الاتجاه المعاكس. هذه الحادثة التي وصفها قنديل «بالمدبرة» وفقا لتصريحات صاحب السيارة الأخرى وكذلك الرسم البياني للحادثة. وعلى إثرها طلب من الوكيل العام للملك فتح تحقيق في الموضوع للوقوف على الحقيقة الكاملة للحادثة. وكانت هذه الحادثة فصلا آخر سينتهي إلى الصفحات الأولى للجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي، بعدما فجر قنديل «الفضيحة» في سلسلة من الفيديوهات يقول إنها حوارات بينه وبين مسؤول قضائي بالمحكمة، حيث يكشف مضمون إحداها عن عملية «تزوير» المحاضر بينما تكشف الأخرى أن المسؤول قال إنه لا يخشى الصحافة «وكم كتبوا عنا ؟ .. واش قضاو» يضيف نفس المسؤول.
وبالعودة أيضا إلى نفس الشريط المنتشر على الشبكات الاجتماعية كالنار في الهشيم فقد بدأ صوت قنديل ممزوجا بدموع «الحكرة»، كما هدد بالاستقالة لكونه تعرض «للإهانة» وأنه لم يقم سوى بتطبيق ما يرضي الله تعالى والقانون.
ساحة النقاش