http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

المساء = عبد الله الدامون

اختصاصنا تضييع الفرص (4): الرحالة ابن بطوطة

لعدد   25/01/2015-2588:

المغرب اكتشف العالم الخارجي في وقت مبكر جدا، ومنه خرج رحالة مشاهير جابوا الآفاق واكتشفوا الأصقاع، وفيه برز جغرافيون نوابغ في وقت كان العالم لايزال فيه متقوقعا على ذاته، لكن المغرب ضيع مرة أخرى هذه الفرصة التاريخية التي، لو أنه استغلها كما يجب، لما كان على ما هو عليه الآن.
يعرف
العالم كله الرحالة الفذ ابن بطوطة، الذي خرج من طنجة وهو فتى في الحادية والعشرين من عمره ليؤدي فريضة الحج، فانطبقت عليه مقولة «خرج ولم يعد».
جاب
ابن بطوطة البلدان والأصقاع، ووصل إلى أمكنة لم يصل إليها أحد قبله، لا من العرب ولا من العجم، وشكلت رحلاته كنزا استراتيجيا ثمينا، لكنها انتهت مجرد حكايات بين دفتي كتاب، وكأن الرجل مجرد شخصية من شخصيات الرسوم المتحركة.
ابن بطوطة طاف كل العالم المعروف آنذاك، فهو ولد ومات قبل
اكتشاف أمريكا رسميا (رغم أنها كانت مكتشفة بالفعل قبل زمن طويل)، وجاب ابن بطوطة ثلاث قارات، أوربا وإفريقيا وآسيا، وهي العالم المعروف آنذاك. وفي كل رحلاته، كان الرجل يغوص في أعماق المجتمعات، بل إنه تقلد مناصب هامة في عدد من البلدان، من بينها منصب القضاء أو الاستشارية، واطلع على معلومات ومعطيات كثيرة، بل على أسرار كثيرة ودقيقة.
كانت نقطة قوة ابن بطوطة
تكمن في كونه ينزل في كل أرض ولا يتصور أنه مُفارقها، لذلك يسارع إلى الزواج والإنجاب، وفي عدد من البلدان تزوج ابن بطوطة بناتا من العائلات الحاكمة، وصار فاعلا رئيسيا في السياسة؛ وفي أحيان كثيرة، تولى منصب القضاء وصار يتحدى حتى الحاكمين بقراراته العادلة، مما جر عليه سخط السلطة في أكثر من مناسبة.
في كل مرة كانت الرياح تذرو ابن بطوطة نحو أرض أو قارة
مختلفة. لقد وصل إلى أراضٍ وبلدان لم يكن سلاطين المغرب أنفسهم يدرون بوجودها؛ وعندما وصل إلى الصين، صنع لنفسه هالة لاتزال مستمرة إلى اليوم، إلى درجة أن المسؤولين الصينيين الذين يأتون اليوم إلى المغرب يسارعون إلى السؤال عن قبر ابن بطوطة لزيارته، لكنهم يُصدمون عندما يعلمون بأن الرجل مدفون في قبر مهمل بزقاق ضيق بالمدينة القديمة لطنجة، والأنكى من ذلك أن قبره موضع جدل.
عاش ابن بطوطة قرابة 76 عاما، وإذا حذفنا منها العشرين
عاما الأولى التي قضاها بطنجة، وأعوامه القليلة التي قضاها في المغرب بعد اعتزاله الترحال، فإن الرجل يكون قد أمضى أزيد من أربعين عاما وهو يجوب الآفاق، وعاد من رحلاته بكنوز ثمينة من المعلومات والأسرار، لكن ماذا فعل المغرب بكل تلك المعلومات؟ لا شيء.. لقد استدعاه السلطان لكي يحكي له ما رآه في كتاب يتيم سماه «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأمصار»، وكان على ابن بطوطة أن يجمع في هذا الكتاب ما رآه في قرابة خمسين بلدا زاره، وكان عليه أن يحكي في هذا الكتاب الوحيد تفاصيل ما رآه عبر مساحة 120 ألف كيلومتر عبرها في حله وترحاله، وكان عليه أن يحكي للسلطان.. فقط للسلطان، ما عاشه وخبره طوال أربعة عقود من الترحال، وفي النهاية كتب ابن بطوطة الكتاب وقرأه السلطان، وربما لم يقرأه، وكأن السلطان طفل تنقصه التسلية فقرر أن يقرأ كتاب ابن بطوطة كما لو أن الأمر يتعلق بفيلم للرسوم المتحركة.
في تفاصيل رحلة ابن بطوطة الكثيرُ من المعلومات الثمينة
والأسرار العجيبة التي كان يمكن للمغاربة أن يستغلوها من أجل أهداف استراتيجية، أهداف اقتصادية وسياسية ودبلوماسية كبيرة. كان بإمكان الحاكمين وقتها أن يجمعوا لجنة علمية وسياسية واقتصادية، وعلى قدر كبير من المعرفة والدراية، لكي يضعوا معلومات ابن بطوطة في ميزان المصالح الاقتصادية والسياسية للمغرب، فيصلوا بتجارتهم إلى البلدان التي تحتاجهم، أو يأتوا منها بما يحتاجون إليه بأرخص الأثمان، وأن يربطوا صلات سياسية ودبلوماسية وعلمية بحلفاء في مختلف الأصقاع، خصوصا وأن ابن بطوطة زار بلدانا تغرق في الثروات، أو بلدانا في حاجة إلى حلفاء استراتيجيين، وأخرى تفوق المغرب علما وتنظيما وحكمة.. وأشياء كثيرة أخرى.
الرحالة الأوربيون، أمثال مارْكو
بولو وغيره، وضعوا معلوماتهم وخبراتهم في خدمة أوطانهم، في وقت كانت فيه المعلومة أندر من بيضة الديك؛ وابن بطوطة وفر للمغرب معلومات مذهلة، لكن المغرب، الذي ضيع فرصا تاريخية كبيرة وكثيرة، قبل ابن بطوطة وبعده، ظل مخلصا لنزعته «المازوشية» في التنكيل بالذات، إلى درجة أنه لم يعرف كيف يستغل رحالة مغربيا آخر اسمه الإدريسي، مؤسس علم الجغرافيا وأول من رسم خريطة العالم.
الإدريسي، ابن سبتة، حدث له نفس ما حدث لجاره ابن طنجة، وتلك حكاية الأسبوع المقبل
.

 

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

المصدر: المساء = عبد الله الدامون
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 25 يناير 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,745