http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

<!--

<!--<!--

فلاش بريس - المصطفى مورادي

للأدب سطوته أيضا

طرح سؤال الجدوى من تدريس الأدب في المدرسة العمومية المغربية اليوم، له ما يفرضه أكثر من أي وقت مضى. ففي وقت أضحى فيه مسؤولونا مسكونين حد الهوس، بهاجس ربط التعليم بسوق الشغل، دون أن يعوا خطورة دعوة كهذه، على مستقبل بلد لن يحقق التنمية والتحديث بصنع القناطر وتعبيد الطرق وبناء ناطحات السحاب فقط، بل بتحديث الذهنيات أولا وأخيرا، وتفكيك حالة «السكيزوفريينا» التي تعشش في ذهنية المغربي اليوم، حيث يتساكن التخلف والتحضر، والحداثة وماقبل الحداثة جنبا إلى جنب دون «مشكلة»..
فإن كانت من خصوصية يمكن أن نحققها في هذا الرهان، سيكون حتما بأن نبتعد
عن النماذج غير المشرفة للتحديث، والتي تعيشها أمم، منها «الشقيقة»، كإمارات الخليج، حيث تتساكن ناطحات السحاب والحكومات الرقمية جنبا إلى جنب مع «البدون»، والأمراء الذين يتوارثون الاستبداد و«العبقرية المجني عليها»، ومنها الصديقة كباكستان وبنغلاديش حيث تتساكن صناديق الاقتراع مع ثقافة تقديس «الأنبياء» و«الآلهة» الذين يتناسلون كل يوم هناك..
يتعلق الأمر بأن نجيب دون تردد عن سؤال نموذج الإنسان المغربي الذي ما
فتئنا نمدحه، دون أن نعمل شيئا لصناعته وتشكيله. إنسان كوني أولا، ثم إنسان متعدد ومنفتح ثانيا، أخيرا مواطن ثالثا.. وباختصار إنسان مفكر وليس فقط «applicateur»، أي لا ينبغي لإنسان نعلمه كيفية إتقان صناعة واستخدام البرمجيات الرقمية، أن يهاجر في غفلة من أسرته إلى «داعش» و«النصرة» و«القاعدة»، ويضع ما علمناه إياه في خدمة أمراء الدم وأعداء الحياة، الذين قدموا أبشع صورة عن العربي المسلم عبر التاريخ، صورة الإعدامات الجماعية لشباب بسبب أسمائهم الشخصية، فضلا عن جز الرؤوس وسبي النساء وختان الشيوخ.. والافتخار بذلك.
أقول هذا وأنا أفكر الآن في التصريح غير المسؤول لوزير التعليم العالي،
والذي وصف فيه الأدبيين بالخطيرين على المجتمع، علما أنه هو أيضا يتحدر من تكوين اقتصادي، اللهم إلا إذا كان «سعادته» يصنف نفسه إلى جانب علماء، أمثال «أنشطاين» و«بيير دي فيرمات»...
أقول هذا وأنا أفكر في المشاريع التي خرجت لنا بها وزارة التربية الوطنية،
من قبيل الباكلوريا الدولية والباكلوريا المهنية، معتقدة أنها وجدت أخيرا «البلسم» لمشكلة التعليم، مع أن الهدف الأخير من كل هذا، وكما قال العروي، حفظه الله، مرارا، هو تنفيذ حرفي لتعليمات صندوق البنك الدولي، والتي تستهدف جعل مدارسنا وجامعاتنا تختص في تكوين «أياد ماهرة» و«ألسنة متواصلة»، وهنا «العمل» في «مراكز النداء» و«معامل» إنتاج الأسلاك الكهربائية «طموحا».
هكذا نختزل إشكالية شائكة هي علاقة اللغة بالفكر، وبدل أن نعلم اللغة
والفكر والأدب التي أنتجا بها، فضلنا فقط أن نعلم اللغة لمعرفة استعمال التقنيات المادية التي أنتجها الناطقون باسمها.. هكذا سنستهدف من تكوين تلامذتنا في الباكلوريا الفرنسية، تعلم العلوم والأدب باللغة الفرنسية، وذلك بمناهج مستوردة من فرنسا، لكننا ننسى أن اللغة الفرنسية بالنسبة لنا تظل «لغة أجنبية»، أي سنتخذ من الأدب مطية لتدريس قواعد اللغة، بينما التلميذ الفرنسي يدرس باللغة الفرنسية لأنها لغته الأم، والفرق بين الأمرين كبير جدا. فنحن سنعلم تلامذتنا الفرنسية ليس ليقرؤوا «أندريه جيد» و«هنري برجسون» و«صمويل بيكيت» و«كلود سيمون»..، ولكن ليعرفوا قراءة «كاطالوغات» الآلات المستوردة وكيفية تشغيلها، وكذا حسن الإنصات إلى «خبراء» الصناعة والتدبير الذين يتم استقدامهم من فرنسا وكندا وبلجيكا، لرفع مردودية إنتاج مصانع وإدارات الأغنياء من بني جلدتنا. والشيء نفسه في الباكلوريا الإنجليزية والإسبانية، والتي انطلق العمل بها هذه السنة. والسؤال: هل هذا هو المغربي الذي نريد؟ هل هذا هو المواطن الذين نريد أن نباهي به الأمم ونصنع به حضارة متميزة؟
إننا نقوم بتشكيل مغربي يتعلم لغة العولمة لـ«يبدع»، في إرضاء أرباب عمله
الذين يجنون الأرباح في باريس وبروكسيل ومدريد، بينما نحن سنجني «راحة البال» بأن نفرغ ساحة باب الرواح وشارع البرلمان من المحتجين المطالبين بالشغل.. هل هذا فقط ما نطمح إليه؟

 

المصدر: فلاش بريس - المصطفى مورادي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 42 مشاهدة
نشرت فى 23 يناير 2015 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,331