<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = عبد السلام بنعيسي
قضية عصيد ومزان والحداثة المفترى عليها
أدلى الناشط الأمازيغي أحمد عصيد بتصريح لأحد المواقع الإلكترونية المغربية حول الواقعة المثارة عن علاقة حميمة كانت تربطه بالشاعرة مليكة مزان، غير أن تصريح عصيد لم يتضمن أي جديد مما كان ينتظره منه المهتمون بهذه الواقعة، فهو لم ينف ولم يؤكد ما قالته مليكة عن أنه كان عشيقها.
ما يستشف من التصريح ومما يكتب في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا من طرف أصدقاء عصيد والمتعاطفين معه، هو أن الرجل مستهدف بهذه الضجة الإعلامية من طرف أجهزة الدولة السرية.
لا نفهم لماذا أجهزة الدولة تستهدف أحمد عصيد؟ ماذا يمثل بالنسبة لها؟ هل يشكل خطرا داهما على مؤسسات الدولة، ولذلك تريد القضاء عليه قضاء مبرما درءا لهذا الخطر؟؟
المعروف عن الناشط أحمد عصيد أنه عين بظهير ملكي في المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وكما هو معلوم فإنه لا يعين بظهير إلا الأشخاص المرضي عنهم من طرف الدولة وأجهزتها السرية والعلنية. وهو متفرغ للاشتغال كأستاذ باحث في المعهد المذكور.
ولقد أوكلت لعصيد وثلة من أصدقائه مهمة اختيار الحرف الذي تُدرس به الأمازيغية، واختاروا حرف تيفيناغ وفرضوه على كل المغاربة، وهم الذين قرروا أن اللغة المعيارية هي التي ينبغي أن يقع تلقينها في المدارس لأبناء المغاربة، وجرى ذلك بعيدا عن أنظار كافة المغاربة سياسيين وغير سياسيين، وجرى ربما الأمر بإيعاز من الأجهزة إياها، فاختيار حرف ولغة التعليم ليس أمرا بسيطا وعاديا لكي تُكلف به الدولة المغربية أشخاصا لا يحظون بثقتها، ويمتثلون لأوامرها.
وكان للسيد عصيد برنامج تلفزيوني حواري في القناة الثامنة، يتقاضى عليه تعويضات دسمة تقدر بملايين السنتيمات شهريا، ولقد استضاف في ذلك البرنامج العديد من الشخصيات السياسية المغربية وكان على رأس الضيوف المحجوبي أحرضان وإلياس العماري..
وكتب عصيد الورقة الثقافية للحركة الشعبية بمناسبة عقدها لواحد من جموعها العامة، ولا يخفى أن هذا الحزب أنشئ من طرف الإدارة لضرب التعددية الحقيقية في المغرب ولإجهاضها في المهد، وكان أداة فعالة لتزييف وتزوير إرادة الشعب في كافة المناسبات الانتخابية التي عرفها المغرب، كما أن عصيد واحد من المؤسسين لجمعية ثقافية تابعة لحزب الأصالة والمعاصرة.
بمعنى آخر، لم تكن للسيد عصيد قطيعة نهائية وشاملة مع مؤسسات الدولة ورجالاتها المتنفذين، ولم يكن مغضوبا عليه بشكل كلي من طرف الأجهزة، فلقد كانت الأجهزة تتيح له، باختيار منها وليس بحكم وظيفته، أن يمرح ويسرح في مؤسسات مهمة من مؤسسات الدولة.
من المحتمل أن يكون عصيد قد أصبح في الأيام الأخيرة مستهدفا من طرف المخابرات وصارت تتقصده وتريد تشويه صورته لسبب من الأسباب، لكن السؤال المطروح هو هل كانت لدى عصيد الرجل المتزوج والمناضل الحداثي علاقة حميمة مع مليكة مزان أم لا؟ هل دخل في ممارسة غير أخلاقية معها أم لا؟
إذا كان الجواب نعم، فإن عصيد يتحمل المسؤولية الكاملة عن حملة التشويه التي تطاله حاليا. بل يجوز القول إن الأجهزة السرية تصرفت برفق وتساهل معه، لقد كان بإمكانها إلقاء القبض عليه رفقة مليكة وإحالتهما معا على القضاء بتهمة الخيانة الزوجية، مع ما يرافق ذلك من ضجيج وصخب في وسائل الإعلام.
لنفترض أن قياديا إسلاميا بارزا تم ضبطه في علاقة مشبوهة مع امرأة وهو متزوج وأب لأطفال، كيف كان سيقع التعامل معه من طرف عصيد وأصدقائه ومناصريه؟ هل كانوا سيبحثون له عن ظروف التخفيف ويصفون الأمر بأنها حياته الشخصية وهو حر فيها؟؟
من حق عصيد علينا التعاطف وحتى التضامن معه فيما لو كان ما تقوله ملكية مزان مجرد افتراء عليه، فلو كانت تكذب وتدعي أشياء غير حقيقية عنه، وقتها كان سيصبح لقوله أنه مستهدف من طرف المخابرات معنى ومضمون، ويستدعي الأمر منا حينها الوقوف إلى جانبه ومساندته لأنه مظلوم ومعتدى عليه.
أما إذا كانت لدى عصيد علاقات غير أخلاقية مع مزان فإن التضامن معه في هذه الحالة يكون كالتضامن مع معتد على حقوق الإنسان أو مرتش أو مغتصب...
التضامن لا يكون مع الأفراد لذواتهم، ولكنه يكون معهم حين يتعرضون للظلم ويقعون ضحايا الشطط في استعمال السلطة.
عندما نتضامن مع شخص فقط لزعمه أنه حداثي مثلنا، رغم تجاوزه للقانون وللقيم الاجتماعية المتعارف عليها كونيا، ومن ضمنها احترام مؤسسة الزواج، فهذا يعني أننا نتصرف بعقلية انصر أخاك ظالما أو مظلوما، الأمر الذي يتنافى ويتعارض مع قيم الحداثة التي نتشدق بها.
بتصرفنا هذا نسيء إلى أنفسنا، ونعطي الانطباع للرأي العام بأن لا علاقة لنا بالحداثة، لا من قريب ولا من بعيد. نبين للخاص والعام أن عقلية القبيلة ما زالت تسكننا، وتعشش في دواخلنا، وتتحكم فينا، ونظهر، نتيجة لذلك، في صورة كاريكاتورية مضحكة ومنفرة في آن واحد. ولعل هذا واحد من أسباب تغرب المنسوبين على الحداثة وعزلتهم الشديدة في مجتمعهم.
ساحة النقاش