<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = حسن البصري
المقاومة بصيغة أخرى
نبشت جمعية رياضة وصداقة في الوثائق القديمة للمقاومة، واختارت تذكير عشيرة كرة القدم بعلاقة الدم التي كانت تربط الرياضيين بالمقاومة ضد المستعمر الفرنسي والإسباني. في ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال، استمع الجميع لشهادات أكدت أن الرياضة كانت وجها من أوجه النضال ضد الاحتلال، وأن الكرة لم تكن حينها منفوخة بالهواء الفاسد، بل بالديناميت الكاتم للصوت.
تعرف الحاضرون على الدور الذي لعبه عبد السلام بناني، مؤسس العصبة الحرة لكرة القدم، وهي البوابة التي منحت المغاربة فرصة مداعبة الكرة في إطار فرق رياضية، بعد أن أراد الاستعمار أن يجعل منهم مجرد احتياطي جماهيري يصفق لمهارات الفرنسيين في مبارياتهم. عبد السلام بناني لم ينل نصيبه من الاستحقاق، رغم أنه المؤسس الحقيقي للكرة في صيغتها المغربية. حسب الوثائق السرية للخارجية الفرنسية، فإن بناني «مسجل خطر»، ليس لأنه عضو في المكتب المسير للوداد، أو في الاتحاد البيضاوي، بل لقدرته على جعل الكرة خندقا للمقاومة. حين مات بناني بسكتة قلبية سكت الجميع فطواه النسيان، وحين فطن أولو الأمر والنهي لغلطتهم قرروا إطلاق اسمه على سجن للمراهقات.
جلس والد لاعب الفتح الرباطي، خالد المغراوي، يروي بصوته الجهوري، علاقة الكرة بالمقاومة، وتحدث أمام اللاعبين الدوليين والصحافيين والفنانين عن سلاح الرياضة الفتاك ودوره في تأليب الجماهير على المستعمر، وروى كيف تحول فريق رباطي يدعى النصر إلى حامل للواء النصر والحرية، لكن دموعه غالبته فسكت عن الكلام المباح.
همس لاعب دولي سابق قائلا، وهو ينصت إلى كلام شاهد على العصر، وقال بصوت خافت إن كل لاعب حمل قميص المنتخب المغربي في نهاية عهد الاستعمار وانبلاج فجر الاستقلال يستحق بطاقة «مقاوم»، ومأذونية تمكنه من تأمين حياته، فقد كانت حياته كفاحا يوميا ضد المستعمر وضد الزمن الحارق، اكتفى المتحلقون حول المائدة بالصمت ولسان حالهم يقول «خير جواب المتقاعد السكوت».
وبلكنة ساخرة تحدث لاعب من زمن الأبيض والأسود عن معاناة لاعب زمان مع الحياة، وكيف كان يتحول إلى لاعب شارد كلما فرغت جيوبه من العملة السهلة، فيراوغ أمعاءه ويغالط البقال ويسدد الوعود ذات اليمين والشمال لكل من يطالبه بإعادة جدولة الديون.
تقول الروايات التاريخية إن المدرب الأب جيكو، رفض التوقيع على وثيقة المطالبة بالاستقلال، ليس لأنه كان يريد للاستعمار وقتا إضافيا، بل لرفضه وضع جرة قلمه في القائمة نفسها التي تضم كثيرا من الانتهازيين الذين حولوا المقاومة إلى أصل تجاري، وحين التحق الأب جيكو بالرفيق الأعلى وسط العتمة بعد أن قررت شركة توزيع الماء والكهرباء قطع التيار وصبيب المياه لعدم تسديد فواتير متأخرة، توقفت سيارة فارهة أمام المنزل بدرب الفقراء ونقلت أبناءه إلى خيرية عين الشق، في إطار العناية التي كان يحظى بها أبناء اللاعبين والمدربين من طرف الدولة.
ما ينطبق على الأب جيكو أحد مؤسسي الوداد ومدرب الرجاء، يسري على كثير من اللاعبين الذين يقاومون منذ اعتزالهم الكرة في جبهات الفقر المتقدمة، لم تسعفهم الظروف لتوقيع وثيقة الاستقلال، لكنهم يوقعون بين الفينة والأخرى وثائق شعبية لرفض رفع أسعار الماء والكهرباء، ويصطفون في الصفوف الأولى بحثا عن بطاقة «راميد» ترحم عزيز قوم ذل.
لكن الروايات التاريخية، خاصة شهادات ضابط المخابرات أحمد البخاري، تحيلنا على مقاومة غريبة، إذ بعد الحصول على الاستقلال تقرر تشغيل عدد من اللاعبين في هذا الجهاز السري، وتحول اللاعبون إلى عناصر أمنية تحسن تسديد ركلات الجزاء في وجوه المعتقلين، وتضع خططا رهيبا توقع الوطنيين في شراك التسلل، وحين تقاعدت بفعل الزمن أعلنت توبتها واصطفت في طابور المقاومين الأشاوس.
في اليوم نفسه الذي كانت المقاومة تبحث عن علاقتها المفتقدة بالرياضة، كانت القناة الثانية تستضيف البطلة الأولمبية السابقة، نوال المتوكل، في برنامج «مسار»، الذي يعده ويقدمه عتيق بن شيكر، وهو البرنامج الذي يقدم برعاية من مقبرة الرحمة، حضر ضيوف من الوزن الثقيل وتبين أن الرياضة حولت البعض إلى وجهاء البلد، وقست على آخرين فحولتهم إلى كائنات بلا وجوه.
ساحة النقاش