<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
فلاش بريس = محمد الأشهب
في الحاجة إلى تعاون مغاربي ـ أوروبي
كم من مرة عابت عواصم غربية على دول الشمال الإفريقي، أنها لم تتوصل إلى صيغة عملية، تهم إبعاد ملفات التنسيق الأمني والقضائي في تحديات الحرب على الإرهاب، عن تجاذبات خلافاتها السياسية.
إنها محقة في ذلك، لأنها ترى بالعين المجردة أن غياب هذا التنسيق لا تستفيد منه إلا الأطراف المعنية باستشراء الانفلات وتراجع مظاهر الاستقرار. وقد فعلت البلدان الأوروبية الأعضاء في مجموعة 5 + 5 حسنا، حين أبقت على هذه المنظومة إطارا لاستمرار المشاورات بين البلدان الشمالية والجنوبية للبحر المتوسط، وذهبت التطورات في اتجاه أوسع، إذ انضاف الهاجس الدفاعي، من خلال اجتماعات وزراء الدفاع ورؤساء الأركان في المجموعتين، إلا أنه خارج هذه المنظومة، وتحديدا على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف تتقلص فرص التنسيق والتعاون، بدليل أن الأزمة الليبية، على رغم خطورتها، لم تجد الصدى المطلوب في تفعيل الدور المغاربي، علاوة على أن الموقف من تطورات الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل تأثر بدوره بتباين الخلافات السياسية. ما دفع الليبيين إلى طلب تدخل الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، دونما توقع دور مماثل من لدن أقرب الجوار إلى حدود بلادهم، إن كان بقي لها حدود تحت رقابة سلطة ما.
لكن التنسيق الأمني على الصعيد المغاربي لا يكاد يكون له وجود، إلا في ما ندر من الضرورات. ولعل أهم درس يمكن استخلاصه من تداعيات الأحداث الإرهابية الخطيرة التي كانت باريس مسرحا لها، أن الدول الأوروبية تداعت إلى البحث في السبل والإجراءات الممكنة لتطويق تمدد الظاهرة الإرهابية، وبالذات من خلال إقرار خطة عمل بين وزراء الداخلية والعدل، في انتظار التصديق عليها من طرف البرلمان الأوروبي.
ليس أساسيا أن هذه الإجراءات التي شملت تقييد إجراءات تنقل الأشخاص والممتلكات لعزل الظاهرة الإرهابية، ستثير المزيد من الجدل، في ارتباطها بضمان واحترام الحريات الشخصية، ففي الأزمات الكبرى التي تستهدف أمن الأوطان والمواطنين، تصبح التضحية ببعض المكاسب مقبولة، في نطاق سمو القانون وتفعيل سلطته. ولكن الأساس أن البلدان المغاربية التي تطل على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، تعرضت لمزيد من الأعمال الإرهابية التي لازالت متواصلة بشكل أو بآخر، من غير أن تهتدي إلى صيغة عملية في الارتقاء بمجالات التعاون والتنسيق في ما بينها، ومع باقي شركائها في مختلف العواصم.
ينم الأمر عن تقصير غير مقبول، مهما كان حجم الذرائع والخلافات، وحتى إذا كان في وسع أي دولة أن تواجه التحديات الإرهابية في حدودها الطبيعية، فإن تعاظم درجات الانفلات والاضطرابات، وفوقه انتشار الأسلحة وسطوة التنظيمات المسلحة في ليبيا، كلها عوامل تصبح لها تداعيات على مجمل النظام الأمني المغاربي.
دلت التجارب على أن صوت المغرب كان صادقا وصريحا واستباقيا حين قرع أجراس المخاطر المحدقة بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، ولو أخذ ذلك الموقف في حينه بالقدر اللازم من الجدية والدراسة واستقراء أبعاده، لما تطورت الأوضاع في عمق الساحل، ما يعني أن الهاجس الاستباقي إن كان أثبت فعاليته وجدواه في استئصال مخططات إرهابية، قبل انتقالها إلى حيز التنفيذ داخل المغرب، فإنه ينسحب بنفس الأهمية على مجمل فضاء الشمال الإفريقي.
وإذا كان من خلاصات فرضت نفسها، على خلفية الهجمات الإرهابية المدانة التي تعرضت لها فرنسا، فهي أن التنسيق المغاربي بين دول المجموعة الخمس، يشكل مقدمة لا بديل عنها، تزيد أهميتها إذ تشمل التعاون المغاربي ـ الأوروبي بنفس الحزم والصرامة واستقصاء الأسباب وراء تمدد وانتعاش الظاهرة الإرهابية، ما يعاود طرح إشكاليات العلاقة بين الرباط وباريس، كونها شكلت دائما محور استقطاب أوروبي ـ مغاربي.
في منظور أقرب أن خلافات المغرب والجزائر أثرت سلبا في الإمكانات المتاحة لبناء جبهة مغاربية قوية، أقله في التصدي للتحديات الأمنية المتمثلة في الإرهاب والتطرف، لكن هل يكون مقبولا أن يتأثر الحوار الأوروبي ـ المغاربي بأزمة من نوع آخر، تشمل العلاقة المتوترة بين الرباط وباريس؟ في واقع الأمر تستمر الالتزامات المغربية مع الشركاء الأوروبيين بنفس الروح والوتيرة، وقد كان أجدى ألا يتم إقصاء أي طرف مغاربي أو أوروبي في هذا السياق.
ما العمل إذا كانت فرنسا ترغب في إقصاء نفسها، أو لا تريد أن تفتح رؤيتها على الأسباب التي أدت إلى نوع من تعطيل مجالات التعاون؟ الأكيد أن التحديات الإرهابية أكبر من أي خلافات، وأكثر ما يمكن خشيته أن تنتقل عدوى إغلاق الحدود في حالة المغرب والجزائر، إلى نوع من الانكفاء الذي لا مكان له في مواجهة التحديات الكبرى، غير أن أفضل الحلول تترك لعامل الزمن الذي يفرض سطوته على الجميع كما يقال.
ساحة النقاش