http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = محمد الأشهب

معارضون في ملاذ يحظر التدخل في شؤون الدول

اختطف راشد غنوشي، زعيم النهضة التونسية، الأضواء، وهو يدلف إلى مؤتمر «الصحوة الإسلامية» في الدار البيضاء، فقد أحيطت زيارته بحفاوة إلى جانب مفكرين ودعاة إسلاميين، تنبهوا إلى أن مصدر المخاطر القادمة، ستغذيه نزاعات مذهبية بين مكونات العالم الإسلامي. وصادف أن زعامات دينية بمرجعيات شيعية من إيران ولبنان شاركت في المؤتمر الحواري الذي جمعها إلى علماء من الأزهر والقرويين والرياض والقيروان والخرطوم وغيرها من أهل السنة.
اعترض التونسيون الرسميون بطريقتهم على مشاركة راشد غنوشي، ورفعوا سقف التهديد إلى أعلى، لكن الجواب ارتدى طابعا فكريا، من منطلق أن خلافات السياسة لا تنسحب على خصوبة الفكر الإنساني الذي يشمخ عبر الحوار والجدل وتفتح العقول. وحين أجريت مقابلة صحفية مع الشيخ غنوشي كان أشد حرصا على خطاب العقل والفكر، ونأى بنفسه بعيدا عن الخوض في الأوضاع السياسية التي كانت تجتازها بلاده، على رغم حدة المواجهة مع الحركات الإسلامية التي زج النظام برموزها ونشطائها في غياهب السجون التونسية بلا رحمة
.
لم يكن غنوشي يخفي معارضته للنظام التونسي، لكنه يعتبر المناسبة شرطا، مثل أصول الفقه والمقاصد، وأذكر أنه قال وقتذاك إن دور علماء الإسلام يزيد تعاظما في مواجهة التحديات، وضمنها تضييق الهوة بين المذاهب التي تنهل جميعها من وحدة العقيدة، وأسر لي أحد مرافقيه أن أي جهة لم تطلب إليه التزام «حياد سياسي». فقد كان أشد إدراكا لمتطلبات الضيافة التي تطول أو تقصر، ولم ينفصل حضوره إلى الدار البيضاء عن أنشطة فكرية لمعارضي أنظمة عربية أخرى، أقاموا في المغرب، ولم يتسببوا في اندلاع أزمات دبلوماسية بين بلدانهم والدولة المضيفة
.
قبل أن تدخل خلافات إلى المتاحف، أفصح معارضون بأنهم لم يفهموا كيف أن المغرب، على رغم أزماته مع ليبيا والجزائر وسوريا أحيانا، لم يندفع في اتجاه دعم وتسليح معارضي هذه الأنظمة الذين اختاروه أرضا للإقامة والاستقرار. وأفصح لي المعارض الليبي المقريف، وقد زرته يوما في مسكنه في الخرطوم، أنه كان يتوفر على دلائل، لا يرقى إليها الشك، حول تورط نظام العقيد معمر القذافي في أعمال توخت إطاحة النظام المغربي، ومع ذلك أمسك المغاربة عن مجاراة المعارضة الليبية في مناوءتها للخصم الليبي، وقد يكون غاب عنه في تلك الفترة أن المغاربة حسموا في أمر الصراع ليكون مغربيا ـ ليبيا، من دون اللجوء إلى وسائل أخرى كانت في متناول اليد
.
كشف لي مسؤول أمني كبير، أن السلطات المغربية كانت تتوجس من بعض المحسوبين على المعارضة الليبية، الذين استطاع العقيد القذافي استقطابهم لناحيته، كانوا قلائل يقدمون أنفسهم بهذه الصفة، فيما أن مهامهم الخفية كانت تركز على رصد أنشطة المعارضة الليبية الحقيقية في الخارج، ما حذا بالسلطات المغربية إلى التعاطي معهم بحذر شديد، ولا تصدق هذه الحالة إلا على أعداد محدودة، بينما المعارضة استمرت في نهجها، وكان من رموزها وقتذاك العقيد الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي انتقل بقواته التي كانت تحارب في تشاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية
.
معارضون كثر للنظام الجزائري افترشوا أرض وسماء المغرب، وظل محمد اليحياوي صديقا للمغرب، من دون أن يفعل شيئا، انطلاقا من ترابه لتأكيد خصومته لنظام بلاده
.
فيما انزوى أحد رموز الثورة الجزائرية في مدينة القنيطرة، يدير معملا صغيرا ولم يثبت أن تورط الراحل محمد بوضياف في أي عمل مناوئ للجزائر يكون المغرب مصدره، حتى أنه عندما نودي عليه لتحمل المسؤولية، باعتبارها امتدادا للشرعية التاريخية، كانت بحوزته صفحة بيضاء، اعتقد أنها ستساعده في ردم هوة الخلافات الجزائرية ـ المغربية، وسار على دربه لا تعوزه الإرادة والصراحة والوضوح، لولا أن السلاح الذي رفض أن يحمله ضد بلاده انطلقت منه رصاصات قاتلة على أرض الجزائر
.
أغرب ما في المشهد الذي يدعو إلى الأسى والأسف، أن المغرب رفض استخدام المعارضة الجزائرية في صراعه المفتوح مع البلد الجار، فيما الأخير لم يكتف بإيواء المعارضة الانفصالية، بل مدها بالسلاح والعتاد والرعاية الدبلوماسية التي لم يفعلها إزاء أي قضية أخرى. بيد أن التأمل في بنود المعاهدة التأسيسية للاتحاد المغاربي، يحيل على التزام صريح مفاده رفض إيواء أو دعم أي حركة معارضة لأي دولة عضو في الاتحاد، وحظر تشجيع أنشطتها سلمية كانت أم حربية
.
كما الجزائريين والليبيين المعارضين الذين استفادوا من الملاذ المغربي، جاء سوريون وعراقيون ومصريون، غالبيتهم كانوا يدرسون في الجامعات المغربية، ومنهم من امتهن التجارة وعالم الأعمال، وروى أحد سفراء المغرب إلى دمشق أنه سئل يوما عما تفعله أسرة الأتاسي في المغرب، بعد أن حظيت برعاية خاصة، فأجاب: اسألوا أهل طنجة، فهم يعرفون أنها أنشأت مسجدا يصدح بالأذان عند أقرب منطقة إلى أوروبا في الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، ولم يكلف ذلك الغير نفسه عناء السؤال عما كان يفعله معارضون للنظام المغربي في سوريا، وتلك وقائع من سجل الاحتقان الذي تمدد طولا وعرضا، لكنه يعني شأنا داخليا مغربيا
.

 

 

المصدر: فلاش بريس = محمد الأشهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 31 ديسمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

280,273