فلاش بريس = حسن البصري
برج الوزير
لست من هواة استفسار الأبراج وقراءة الطالع والنازل منها، ولا أكلف نفسي عناء استنطاقها بحثا عن فسحة أمل، لكنها أحيانا تداهمك في خلوتك وتعرض عليك توقعات أحوالك العاطفية والمهنية في الساعات القادمة، بنفس نبرة مقدم النشرة الجوية حين يعرض توقعات أحوال الطقس لليوم القادم ويجعلك تقتنع بما سيحمله غدك من شمس أو مطر أو رياح.
منذ أن ضرب إعصار «الكراطة» وزارة الشباب والرياضة، في الثالث عشر من شهر دجنبر الجاري، خلال مباراة جمعت ويسترن سيدني بكروز أزول على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، تبين أن هذا الرقم سيستعيد خاصية الشؤم والتطير التي عرف بها عند عشيرة الفلكيين وقبيلة المنجمين، ومنذ ذلك التاريخ عاش الوزير محمد أوزين ساعات في الجحيم.
كان من الطبيعي أن نقلب الأوراق الفلكية لوزير بللت الأمطار أوراق صفقاته، وحولته إلى شخصية السنة معكوسة، كما يقول هواة الكلمات المسهمة. تبين بعد التحريات الأولية أن الرجل من مواليد برج الجدي، فهو إذن كائن ترابي كما يقول المنجمون، لذا فهمنا سر التربة التي أغلقت ثقوب تصريف المياه فكان اللجوء لـ«البونجا» و«الكراطة» أمرا محتوما.
حسب الخصائص الفلكية للجديان، فإن رقم 22 من بين أرقام الحظ في حياتهم، لذا يبدو أن 22 مليار سنتيم التي صرفت على الملعب تنسجم مع القراءة الفلكية، التي تضيف بأن أصحاب هذا البرج يتلاءمون مع مواليد برج الثور، لكن مسارهم غالبا ما ينتهي بنطحة.
يقول المقربون من الوزير المخلوع (من الخوف وليس الإقالة)، إنه من هواة قراءة الطالع، فلا يتردد في تصديق تعليمات برج يبشره بوجود فرص عديدة لتحسين وضعه المالي، لكنها تدعوه إلى التفكير مليا قبل التنفيذ. وحين نعيد قراءة برجه نكتشف غيوما داكنة مستقرة في الأجواء العليا لحزب الحركة الشعبية.
ما أن يقرأ الوزير طالعه حتى يصدقه، رغم أنه من فصيلة الجديان المزاجيين الذين يتصرفون أحيانا بجنون، لأن طموحاتهم تتجاوز حدود منصب قيادي يتقلب بتقلبات المناخ السياسي. ربما لأن الجدي هو الحيوان الوحيد الذي يتغير اسمه تلقائيا حين يكبر فيصبح تيسا كامل الأهلية، لكن العارفين بشؤون الرعي يؤكدون بأن التيس يأكل كل ما يقدم إليه حتى النفايات، والموالون لبرجه يميلون إلى التعصب الفكري والكتابة على الجدران، جدران الفايسبوك طبعا، ويتميزون بطول القامة وعرض المنكبين ويعشقون المأكولات البحرية ويجيدون سلق البيض وقلي السموم.
من أبرز مميزات المنخرطين في برج الجدي حسن التدبير المالي، والعهدة على المنجمين، فحين يبتلع أحد أبنائهم قطعة نقدية يتملكهم الرعب، لكنهم لا يترددون في اقتطاع المبلغ من مصروف الجيب، سيما إذا كانت الأم من البرج نفسه، ولأن التيس مذكر والمعزة مؤنث فإن أغلب الجديان يعملون بمبدأ «ولو طارت معزة»، فينتهي بهم الأمر أمام المحققين الذين يكتفون بإبلاغهم برضى الحكومة عنهم وبأنهم مواطنون نموذجيون يقشعر بدنهم حين يسمعون النشيد الوطني ويحاربون الطوابير كلما لاحت فرصة في التلفزيون. ولأنك وزير الرياضة، فأنت لا تتردد في ضم المقربين إلى تشكيلة ديوانك، وتصر على تنفيذ ضربات الركنية وتسجيلها رغم سقوطك في مصيدة التسلل.
أصحاب برج التيس يموتون عشقا في كراسي المسؤولية، لأنهم مبادرون لا يفرقون بين برج الجدي وبرج إيفل، فالوزير السابق للشأن الرياضي منصف بلخياط من نفس الفصيلة الفلكية، تيس من تيوس الحكومة السابقة، ورتشارد نيكسون الذي غادر كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بفضيحة يعتبر من شخصيات هذا البرج إلى جانب مايكل كراوفورد وديفيد بووي وجوان باييز وإلفيس بريسلي ومحمد علي، وكل هؤلاء يقتسمون «الجنيريك» الحزين لنهاية المسار القيادي. حين نستطلع برج الوزير ونسائله حول ما يخفيه من مفاجآت سنة على الأبواب، نكتشف وجود إشعار بتحركات وعمليات إحماء لشخصيات حركية قرب مقر الوزارة، أملا في استبدال وزير حركي بآخر أقل حركية وشعبية، لا يهم برجه حتى ولو كان من برج الكلب، فقراءة فلكية للمستقبل تقول إن الغموض يلف القضية وإن رجلا قادما نحو الوزارة وهو يحمل كيسا أسود، قيل والعهدة على المنجمين إنه عامل النظافة.
كذب المنجمون ولو صدقوا.
ساحة النقاش