فلاش بريس = وفاء المهدي
التبعية والعبودية
مع نهاية كل سنة، يعمل البعض على تجميع أهم المراحل وأهم اللحظات التي طبعت هذه السنة، وتذييلها بقراءات مختلفة وتأويلات.. ويمكن أن نختصر ونتساءل عن الصورة التي رسمتها لنا الحكومة في هذه السنة، وكيف نبدو أمام ذواتنا أولا قبل الآخرين، وعن موقعنا بكل وضوح، وقدر إسهاماتنا في هذه السنة، إن كانت إيجابية أو سلبية.
ولعل أول ما سأبدأ به،هو مدى تقدير وزارة التربية الوطنية للدستور،متمثلة في اللغة العربية كلغة رسمية للمغرب خلال الاحتفال بيومها العالمي. فالسفير الروسي أحرج الوزير حين أعلن أنه طُلب منه أن يتحدث باللغة الفرنسية، ورغم ذلك ألقى كلمته باللغة العربية الفصيحة، الشيء الذي أبان بشكل واضح عن تشبث البعض باستماتة بالثقافة الاستعمارية إلى الآن.
ففي الوقت الذي كان من الواجب أن تكون فيه وزارة التربية الوطنية هي السباقة إلى فرض هيبة المغرب بفرض التحدث باللغة العربية أو الأمازيغية كلغتين رسميتين، نجد السفير الروسي يعطي رسالة واضحة: أنه يقدر المغاربة لكن ممثليه ليسوا أهلا لهذا التقدير، فهم محكومون بالتبعية للآخر. وهو الأمر الذي يطرح مآل التعليم في ظل هذه العقلية السائدة.
هذه السنة كانت استثنائية، إذ تجلى مدى احترام الحكومة للشعب المغربي ولبرامجها الانتخابية،حيث عرف المغرب أكبر عدد من الضحايا الذين عانوا أو قضوا تحت أنقاض منازلهم، ودمار القناطر، وانعزال عدد من القرى، وتلاشي البنية التحتية.. ورغم ذلك لم نجد أي وزير يقدم استقالته. فقط التفاف حول أسعار المواد الغذائية والمحروقات كحلول ترقيعية..فالجيوب المغربية كانت ولازالت الملجأ الوحيد الذي تختبئ فيه الحكومة، وللأسف أن هذه الحالة لم تؤدِّ إلا إلى تفاقم الوضعية التي يعيشها المغاربة.
ما تقدره الحكومة حقا، ليس المغاربة،بل جيوبهم فقط، الشيء الذي يجعل اهتمام كافة المغاربة ينصرف لمحاولة توفير الحاجيات الأساسية لضمان البقاء، وعدم الاهتمام بالانخراط في العمل السياسي والنقابي وغيره، فقد صار ترفا في ظل هذه الحكومة. هذه الوضعية زادت من تكريس عدة مظاهر كنا نرجو أن تختفي غير أنها تفاقمت أكثر، مثل زواج القاصرات والزواج بالفاتحة، والخادمات.. والتي اعتبرتها عدة منابر الوجه الجديد للعبودية. وكمثال على ذلك حالة زوجة أحمد رويشة، التي صرحت أنها تتشبث بالزواج رغم التعذيب وكل شيء،بعدما رفض والدها استقبالها كمطلقة، خاصة وأنها حامل بتوأم.فبغض النظر عن الأفكار التقليدية التي تسيء إلى المرأة المطلقة، والتي لازال البعض يؤمن بها، نجد الكثير من النساء يتشبثن بالزواج بكل ما فيه من عنف لفظي وجسدي، وما يؤدي إليه من عقد نفسية للأطفال.. لأن الخروج منه يعني الخروج إلى الشارع والتشرد، إذا لم يكن هناك احتضان للعائلة.
الصورة تبدو قاتمة في نهاية هذه السنة، في الوقت الذي كنا نرجو أن تكون نهاية هذه الصورة عوض استمراريتها.
ساحة النقاش