فلاش بريس = طارق أوشن
»المغاربة الأوغاد «
«إن ظاهرة الاعتداء على المثليين التي تتكرّر في الكثير من الأحيان، لا علاقة لها بنا، بل بأعداد الإسلاميين والأوغاد المغاربة الصغار». بهذه الكلمات خاطب ثيو فرانكين، وهو مسؤول حكومي بلجيكي بشؤون الهجرة واللجوء، أحد أصدقائه في رسالة إلكترونية كشفتها الصحافة البلجيكية قبل أسابيع، وجرت على صاحبها الكثير من الانتقاد.
قبله كان النائب الهولندي اليميني غيرت فيلدرز قد أثار ضجة كبيرة بتصريحات قال فيها إنه يفضل وجود «مغاربة أقل» في بلاده التي، بالمناسبة،أصدرت الشهر الماضي قرارا بوقف العمل باتفاقية الضمان الاجتماعي التي كانت تربطها بالمغرب منذ سبعينيات القرن الماضي.. وقبل هؤلاء وأولئك أحداث ومحاولات تضييق واستغلال للمهاجرين المغاربة عبر كل مناطق «اللجوء الاقتصادي». يحدث هذا والمملكة غائبة عن مد يد العون إلى مواطنيها ورعاياها المغتربين، في ظل وجود وزارة للخارجية وأخرى للجالية ومجلس وطني ومؤسسة تحمل اسم ملك البلاد، تتقاسم كلها الحديث باسم الجالية المغربية المقيمة في الشتات. وحين تنادت الجالية للمشاركة في ما اعتبر «احتفالا وطنيا بالمهاجر»، ووجهوا بوصفهم بـ«الوجوه البئيسة»، وهو على كل حال أخف وطءا من «الأوغاد».
لم يعد التضييق على المغاربة والتشهير بهم مقتصرا على دول الغرب «الكافر»، بل تعداها إلى دول شقيقة، لعل آخرها كانت دولة الإمارات التي لم تتوان عن تصنيف مواطن مغربي، كان، إلى عهد قريب، رئيسا لمنظمة دعوية مغربية شرعية انبثق منها الحزب الأغلبي الذي يقود الحكومة منذ ما يقارب الثلاث سنوات. فالفقيه المقاصدي أحمد الريسوني صار مصنفا «إرهابيا» مطلوبا، وهو الذي يجوب المغرب بطوله وعرضه دون مساءلة. ما يمكن تفهمه في حالة من رفعوا السلاح وشاركوا في عمليات قتالية «جهادية»، لا يمكن تطبيقه على الريسوني أو غيره من علماء المغرب مهما اختلف المرء مع ما يصدر عنهم من آراء أو فتاوى، وكان حريا بالمغرب الدفاع عن مواطن وجد نفسه في أتون صراع إقليمي. قوانين المغرب الداخلية كفيلة بمحاكمة كل من ثبت في حقه «ممارسة الإرهاب» أو غيره من خروج على القانون. لكن حين يصير الأمر مجرد «تصفية حسابات»، فللمغرب كلمة لابد أن تسمع دفاعا عن أبنائه ولو «زاغوا».
الكارثة أن «إخوان» الرجل بلعوا ألسنتهم ولم يهبوا كما العادة لنجدة «المظلومين والمستهدفين». وكلنا يتذكر كيف قاموا قومة رجل واحد اصطفافا مع المقرئ أبو زيد في وجه الحملة «الدنيئة» للأمازيغ. وكيف لم يغمض لهم جفن حتى عادت خديجة المنصوري إلى بيتها معززة مكرمة غداة اعتقالها ذات اتصال هاتفي بسفارة مصر بالرباط، لينتهي الأمر كله بصورة تذكارية تؤرخ لـ«النصر المبين». هنا كان الصوت العالي مسموعا، أما حين يتعلق الأمر بـ«اتهام خارجي»، فالتروي أو الانزواء بعيدا حل يركن إليه الجميع تحسبا لدعوات وسفريات ومشاركة في منتديات. وفي بلد سعادة السفير، لا تتوانى الصحف والمنابر الإعلامية هناك، هذه الأيام»، عن نشر صور وأخبار فتيات مغربيات بتهمة امتهان الدعارة، مع التأكيد بالبنط العريض على جنسية البلد دونا عن غيرهن في حملة استهداف واضحة، وكأن أرض مصر خلت من المومسات وصارت العفة بجنسية مصرية فرعونية. في هذا الوقت، يواصل مغاربة «الداخل» احتفاءهم بكل قادم أو قادمة من قاهرة المعز في المهرجانات، يتسابقون لالتقاط الصور بجانب أبطال وبطلات «الفن النظيف»، لا فرق في ذلك بين وزير وغفير، وهم الذين لدغوا من الجحر مرات ومرات.
أما عندما يختار المغربي أو المغربية الاقتران بأهل له في سوريا زواجا حلالا، فصدمة «منع» دخول أبناء وبنات الشام إلى المغرب اجتاحت منتديات المغتربين والمغتربات، بل عددا من الإذاعات الأجنبية، حيث يستعرضون المعاناة الأسرية مع «منع» غير معلن لرفيقاتهم ورفقائهن في الحياة، لا يجدون معه من وزارة الجالية إلا التجاهل ورفض الاستماع للشكوى. يحدث هذا في بلد أمّ مؤتمر مجموعة أصدقاء سوريا قبل أقل من سنتين، ويتباكى كثير من مسؤوليه على مذابح الأسد الجزار على صفحات الفضاء الافتراضي.
هؤلاء مغاربة العالم ذكرانا وإناثا، يستحقون بالفعل أن يوصفوا بـ«الأوغاد»، لمجرد أنهم وجدوا أنفسهم «لاجئين اقتصاديين» أو مقترنين بأجانب أو أجنبيات.
ساحة النقاش