http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

المساء = عبد الله الدامون

يا أُمة ضحكتْ من فضائحها الأمم!!

العدد :2558 - 19/12/2014

كيف يتم التعامل مع الفضائح في المغرب؟ الجواب بسيط.. تنفجر الفضيحة، يغضب الناس، فيقرر المسؤولون وضع حد للفضيحة وصاحبها؛ أما الطريقة فسهلة.. يتم خلق فضيحة أكبر، فينسى الناس الفضيحة السابقة وينشغلون بالفضيحة الجديدة، وهكذا تتوالي الفضائح لأنه يكون لا بد من خلق فضيحة بعد كل فضيحة.

لكن، كيف يتم التعامل مع المتورطين في الفضائح؟ الجواب بسيط وسهل.. في غالب الأحيان، يتم عزل صاحب الفضيحة فورا، ليس بمحاسبته أو إدخاله السجن، بل بترقيته وتبويئه منصبا أعلى؛ وفي أحيان أخرى، بنقله إلى مدينة أخرى أو منطقة بعيدة لكي يعيد فيها إنتاج فضائحه مع مغاربة آخرين.

أحيانا، وعندما يرى المسؤولون الكبار أن الفضيحة أطلقت روائح أكثر من اللازم فإنهم يعمدون إلى استعمال «غبْرة البرْغوث»، أي أنهم يمسكون ببعض الغبار ويلقونه على عيوننا، حيث يقومون بإسقاط رأس أو رأسين، وهي دائما تكون من الرؤوس الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة، وغالبا ما تكون قد نفذت أوامر الكبار.

لكن، كيف يتعامل المغاربة عموما مع الفضائح؟ هناك ثلاثة أشكال من المغاربة: النوع الأول يتجلى في المغاربة الذين يمسكون برؤوسهم غضبا ويتمنون لو يحولون المتورطين في الفضائح إلى كفتة ويقدمونها طعاما للكلاب الجائعة؛ والنوع الثاني يمثله مغاربة يغضبون سريعا وينسون بسرعة أكبر؛ فيما نجد في النوع الثالث أناسا لا يبالون حتى لو عشّشت الفئران فوق رؤوسهم.

في أوربا وباقي العالم المتمدن، تقضي الفضائح نهائيا على مستقبل المسؤولين والسياسيين، لذلك يرتعدون خوفا من خرق القانون لأنهم يعرفون المصير الذي ينتظرهم. وفي المغرب، يتزوج المسؤولون والسياسيون بالفضائح لأنه لا يمكنهم أن يعيشوا بدونها، فالسياسي النزيه في المغرب يعاني فعلا لأنه «مْعقول» ونزيه، وإلا ما كنا جمعنا في كتاب «غينيس» كل هذه الأرقام القياسية من الفضائح دون أن يحدث شيء. السياسي أو المسؤول النزيه في هذه البلاد يخيف الآخرين لأنه لا يدخل في «السيستيم» العام للفساد، إنه يشبه النعجة السوداء المتمردة على القطيع، لذلك تكون ثمة ضرورة للتخلص منه بسرعة، ومقابل ذلك تتم مكافأة المسؤولين الفاسدين واللصوص وتبويئهم أعلى المناصب.

هذه الأيام، يعيش المغاربة واحدة من الفضائح التي تعودوا على معايشتها على مرِّ تاريخهم القديم والجديد؛ فلا أحد يعرف من سيكون المنتصر.. هل ملايين المغاربة الذين وجدوا أنفسهم يمارسون مقولة «ضحك كالبكاء» بعد فضيحة ملعب الرباط، أم وزير الشباب والرياضة، محمد أوزين، ومعه رهط المتسببين في فضيحة الملعب الذي جعل المغربَ أضحوكة في السند والهند وما بينهما؟

ربما، هذه المرة أيضا، سينسى الناس سريعا ما جرى، خصوصا وأن الفضيحة متعلقة بمجال الرياضة، لذلك قد ينساها الناس لأنهم نسوا أشياء أكثر فداحة في عالم السياسة وما جاورها. ولو كانت لنا ذاكرة أطول بقليل لحققنا أشياء كثيرة، لكن مشكلتنا أننا نشبه طفلا يبكي ثم سرعان ما يصمت بعد أن يضعوا في فمه «رضّاعة»، ثم يهدهدونه فينام نوما عميقا.

قبل بضعة أسابيع، قالوا لنا إن المغرب لن ينظم كأس إفريقيا بسبب وباء «إيبولا» لأنه لا مجال للمغامرة بصحة المغاربة. صدقناهم وقلنا ما شاء الله على مسؤولينا الرائعين الذين يخافون على صحتنا. وها نحن، اليوم، أمام «إيبولا» أفظع، لا يمس صحتنا بقدرما يمس كرامتنا؛ فلماذا لا ينتفض مسؤولونا لحماية كرامتنا ويحاسبوا اللصوص الذين يقامرون بكرامتنا والذين اغتنوا من صفقات مغشوشة وحولونا إلى مضغة مهينة في أفواه «العادي والبادي»؟

في وسائل إعلامية دولية، تحول المغرب إلى مادة للتندر والضحك؛ وفي صحف إسبانية، ظهرت عناوين مثل «ماروك إكسبريس»، على منوال عنوان فيلم «ميدنايْت إكسبريس»، (قطار منتصف الليل) الذي يعتبر أكبر إهانة سينمائية لحقت تركيا خلال حكم سنوات العسكر، وهو فيلم جعل العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والغرب على حافة القطيعة.

نحن، اليوم، لم نتعرض لفيلم سينمائي مهين من طرف الغرب، بل نتعرض لواقع هتشكوكي حزين صنعه أبناء جلدتنا؛ ومع ذلك، لانزال نتصرف بنفس المنطق القديم، أي «كم فضيحة نسيناها بتركها»، وأحيانا تسقط رؤوس صغيرة بئيسة حتى تغطي على الرؤوس الكبيرة.. وبايْ بايْ مع السلامة.

المسؤولون المغاربة لعبوا طويلا على تنويم الناس بالرياضه وترهيبهم بالسياسة، وها هي الرياضة نفسها لم تعد صالحة للتنويم بعد أن اكتسحتها الفضائح كما اكتسحت قبلها مجالات السياسة والاقتصاد وغيرها.

 ماذا سنفعل الآن؟ لا شيء.. لننس كما نسينا أشياء كثيرة جدا من قبل، ثم نردد مع الشاعر: «يا أمة ضحكت من فضائحها الأمم».

 

 

المصدر: المساء = عبد الله الدامون
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 30 مشاهدة
نشرت فى 25 ديسمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

282,284