http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = سلمى الغزاوي

بين قطارين..

القطار الأول:
«كثيرا ما يرتب القدر صدفا جميلة للإنسان»، هكذا رددت في نفسها ذاتَ صباح كئيب لا توحي سماؤه الملبدة بالغيوم، بأنه يحمل بين طياته هدية عشقية طال أمد انتظارها لها، حتى كادت أن تُسقطها من لائحة انتظاراتها.. صحيح أنها قد كتبت في نهاية العام- كما تعودت- قائمتها الزهرية المرصعة بأمنياتها، وخبأتها بعناية داخل ظرف أبيض كبياض أيامها الرتيبة، الخالية من المفاجآت، لكنها لم تكن لتعتقد يوما أنها ستعثر على ذاك الفارس الذي تصدر لائحة أمنياتها في آخر مكان توقعته، وهو القطار الذي يقلها يوميا من مدينتها إلى مقر عملها
..
لم يحدث أن لمحته في القطار، لكن مذ قادته الصدفة إلى نفس المقصورة التي تجلس فيها، دلتها الإشارة الغيبية هامسة: «إنه هو.. هديتك لهذا العام»
..
بين قطارين
:
أحبته كما لم تحب أحدا قبله، وكما لن تستطيع أن تحب أيا كان بعده.. لكنه آذاها كما لم يفعل أي أحد من قبل، وبين الحب والأذى، تشوهت ملامح قصتهما التي كانت في نظرها، قصة لا تشبه حتى قصص الهوى الأسطورية
..
وفي ذاك المساء الذي كان يُنبئ بالنهاية، وبين قطار الحب المغتال وقطار المستقبل المجهول، كفكفت دموعها  بكبرياء أنثوي، وفضلت ركوب قطار المستقبل والمضي قدما في سكة النسيان، على البقاء أسيرة داخل قطار حب وصل إلى محطته الأخيرة
..
صعدت على متن القطار الذي اختارته، وفجأة، فطنت إلى أن حبيبها لم يكن هدية، بل كان عبوة ناسفة للمشاعر ملفوفة داخل علبة زاهية الألوان، فكثيرا ما تمنحنا الدنيا هدايا مزيفة
..
القطار الثاني
:
التقيا مجددا، ودعاها إلى المقهى المتواجد بمحطة القطار، نفس المقهى الذي شهد فصول قصة حبهما.. لكن الغريب أنها لم تعثر في قاموسها على أية كلمة توجهها إليه بعد طول غياب، هي التي أمضت ليالي لا نهاية لها في محاولة لفهم قسوته، وكذا للبحث عن مفردات مناسبة لتصف حجم معاناتها بعد هجره لها وتركه إياها كحقيبة منسية على رصيف الذاكرة، لكنها اكتشفت للتو، أن الأيام تُفقد الكلمات والأحاسيس معناها. لذا، لم تجد ضرورة لتبوح له بكل ما كابدته من آلام في غيابه، وظلت جامدة في مكانها، كتمثال شمع، فما الجدوى من العتاب، إن كان قد صار بالنسبة إليها مثله مثل الأغراب الذين تصادفهم يوميا، بين ردهات القطار؟

رصيف النهاية
:
«لا أشواط إضافية في الحب»، هكذا قالت له ببرود قبل أن تستقل القطار لتعود إلى مدينتها، وفي الطريق، أمسكت قائمة أمنياتها، وألقت بها من نافذة القطار، لتستحيل إلى أشلاء تحت عجلاته فوق سكة الخيبة، معلنة نهاية رحلة حب مضللة، متنكرة بثوب الأمنيات

 

 

المصدر: فلاش بريس = سلمى الغزاوي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 31 مشاهدة
نشرت فى 22 ديسمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,183