http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

authentication required

فلاش بريس = وفاء المهدي

الفعل القرائي و الدارجة

أثار تصريح وزيرة الثقافة الفرنسية استياء الفرنسيين، بعدما أعلنت للجميع أنها لم تقرأ أي كتاب على مدى العامين السابقين، وأن قراءاتها انحصرت في التقارير، مؤكدة أن العمل الحكومي لم يتح لها الوقت الكافي للقراءة. وجاء هذا التصريح عقب سؤال عن كتابها المفضل للكاتب الفائز بجائزة «نوبل» لهذا العام، باتريك موديانو. إلا أنها لم تجد أي عنوان يسعفها أمام السؤال، الشيء الذي أدى بها لهذا التصريح المفاجئ، والذي اعتبره العديد استفزازيا.
فقد تصدر الخبر عناوين كبريات القنوات الإعلامية كـ«البي بي سي»، «لوفيغارو» و«نيويورك تايمز»... بل وصل الأمر ببعض المثقفين إلى مطالبة الوزيرة بالتنحي عن منصبها مادامت لا تستطيع التوفيق بين منصبها والقراءة، خاصة وأنها وزيرة الثقافة
.
إن طرحنا السؤال على سياسيينا ماذا ستكون الإجابة؟ أظن أنه من الأفضل تجاوز هذا السؤال مادام الجواب معروفا، ولا يحتاج إلى كثير تفكير أو نقاش. فالكل يتفق على ضعف القراءة في المغرب، غير أن هناك من يرى في القراءة ترفا فقط، وأن مشاكلنا التي نرزح تحت وطأتها أكثر أولوية من تخصيص وقت للقراءة. لكن بالنظر إلى المشاكل الحقيقية التي نعيشها، فكل المؤشرات تدل على ضرورة إيلاء مسألة القراءة الأولوية الكبرى، وإلا توسعت رقعة الأمية في البلاد. وهنا نعني بالفعل القرائي، قراءة مقالات أو كتب كاملة أيا كان نوعها، رواية أو ديوان أو كتاب علمي أو فلسفي.. لبناء معنى أو مفهوم متكامل بحسب وجهة نظر صاحب الكتاب، مع إمكانية انتقادها أو اتخاذها زاوية جديدة تضيء آفاق فكرية أرحب
.
غير أن ما يحصل حاليا مع انتشار الوسائل التكنولوجية وارتماء العديد في بحور مواقع التواصل الاجتماعي، هو اعتمادهم على قراءة ذات طبيعة مختلفة، فعلى قلتها تبدو هذه القراءة متشظية انتقائية جزئية، لا تهتم في الكثير من الأحيان بالمعلومات والأفكار، بل بطرافتها أو بطريقة تقديمها.. مع عزلها عن سياقها غالبا. الشيء الذي ينعكس على بناء الأفكار، و بالتالي صناعة القرارات الفكرية. ينضاف لذلك الوقت الذي صارت تستهلكه وسائل التواصل من وقت، والذي وصل لحد الإدمان
.
انسجاما مع تغير طبيعة الفعل القرائي وضعفه، تعالت - وبكل أريحية- أصوات بعض الدعوات التي تزيد من إرباك المشهد، من قبيل دعوة عيوش ومن تبعه للتدريس بالدارجة، وهي الدعوة التي على إثرها يجب أن نبعد كل الكتب عن المتمدرسين في كافة الأسلاك، وإقامة قطيعة مع المنجز الإبداعي والفكري والعلمي الذي تم تشييده على مدى قرون. فالتدريس بالدارجة يقوم على فهم الفكرة في حد ذاتها فقط، بشكل عقيم، وبالتالي إلغاء كيفية التعبير عن هذه الفكرة وما يمكن أن تؤدي إليه أو ترتبط به من أفكار أخرى على نحو إبداعي
.
وعليه، فهذه الدعوة العيوشية تروم الكف عن إنتاجية الأفكار، وتعزيز الثقة في أن الفكرة كيفما كانت فهي صحيحة، لا تحتاج لإقناع لغوي وفق شكل منهجي، الشيء الذي سيؤدي حتما لاتخاذ وسائل أخرى غير حوارية وغير لغوية كوسائل للإقناع، وهنا أعني بالضبط العنف
.
دعوة عيوش للتدريس بالدارجة، لم تأخذ أهميتها من ذاتها كمشروع يرتقي بالفكر المغربي، بل أخذت أهميتها من صاحبها صاحب رأس المال المهم، الذي يستطيع أن يؤثث فضاء النقاش بوجوه مستعدة لبيع صوتها مقابل المال، كما يستطيع تنظيم النقاشات في أفضل الأماكن ليوهم بأهمية مشروعه الكارثي الداعي للكف عن القراءة
.

 

 

المصدر: فلاش بريس = وفاء المهدي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة
نشرت فى 16 ديسمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

279,982