المساء = يوسف بلال
إيران والمفاوضات حول النووي
العدد :2548 - 08/12/2014
اللقاء الأخير حول برنامج إيران النووي، الذي جمع المفاوضين الإيرانيين بالغربيين في فيينا يوم 24 نونبر، فتح آفاقا جديدة لإمكانية الوصول، السنة المقبلة، إلى اتفاق شامل يضع حدا للعقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية مقابل التقليص من عمليات تخصيب الأورانيوم. ودون شك، فإن انتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران في يونيو 2013 ساهم في تغيير مواقف الدبلوماسية الإيرانية في الشأن النووي، مع العلم بأن هذا التغيير تم بتشاور مع مرشد الجمهورية علي خامنئي والشخصيات الأخرى النافذة في النظام الإيراني، في سياق اقتصادي تدهور في السنوات الأخيرة بسبب العقوبات التي فرضتها أمريكا ومجلس الأمن للأمم المتحدة على التحويلات المالية والبنكية التي تتم بين إيران والمتعاملين معها من بلدان العالم وعلى تصدير النفط، الشيء الذي انعكس سلبا على موارد الدولة والحركة الاقتصادية عموما. أما بالنسبة إلى أمريكا، فهذا الاتفاق قد يسمح للرئيس أوباما بأن يسجل أهم إنجاز على مستوى سياسته الخارجية التي لم تأت بنتائج ملموسة في الشرق الأوسط، سواء في سوريا أو في ليبيا أو في العراق أو في فلسطين، بل إن هذا التقارب مع إيران قد يساهم بشكل كبير في إضعاف دولة «داعش» وإيجاد مخرج من المأزق السوري.
وصحيح أن هذا النوع من الاتفاقات يمكن أن يساهم في الحفاظ على حد أدنى من السلم الدولي، كما أكد ذلك نص معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والذي يسعى إلى «تفادي خطر نشوب حرب نووية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان أمن الشعوب»؛ لكنه، في نفس الوقت، يجعل الأسلحة النووية حكرا على الدول العظمى التي تتحكم في مجلس الأمن. وفي الواقع، فإن الموقف الغربي من البرنامج النووي الإيراني يعكس تناقضات النظام الدولي العالمي، حيث ما هو ممنوع على إيران مسموح به لدول أخرى مثل الهند وباكستان، بل يستحيل على الدول الغربية أن تراقب البرنامج النووي الإسرائيلي الذي يشكل خطرا حقيقيا على بلدان المنطقة. ولنذكر هنا أن أمريكا وفرنسا أعطيتا دعما حاسما لتطور البرنامج النووي الإيراني في السبعينيات من القرن الماضي، أيام حكم الشاه رضا بهلوي الذي كان يعتبر حليفا لأمريكا في الحرب الباردة إلى أن أسقطت ثورة 1979 النظام الموالي للغرب، ووضعت حدا للتحالف مع أهم دول المعسكر الغربي، وطورت التجهيزات العلمية والصناعية النووية التي ورثتها عن الشاه.
وبالنسبة إلى الإيرانيين، فالدفاع عن الحق في تطوير برنامجهم النووي أصبح قضية سيادة وطنية تشكل ورقة وازنة في علاقتهم بالغرب من شأنها أن تقوي تموقع إيران على الساحة الجهوية والدولية، مع العلم بأن مرشد الجمهورية، علي خامنئي، أصدر فتوى تحرم استخدام الأسلحة النووية. إذن، يمكن لهذه المفاوضات الحالية بين إيران والبلدان الغربية أن تكون مربحة لجميع الفاعلين إذا استطاعت أن تأتي باتفاق يطمئن المجتمع الدولي ويحترم حق الدولة الإيرانية في تطوير الطاقة النووية. وهذا الاتفاق قد يسمح بتطوير النشاط الاقتصادي الإيراني بعد رفع العقوبات، وقد يساعد إصلاحيي النظام الإيراني على متابعة سياسة الانفتاح، كما يمكن أن يفتح صفحة جديدة في العلاقات الدولية.
ساحة النقاش