http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = محمد الأشهب

نعم لتقرير المصير.. في تيندوف

يخطئ بعض المتعاطين ونزاع الصحراء في تصويره وكأنه يخص قضية واحدة ومبدءا واحدا. وما جعل جل الأمناء العامين للأمم المتحدة والموفدين الدوليين يكتشفون أن النزاع ليس بالسهولة البادية من أول وهلة، هو أن السكان المعنيين بالملف موزعون على خرائط عدة. وبالتالي فالمواقف لا تكون متجانسة إلا في حالة واحدة، هي المعبر عنها بخيار الوحدة. فهم إن كانوا يعبرون عن مواقفهم بكل حرية في المغرب، إلى درجة السماح بوجود أصوات انفصالية محدودة، فإنهم لا يستطيعون ذلك في الطرف الآخر في مخيمات تيندوف. حيث حظر الحرية والتعبير عن الرأي. فبالأحرى الإرادة.
  إشكاليات تقرير المصير لها علاقة بالتعبير الحر عن الإرادة، خارج أي ضغوط أو إكراهات. والمقارنة بين الوضع في الأقاليم الجنوبية ومأساة المحتجزين في تيندوف تبين بوضوح أن المعنيين حقا بتطبيق مبدأ تقرير المصير، هم الموجودون في مخيمات تيندوف. حيث لم يسأل أحد إن كانوا راضين بهيمنة جبهة بوليساريو الموالية للجزائر، ولم يستفسر أحدهم عن حقيقة انتمائهم ومشاعرهم، حتى أنهم لا يقدرون على التعبير عن مواقفهم، إلا من خلال تنظيم رحلات الهروب الجماعي والعودة إلى الوطن.
  لو كان واردا قياس المفهوم الحقيقي لتقرير المصير بامتزاج آراء العائدين المتحدرين من أصول صحراوية. لأسفرت المعادلة عن رجحان خيار الوحدة على الانفصال. وذلك أن العودة الطوعية التي لها مرادفها في إبطال اللجوء القسري لم تقتصر على الشباب وشيوخ القبائل ورموز المجتمع، بل شملت كذلك غالبية القيادات المؤسسة لجبهة بوليساريو. فضلا عن أطرها وقاداتها العسكريين. وبالتالي فهذا نوع تلقائي لتقرير المصير، لا تضعه لا الأمم المتحدة ولا المراقبون لتطورات الأوضاع على الأرض في عين الاعتبار، مع أنه يجسد الإرادة الحقيقية للمقيمين قسرا في مخيمات تيندوف. أقله لجهة الخلاص من جحيم الاعتقال.
  في مقابل هذه الصورة، تبرز الاستشارات الدستورية والانتخابية، باعتبارها عنوان سيادة الشعب وإرادته، كمظهر آخر لتقرير المصير. فمن يذهب إلى صناديق الاقتراع لاختيار مترشحين إلى المجالس البلدية والبرلمان يكون قرر مصيره بطريقة جلية، ومن يترشح ويحتل واجهة المشاركة في صنع القرار السياسي، من النخب الصحراوية، يكون بذلك قد جسد المفهوم المتقدم لتقرير المصير، المرتبط بحق المشاركة في التدبير.
  تقول الجزائر وصنيعتها بوليساريو إن المغرب إذا كان واثقا من شرعية حقوقه، فليطبق مبدأ تقرير المصير، وهذا حق يراد به باطل. من جهة لأن تقرير المصير لا يمكن أن يكون على حساب الوحدة التي رجحتها توجهات الأمم المتحدة على هاجس الانفصال والبلقنة، ومن جهة ثانية لأن المعنيين بتقرير المصير حقا، هم المواطنون الذين وجدوا أنفسهم كرهائن بيد الجزائر، تستخدمهم في معاكسة الشرعية بكل الوسائل غير المشروعة في العلاقات الدولية.
  بكل بساطة ووضوح، مشكل الصحراء لا يوجد في المغرب وأقاليمه الجنوبية التي قررت مصيرها، ولكنه أساسا يوجد في تيندوف والعاصمة الجزائرية. فالذين اختطفوا الأطفال والشيوخ والنساء من مساكنهم في الساقية الحمراء ووادي الذهب، قبل الانسحاب الإسباني من المنطقة، هم الذين أوجدوا هذه المأساة الإنسانية التي دثروها برداء سياسي. والذين صنعوا مخيمات تيندوف هم المسؤولون عن خلق أوضاع إنسانية وسياسية تطورت إلى مشكلة إقليمية. بل كانت كذلك منذ البداية، حيث لم تخف الجزائر أطماعها في أن يكون لها وجود على أرض الصحراء المغربية.
  الحلول يتم البحث عنها حيث المشاكل وليس العكس، من قبيل وضع المشاكل لاستبعاد الحلول. وأخطر ما يطبع النظرة الانتقائية في ملف الصحراء هو تعمد تغييب جوانبها المشرقة التي تقدم نموذجا حيويا في التسوية العقلانية. وإذ يتعين التركيز على الأوضاع في مخيمات تيندوف، من حيث كونها مأساة إنسانية وأزمة سياسية، فإن الاندماج الحاصل على امتداد ما يقارب الأربعة عقود يبلور المضمون الديمقراطي لخيار الوحدة، عدا أنه يصحح وضعا تاريخيا عرفته الأقاليم الصحراوية في فترة الاحتلال الإسباني. لا من الناحية العددية أو نوعية الحضور الهوياتي أو مسار المشاركة السياسية، تسقط المقاربة بين وضعين نقيضين. أحدهما يهم الاندماج في عمق التحولات التي يعرفها المغرب، بكل أطيافه ومشاربه وتنوعاته الاجتماعية، والتي ستتوج قريبا بإقرار التنظيم الجهوي المتقدم، والمستند إلى خصوصيات الموروث الثقافي. وثانيهما يخص الأوضاع الإنسانية المزرية التي تعيشها المخيمات، تحت رحمة الأجهزة العسكرية والاستخباراتية الجزائرية، حيث تستمر القبضة الحديدية التي تخنق الأنفاس. لا مجال إذن للمقارنة. غير أن الأمر في جوهره يتعلق في الجانب المغربي بدولة تحترم التزاماتها تجاه مواطنيها وتجاه المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحديدا. فيما يطال في الطرف الآخر حركة انفصالية لا استقلالية لها، واقعة تحت نفوذ دولة مناوئة.
  أيهما أولى بتطبيق فكرة تقرير المصير؟ الإجابة واضحة والمبادئ حين يتم تحريف مضمونها تصبح مجرد شعارات استهلاكية. والفرق شاسع بين من يفكر في مصالح السكان وبين من يريد الإبقاء عليهم كرهائن. مع أن تقرير المصير ينطبق على الأوضاع في المخيمات، قبل التفكير في أي إجراءات أخرى.

 

المصدر: فلاش بريس = محمد الأشهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 25 مشاهدة
نشرت فى 19 نوفمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,180