فلاش بريس = حسن البصري
بارد وسخون أمولاي يعقوب
عندما قرر المجلس الدستوري إعادة الانتخابات التشريعية في مولاي يعقوب مع الدعوة لإعادة الامتحانات الموحدة في هذه البلدة للمرة للخامسة على التوالي، تأكد بما لا يدعو للشك مدى تفاهة الانتخابات في بلدي، وقدرتها العجيبة على أن تختزل نشاط المدينة في كراء الدور لهواة السياحة العلاجية الرخيصة في العطلة الربيعية، وقضاء ما تبقى من أيام في خوض انتخابات يتبين زيف نتائجها حين يتأكد السكان، قبل مرور الحول، أنها كتبت بماء، رغم أن نسبة المشاركة لم تتجاوز ربع المسجلين.
الآن سيدخل سكان مولاي يعقوب مباراة خامسة للحسم في نتيجة نزال سياسي غالبا ما ينتهي بلا غالب ولا مغلوب، كما يقول معلقو مباريات الكرة، سيفوضون أمر إيجار مساكنهم للوسطاء الذين لا علاقة لهم بالسمسرة الانتخابية، وسيشرعون في مساندة المرشحين بالرغم من الملل الذي يميز عادة المباريات المعادة، حيث تتكرر الخطب وتستنسخ الملصقات ويتم تحيين وعود الربيع كي تتلاءم مع الفصل الجديد وتصبح صالحة للزمن الانتخابي المعاد.
تستحق دائرة مولاي يعقوب أن تكون درسا نموذجيا في الانتخابات، ففيها يفرح المرشح بفوزه فيقيم الأفراح، ويركب سيارة يضع على زجاجها الأمامي شارة مجلس النواب في ما يشبه ظهير التوقير السلطاني، وعلى زجاجها الخلفي عبارة «هذا من فضل ربي» والحال أنها من فضل المنتخبين، وفي أول ظهور له على تلفزيون البرلمان يعلن مولاي يعقوب مدينة منكوبة.
منذ سنة 2011 وسكان هذه الحامة «يشللون» أجسادهم في مسبح الانتخابات، دون أن يستقر الوضع السياسي على حال، تارة يحالف التوفيق حزب الميزان وتارة حزب المصباح، دون أن يحصل انفراج في مناخ المدينة السياسي فيظل حبيس تناوب بغيض يوزع الفرح بالتساوي بين الغريمين التقليديين، فيما يظل المستفيد من الوضع ممونو الحفلات وسماسرة الانتخابات، علما أن الاستحقاقات الانتخابية على الأبواب وسيكون من العبث أن ينتخب سكان الدائرة برلمانيا برصيد تعبئة سياسية محددة، تنتهي بإشعار يقول «يتعذر ممارسة مهامكم المرجو تعبئة رصيدكم الانتخابي».
ما يميز دائرة مولاي يعقوب عن غيرها، أن المرشحين ومن كثرة استئناسهم بالطعون، أصبحت لهم دراية واسعة باللعبة الانتخابية، يعرفون نواقض الاستحقاقات التشريعية، ويحرصون على استغلال أبسط هفوات الحملات فيصبح استعمال اللونين الأحمر والأخضر أو العلم الوطني أو رنة هاتف تعيد عزف النشيد الوطني، أو تبرك محضور بالولية الصالحة لالة شافية، وقس على ذلك من مبطلات النجاح.لكن، في ظل هذا الرقم القياسي الوطني، ألا يحق للمجلس الدستوري أن يقرر إبقاء المقعد شاغرا، على الأقل كي لا تهدر أموال أخرى، في سبيل معركة داحس والغبراء، كما يسميها شباب المنطقة الذين يطالبون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من البرلمانيين رد الرواتب والتعويضات التي استفادوا منها إلى خزينة الدولة لأن مرورهم تحت قبة البرلمان كان مرور لئام.
ألغيت نتائج عدد من الدوائر بسبب عدم الانتباه لعلامات المرور الانتخابي، فقد استغل البعض المساجد في الحملة الدعائية، واستكمل مرشحون الحملة الانتخابية في لقاءات مباشرة مع الناخبين على السكايب، وغيرها من الهفوات التي تندرج في سياق القول المأثور «رخيصة بتعليمة»، بينما يختلف الأمر في لعبة كرة القدم، فالطعن في نتيجة مباراة لا يتطلب رفع شكوى لجامعة الكرة، بل يفرض أداء مبلغ مالي حتى لا يصبح الطعن مجرد نزوة لتلطيف الجو بعد النكسات وانتظار فوز بالقلم بعد خسارة باليمين والقسم. الاعتراض على نتائج مباريات الكرة، غالبا ما ينتهي عند الإبقاء على النتيجة المسجلة في الميدان وتوقيف اللاعبين أو الحكام وأحيانا بإجلاء الجماهير خارج الملاعب، وحين تصل الطعون إلى المحاكم تحكم بعدم الاختصاص.
الآن يمكن أن نفهم لغز التحاق شاب من مولاي يعقوب بفريق داعش، وكيف عزز صفوف هذا التنظيم بعد أن قضى سنوات في تشكيلة فريق المصباح، ولم يحقق حلمه ويزيل بقع اليأس التي سيطرت عليه ودون أن يتمكن ماء مولاي عقوب من علاج أورامه.
في انتظار إجراء المباراة الخامسة من بطولة الاستحقاقات التشريعية شطر فاس سايس، يطالب الجمهور بانتداب مراقبين دوليين يرددون بعد تشميع الصناديق «شايلاه أمولاي يعقوب».
ساحة النقاش