http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = محمد الأشهب

ماذا لو غاب الاستقلاليون والإسلاميون عن دائرة مولاي يعقوب؟

لن تنحبس الأنفاس على مآل مقعد نيابي. ففي الخلاصة لن يغير الحائز على دائرة مولاي يعقوب شيئا في تركيبة خارطة يطبعها تفاوت كبير بين مركز الصدارة والرتب التي تليها. لكن الحرص على تحويل دائرة بعينها إلى رهان شبه مصيري ليس سليما. فثمة مجالات أكبر وأوسع في أفق المنافسة القائمة بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية. كونها تعكس جزءا من الصراع بين الغالبية والمعارضة الذي يظل مطلوبا.
حسم المجلس الدستوري أكثر من مرة في مؤاخذات وطعون همت دوائر أخرى، ولم تتكرر نفس الأخطاء، لأن ارتضاء النصر أو الهزيمة، من تقاليد الممارسات الديمقراطية. فيما أن تحويل دائرة معينة إلى مركز استقطاب، لا يتماشى والسلوك الديمقراطي، ولو كان ذلك من باب التحدي. أقله لجهة تجاوز العثرات التي تكون سببا في إلغاء نتائج الانتخابات، وهذه مسؤولية مشتركة بين الفرقاء كافة. وقد يجوز افتراض أن حماية الديمقراطية يمكن أن يحتم على الحزبين عدم خوض غمار المنافسات القادمة، وإفساح المجال أمام باقي الشركاء في المعارضة والغالبية، درءا لتكرار الأخطاء السابقة.
لا تنحصر المسؤولية السياسية في تحصين العملية الانتخابية من أنواع الشوائب التي تعلق بها. فالنزاهة والحياد والتقيد بحملات انتخابية نظيفة التزامات مبدئية لا غبار عليها. لكن هناك إجحاف ضمني في حق سكان الدائرة الانتخابية، محل النزاع. وبعد مرور ثلاث سنوات على اقتراع 2011، لم يعد مقبولا بقاء الدائرة بلا تمثيلية نيابية. لأن في ذلك إضرارا بمصالح السكان، إذا افترضنا، وهو شيء منطقي، أن ما يهم المترشحين هو الوفاء بتعهداتهم إزاء الناخبين الذين وضعوا فيهم الثقة، أو الذين لم يصوتوا لفائدتهم كذلك، فالمسؤولية النيابية ترتقي فوق الخلافات الحزبية.
هل كان لدائرة مولاي يعقوب أن ترتدي الأهمية التي اصطبغت بها، لو لم يكن حميد شباط عمدة مدينة فاس قد أصبح أمينا عاما لحزب الاستقلال؟ وهل كان لها أن تستقطب كل الاهتمام والصراع لو لم يغادر الفريق الاستقلالي مربع الحكومة ويصطف في المعارضة، بعد خلافاته المتزايدة وحزب رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران؟ لكن هل يجوز للحزبين الغريمين أن يختزلا كل مجالات العراك في دائرة بعينها؟
هنا مربط الفرس وعمق الإشكالية. فبعض الدوائر الانتخابية يصبح لها نفوذ أكبر من التقطيع الإداري والحجم الانتخابي، عندما تتلون بصراع كبير، يحسبه الفائز انتصارا باهرا ولا يرضى الخصم بخسارته تحت أي طائل، وكان الله في عون المجلس الدستوري الذي خص هذه الدائرة بأكبر قسط ممكن من الأبحاث والتحريات والقرارات. وإذا كان من حق الأحزاب أن تتمسك بما تعتبره علامات نفوذ وتوسع وثقة، فالأمر لا يجب أن ينحصر في نطاق ضيق. لأن كل الدوائر ساحة صراع مفتوح. والراجح أن بعض الاقتراع الجزئي حُمِّل أكثر من قدراته، فقد اعتبرت أحزاب الائتلاف الحكومي حيازتها مقاعد في منافسات جزئية دعما للتجربة ونكاية بالمعارضة، كما اعتبرت بعض فصائل المعارضة الفوز بمقعد أو أكثر بمثابة فشل وعقاب لسياسة الحكومة. فيما أن المعيار الأهم يرتبط باستحقاقات العام 2016. بل إن انتخابات البلديات نفسها ليست بنفس الحمولة الحزبية، وإن كانت أكثر اقترابا إلى هموم وانشغالات المواطنين في الأحياء والدوائر والمدن والمداشر والأقاليم.
غير أن الإلغاء المتكرر لدائرة مولاي يعقوب يشير إلى انطباع الممارسات الحزبية في المنافسات الانتخابية بقدر من التجاوزات. وهو عامل ليس من شأنه أن يشجع الناخبين في الإقبال على صناديق الاقتراع، كونه يعكس ميولا غير ديمقراطية، أو في أقل تقدير الرغبة في الاحتفاظ بكراسي تشريعية أو غيرها. وفي خضم الجدل حول نزاهة الاستحقاقات القادمة يبدو جليا أن هناك مسؤوليات تقع على كاهل المتنافسين، تتوازى والضمانات القانونية والإجرائية. وطالما أن هناك شكوى من استخدام المال أو استعمال رموز وطنية أو اللجوء إلى تجاوزات أثناء فترات الحملات، فلا أقل من أن يلتزم المتنافسون بقيم التباري الموضوعية، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى العملية السياسية.
ليست دائرة مولاي يعقوب أكثر من سطح الجليد أو مجرد غابة تحجب غابة التناقضات، وإذا كان أصل أي صراع هو التناقض وتباين المواقف، ففي مسألة الضمانات المرتبطة بتجنيب الاستشارة الشعبية مخاطر الانزلاق والانحراف، يتعين انتفاء التناقض، أقله على مستوى إيجاد صيغ توافقية في إجازة القوانين التنظيمية، وفي ضبط السلوك الانتخابي. كي لا تتحول دائرة مولاي يعقوب إلى مشجب، مع أنها لن تزيد عن الإبقاء على الفوارق القائمة في حضور الفرقاء السياسيين في الولاية الراهنة، لأن رقما إضافيا لا يحدث اهتزازا يذكر.

 

المصدر: فلاش بريس = محمد الأشهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 6 نوفمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,569