عائد من تندوف يروي مآسي المخيمات ويدعو إلى المصالحة
المساء = العدد :2509 - 23/10/2014
احتضنت المكتبة الوطنية، مساء أول أمس، لقاء تواصليا مع حماتي البويهي، العائد من تندوف قبل أقل من ثلاثة أشهر، حضره العديد من المهتمين والمتابعين لملف الصحراء، وأنصتوا خلاله لشهادة البويهي، الذي قضى حياته كلها بين المخيمات وكوبا وفنزويلا وليبيا، قبل أن يقرر العودة إلى المغرب ليحمل هم الدعوة إلى وحدة وطنية تجمع كافة المغاربة، بمن فيهم المغرر بهم في مخيمات جبهة.
اللقاء الذي كان تحت البوليساريو عنوان «شهادة عائد من تندوف.. من أجل تفعيل الحكم الذاتي بالصحراء»، أطره حسن أوريد، الناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي، حيث أكد أن عمر البويهي يطابق عمر النزاع حول الصحراء قبل أزيد من أربعين عاما، إذ اختطف من حضن والدته وهو ابن ثمانية أعوام ليعيش في المخيمات، قبل أن يتم تهجيره إلى ليبيا للدراسة مع عدد من شباب الصحراء، ومنها إلى كوبا حيث كان يعمل في حقول قصب السكر بالموازاة مع استكمال دراسته وهو ابن 12 سنة، ويخضع لتحريض إيديولوجي ضد المغرب والمغاربة.
وقال حماتي البويهي إنه عاد إلى المغرب لا لمدح أحد أو لعن أحد، بل لقول الحقيقة والمراهنة على المجتمع المدني في الجانبين. وروى أنه قضى طيلة أربعين عاما في المخيمات والبلدان التي عاش فيها، والتي تتعرض للبطش والتنكيل، وفتح عينيه على ثورة كوبا وثورة الفاتح من شتنبر وثورة نونبر الجزائرية التي كانوا يلقنونهم أدبياتها، مشيرا إلى أن الصحراويين في المخيمات يشكلون حماة الجنوب الجزائري، حسب قوله، ورصيدا سياسيا في أيدي حكام الجزائر. واستشهد على ذلك بمشاركة حوالي 50 في المائة من سكان مخيمات تندوف في الانتخابات الرئاسية الجزائرية الأخيرة، كون جبهة البوليساريو كانت تقنع الصحراويين بأن حزب جبهة التحرير الحاكم هو الضامن لاستقلال الصحراويين، وأن نهايته تعني نهاية حلمهم.
وأكد البويهي أن الصحراويين المقيمين في المخيمات ليسوا أبناء 1975، بل إن جذورهم تمتد إلى تاريخ المغرب، موضحا أن أجداده وآباءه قاتلوا في صفوف جيش التحرير المغربي دفاعا عن استقلال المغرب. وأشاد بمشروع الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب عام 2007، مؤكدا أنه الخيار الوحيد الممكن، وقال إن اقتراح ذلك الحل يعني نهاية شعارات البوليساريو، التي دعاها إلى تبني الخيار المغربي. وأوضح أن إنشاء دويلة في الصحراء سوف يجعلها امتدادا للأراضي الجزائرية.
وانتقد البويهي السياسة المتبعة في الأقاليم الجنوبية اليوم، حيث أكد أن النخبة التي كانت تهيمن على السياسة والاقتصاد منذ عام 1975 هي نفسها التي مازالت موجودة اليوم، وهو نفس الأمر الذي يحصل مع جبهة البوليساريو، التي لايزال مؤسسوها في بداية السبعينيات المسيطرين حاليا على كل شيء، مضيفا أن هناك مئات الأشخاص الذين يعيشون في الأقاليم الجنوبية منذ 50 سنة، لكنهم لا يتوفرون على سكن، بينما عدد البقع التي وزعت في السنوات الست الماضية يتجاوز هذا العدد، دون أن يتمكن هؤلاء من الاستفادة. وطالب البويهي بالمصالحة بين جميع المغاربة وبناء الوحدة الوطنية قبل الوحدة الترابية، حسب تعبيره، داعيا إلى تكوين نخبة تكون جسرا بين الصحراويين في الداخل والخارج لكي يفهم الصحراويون المقيمون في مخيمات العار حقيقة التقدم الذي حصل في المغرب، الذي سيبقى هو بلدهم الوحيد مهما كانت الظروف.
ساحة النقاش