http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

فلاش بريس = إقبال إلهامي

اسكتلندا.. الثروة لم تعد سببا للانفصال

على الأقل كشف لنا استفتاء تقرير المصير في اسكتلندا أن الاتحاد الأوروبي حريص على مفهوم الوحدة ومناهض لفكرة الانفصال. لذلك استبق مسؤولوه النتائج بالإعلان أنه لا يمكن القبول بدولة جديدة منشقة عن بريطانيا داخل الفضاء الأوروبي. 
ورغم أن الأوروبيين والغرب عموما يشتغلون على تقسيم العالمين العربي والإسلامي عبر تشجيع النعرات الطائفية والمذهبية لاستغلال أفضل لخيراته، فقد فضح استفتاء اسكلتندا مخاوفهم من الانفصال الذي يمكن أن يرتد على كامل أوروبا. وربما يغيب عن الأذهان أن إسبانيا لا تزال ترفض حتى الآن الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة لأنها تواجه بدورها مطالب انفصالية سواء في منطقة الباسك أو كتالونيا. 
وقد استبق مسؤولو الاتحاد الأوروبي استفتاء اسكتلندا بتصريحات مناهضة لاستقلالها عن المملكة البريطانية انطلقت العام المنصرم، حين صرح رئيس المفوضية الأوروبي جوزيه مانويل باروزو في فبراير الماضي بأنه «سيكون من الصعوبة وربما من المستحيل أن تنضم اسكتلندا كدولة مستقلة إلى الاتحاد الأوروبي».
وفي حين يحرص الاتحاد الأوروبي على صون وحدته، نجد أن اتحاد المغرب العربي لا يبدي نفس الحرص، حيث لا تتوقف الجزائر عن دعم الانفصال في الأقاليم الجنوبية للمغرب وتغذيته بالمال والسلاح. 
وقد صرفت الجزائر على مشروعها لإقامة دويلة في الصحراء نحو 250 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم لو صرف على شباب الجزائر لصنع ثروة لا تقاس عربيا. لكن الجزائر تفضل إدارة ظهرها لشعبها وتركيز سهامها السامة باتجاه بلد جار تعتقد أن إضعافه سيخدم مصالحها في المنطقة. ولو كانت نظرية المصالح الضيقة صائبة، لكان الاتحاد الأوروبي أول المشجعين على انفصال أسكتلندا بما يفتح الطريق أمام تجزيء أوروبا.
لكن الثروة لم تعد سببا لصنع دويلات صغيرة، والأسكتلنديون كانت لهم كل مبررات الاستقلال عن التاج البريطاني، لكنهم قالوا لا للانفصال، رغم أن نحو تسعين بالمائة من احتياطات النفط والغاز التي تستغلها بريطانيا توجد فوق أراضيهم وتحديدا في بحر الشمال. وكان بإمكانهم جني نحو 87 مليار دولار لو صوتوا على الاستقلال. لكنهم لم ينشغلوا بحسابات الانفصال ولا بكيف أن اسكتلندا ذات الخمسة ملايين نسمة تسمح باستغلال نفطها وغازها من قبل بريطانيا ذات 66 مليون نسمة، ولا بكيف توظف استثمارات النفط والغاز المستخرج من باطن أرضهم أكثر من 450 ألف شخص في بريطانيا وتدر أرباحا تقدر بملايير الجنيهات الاسترلينية.
كل هذه الأسئلة لم تكن على القائمة،  كان السؤال الوحيد الذي يتعين على الناخبين الإجابة عنه الخميس الماضي في اسكتلندا هو: هل تفضل البقاء أو إنهاء الوحدة مع المملكة المتحدة التي دامت أكثر من 300 عام، وكان الجواب مفاجئا، حيث صوت مؤيدو الوحدة بـ55,25 في المائة من الأصوات مقابل 44,56 في المائة  للانفصال، وهو فارق كبير بمعيار أن الحكومة التي كانت تدير شؤون اسكتلندا مؤيدة بقوة للانفصال. وعوض أن يطعن رئيس الحكومة الاسكتلندية أليكس سالموند الذي تزعم معكسر حملة الانفصال عن بريطانيا في نتائج الاستفتاء، قدم استقالته ووضع المفاتيح وعاد أدراجه إلى بيته
دون ضجيج.
ولعل الشجاعة تكمن في الإقرار بالهزيمة وليس في مقاومتها. وحين أفرغت صناديق الاقتراع وتبين أن سكان اسكتلندا أكثر ميلا للوحدة مع بريطانيا على الانفصال عنها، اعترف سالموند بالهزيمة، قائلا «إن اسكتلندا قررت ألا تصبح دولة مستقلة.. أقبل حكم الناس هذا». بل إنه زاد بأن دعا أنصار الانفصال إلى تقبل النتيجة «والعمل لصالح البلاد».
طبعا اسفتاء تقرير المصير أنهى أحلام الانفصال التي كانت تغذيها الحكومة المحلية في اسكوتلندا، لكنه لم يوقف مطالب توسيع السيادة التي يطالب بها الاسكتلنديون والتي وعدت الحكومة البريطانية بتحقيقها في حال قولهم نعم للوحدة مع العرش البريطاني، وهو وعد سيطبق في حال نزوله بنفس القدر على كل أجزاء المملكة المتحدة الأربعة، وهي بالإضافة إلى أسكتلندا، إنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية.
أما حيث نحن في العالم العربي، فلا يسعنا أمام اختبار اسكوتلندا إلا أن نقول ما أحوجنا إلى نماذج تنصهر فيها الثروة لصالح الوحدة، عوض أن تكون عامل تفكك وانفصال وتقسيم للدول، تماما كما فعل الصراع حول النفط بجنوب السودان وكردستان العراق. لكن أيضا ما أحوجنا إلى نفس النظرة الأوروبية والأمريكية تجاه الانفصال الذي تنبذه فوق أراضيها وتغذيه في منطقتنا.

 

المصدر: فلاش بريس = إقبال إلهامي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 21 مشاهدة
نشرت فى 25 سبتمبر 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

280,191