مغامرات وزير البيصارة... تابع (2/1)
لن نتحدث اليوم عن الصفقة التي بموجبها تمكن رجل الأعمال عبد الكريم بوراس من طنجة من الفوز بمساحة قدرها 8100 متر مربع تابعة للمياه والغابات لكي يقيم عليها مشروعا سياحيا في القنيطرة، كما لن نتحدث عن الثقل القوي الذي نزل به عزيز رباح مستغلا نفوذه كرئيس للمجلس البلدي للقنيطرة من أجل إقناع أعضاء اللجنة بالموافقة على مشروع لم يخضع لقانون طلبات العروض، وبالتالي فوت على المجلس عروضا كان يمكن أن تكون عائداتها أكبر على صندوق البلدية.
فسنترك لوقت آخر الحديث بالتفصيل الممل عن علاقة الرباح برجل الأعمال الطنجاوي عبر وساطة محمد أمحجور، كاتب الفرع الجهوي لحزب العدالة والتنمية بطنجة تطوان، ووساطة صديقه وشريكه في الأعمال والشركات يوسف بنجلون، رئيس غرفة الصيد البحري بطنجة عن حزب العدالة والتنمية كذلك.
فهناك الكثير مما يقال حول شبكة العلاقات هذه التي تتداخل فيها علاقات الصداقة والمال والسياسة والحزب. فهناك على الأقل عضوان بارزان في حزب وزير التجهيز تشترك معهما ابنة بوراس محمد، هما أمحجور والعيدوني، والحديث هنا ليس حول شركة أو شركتين بل شبكة متعددة من الشركات بعضها في مجال النقل وبعضها في مجال الأدوات الطبية يوجد مقرها جميعها في نفس عنوان شركة بوراس الأب في إقامة الهناء بطنجة.
كما سنترك لوقت لاحق الحديث بالتفصيل عن علاقة العشق التي تجمع عزيز رباح بعروس الشمال طنجة، التي لا يهدأ له بال إلا بزيارتها.
ودعونا اليوم، وغدا أيضا إذا اتسع صدر وزير البيصارة، نخصص حيز هذا العمود للخوض في بيصارة أكثر حموضة من سابقتها تتعلق بفضيحتين مجلجلتين للوزير في آسفي.
وعندما نكتب معلومات حول طريقة تسيير وزارة الرباح وبوليف فإنهما يسارعان بالإجابة بالشتم والقذف وكيل الاتهامات.
لا يهم، يستطيع الوزيران المحترمان شتمنا كما يحلو لهما، فهذا لن يثنينا عن متابعة القيام بواجب مراقبة طريقة صرفهما للمال العام وطريقة تسييرهما للشأن العمومي.
واليوم نعود لتقديم معلومات جديدة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي الطريق، وتحديدا الطريق السيار بآسفي، بسبب صفقة فازت بها شركة تركية محببة إلى قلب الرباح.
وإذا كان رئيس الحكومة قال بأنه «إلى بغا الله غادي نديرو مادار أردوغان فتركيا»، فإننا نستسمحه قراءة هذا العمود، وبعدها فليتمنى ما شاء، لأنه مع هذه الشركات التركية التي جاء بها بنكيران بعد وصوله إلى الحكومة يبدو أننا لن نكمل بسلام أي مشروع بدأناه معها.
فإذا كانت حكومة العدالة والتنمية في تركيا تراقب بصرامة مدى احترام الشركات التركية والأجنبية لدفاتر التحملات التي فازت بموجبها بالصفقات العمومية، فإن حكومة العدالة والتنمية المغربية، وخصوصا وزيرها في التجهيز والنقل، يفعل كل ما بوسعه للتغطية عن أمثال هذه الشركات التي تخل ببنود دفاتر تحملاتها لتسمين أرباحها.
سنعطي، دون أن نطيل، مثالين صارخين يعتبران وحدهما سببا كافيا لكي يقدم وزير التجهيز استقالته من الحكومة وأن يعرض على المحاسبة.
وحسب وثائق حصلنا عليها حصريا فإنه يجري حاليا التكتم على إحدى أكبر فضائح الغش المتعلقة بالمشاريع الكبرى التي أطلقتها حكومة بنكيران، والتي حظيت بدعم ملكي، حيث تكشفت الوثائق الرسمية الصادرة عن الشركة الوطنية للطرق السيارة في المغرب عن استعمال إحدى الشركات التركية الفائزة بصفقة إنجاز الطريق السيار لآسفي الجديدة لمواد غير مطابقة لما تعهدت به هذه الشركة التركية في دفتر التحملات الذي يجمعها مع الحكومة المغربية.
وتقول الوثائق إن الشركات التركية التي فازت بصفقة إنجاز الطريق السيار آسفي الجديدة الذي دشنه الملك محمد السادس، تستعمل مواد أولية عبارة عن أحجار وأتربة مستخرجة من مقالع أحجار غير بعيدة عن موقع الطريق السيار، وبالضبط من منطقتي البهاليل والغربية، وهي المواد الأولية التي أثبتت تحاليل علمية قامت بها الشركة الوطنية للطرق السيارة في المغرب أنها غير صالحة للاستعمال في فرشة الطريق السيار بسبب تمزق تلك المواد بمجرد احتكاكها مع الماء مما يهدد جودة الطريق السيار ويعرضه للتمزق والانجراف بعد شهور قليلة من استعماله.
واستنادا إلى معطيات دقيقة توصلنا إليها فإن الشركات المغربية التي فازت بالشطرين الأول والثاني من الطريق السيار آسفي الجديدة تجلب المواد الأولية من مقالع بوسكورة وبنهاشو المطابقة لمواصفات الجودة، كما ينص على ذلك دفتر التحملات، في حين تعمد الشركات التركية التي فازت بالشطرين الثالث والرابع إلى استعمال مواد أولية من مقالع محاذية للطريق السيار، وطبعا فهذه العملية الاحتيالية ستمكن الشركة التركية من جني قرابة 30 مليار سنتيم من الأرباح غير المتوقعة.
الوثائق الرسمية الصادرة عن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب وتحت اسم «أمر مصلحة مرقم بـ 26/14 و 25/14»، بتاريخ 29 ماي 2014، موجه للشركة التركية الفائزة بصفقة أشغال بناء الطريق السيار آسفي تقول إن «الرمال المستعملة في الأشغال والمواد المخلوطة من أجل إنجاز الإسمنت المسلح غير معتمدة وغير مطابقة للمعايير وغير مصادق عليها من قبل وكيل الأشغال العامة»، في وقت كشفت وثيقة أخرى صادرة عن الشركة الوطنية للطرق السيارة في المغرب تحت رقم مرجعي عدد 0225/14، أن إحدى الشركات التركية التي فازت بصفقة إنجاز الطريق السيار آسفي الجديدة «تستعمل مواد غير مطابقة للاستعمال في فرشة البنية التحتية للطريق السيار»، مضيفة أن التحاليل التقنية والعلمية التي أنجزت على مقاطع من الطريق السيار «أثبتت أن تلك المواد المستعملة لديها حساسية للمياه»، مما يعرض الطريق السيار لخسائر جسيمة شهورا قليلة بعد فتحه في وجه المسافرين.
وهذا ما حدث بالضبط في الطريق السيار الرابط بين مراكش وأكادير وتحديدا في منطقة فم الجرانة، حيث تجري عمليات ترقيع واسعة بسبب انجراف الأتربة. فبسبب السرعة في العمل والركض وراء الإعلان عن فتح الطريق السيار في وجه المسافرين بأي «ثمن»، كان العمال يشتغلون بالنهار والليل، والنتيجة هي كما يقول المغاربة «خدمة الليل ضحكة للنهار».
ساحة النقاش