http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

 

 

 

محمد الأشهب

 

كاتب و صحفي

 

من يوقف إسرائيل؟

 

لو كان لأسطورة القوة أن تصمد، لما اضطرت الولايات المتحدة الأمريكية كرمز للسطوة الاقتصادية والنفوذ العسكري الذي انحنى العالم أمام جبروته، أن تنسحب من العراق ثم أفغانستان لاحقا. فقد أذعنت لواقع أنها كانت قوة احتلال، وكذلك لتغلغل المقاومة. لأنه ما من شيء يستطيع أن يوقف حركة التاريخ في تصاعدها، ضد القهر والاحتلال والاستعباد.
مناسبة الكلام أن الكيان الإسرائيلي الذي بنا نفوذه وتوسعه الاستيطاني على منطق احتلال أراضي الغير والتلويح بالقوة، يواجه المأزق ذاته، مع فارق أنه لا يوجد داخل النخب الإسرائيلية التي هيمنت عليها الاتجاهات المتطرفة، من يدعو لوقفة تأمل، تفيد بانهيار أسطورة القوة، مهما كان حجم الترسانة العسكرية والقباب الحديدية ومخزون أسلحة الدمار الشامل أمام ضربات الشعوب، أكانت بالحجارة أو بصواريخ بدائية الصنع، وليس مثل صرخة الإنسان قوة في مواجهة الاحتلال.
التأمت العقيدة الإسرائيلية حول العداء، إذ تنظر إلى كل ما حولها أنه يسعى إلى تدميرها، ولا تلتفت أبدا إلى كونها اتخذت من تدمير الآخرين سياسة قائمة الذات، فهي الكيان الوحيد الذي لا حدود ثابتة لديه. لذلك فإن فكرة الدفاع عن النفس تسقط تلقائيا، كما أنها الكيان الوحيد الذي لا يستطيع العيش بلا حروب، ما يفسر إصرارها على الاحتفاظ بالأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. عدا أن الحرب بالنسبة إليها لا أخلاق فيها. إذ تستطيع أن تقتل الأبرياء وتدمر البيوت على ساكنيها وتقصف المنشآت المدنية، بما فيها من مدارس ومستشفيات وأسواق، بدعوى الاشتباه بوجود مهاجمين، منطقها في ذلك أن الاحتلال لا يحتم وجود مقاومة. يساعدها في ذلك غياب الضمير العالمي وفتور مجلس الأمن، والاكتفاء باستجداء الهدنة عندما تكبر المأساة.
العربدة الإسرائيلية في غزة تتمثل جوهرة العقيدة الإسرائيلية. أي فرض الاستسلام والإذعان للإفراط في استخدام القوة، غير أنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه المواجهة غير المتكافئة، فقد جربت إسرائيل مرات عدة إخضاع قطاع غزة لسياستها دون جدوى. مارست الحصار في أقصى درجات القسوة التي تشمل التجويع والقتل البطيء وخنق الاقتصاد وتحويل المنطقة إلى سجن كبير بلا أبواب ولا نوافذ، ومنعت وصول المساعدات التي تضم الغذاء والدواء، بل أجهزت على مراكب أجنبية جاءت لفك الحصار، وحين لم ينفع كل ذلك في إخماد جذوة الانعتاق، أمرت جيوشها باستباحة الحجر والشجر والإنسان.
لم تستوعب الدرس، ومن غير الوارد أن تفعل. ذلك أن الصواريخ البدائية التي وصلت إلى سماء تل أبيب وغيرها، تؤكد أن الأمن الحقيقي لا تصنعه القوة، بل الإنصاف والعدل، إذ يقودان إلى قيام سلام الشجعان، لكن العربدة الإسرائيلية في غزة لا تنفصل عن سوابقها في لبنان ورام الله وسوريا، فليس هناك رادع أمام كيان دأب على مخاطبة العالم بلغة القوة. ولولا أنها تجد من يبرر هذه الأفعال ويلتمس لها الأعذار لما تجرأت في كل مرة على اختراق حدود دول أخرى.
الحقيقة الماثلة على الأرض، هي أن ما من نقطة في إسرائيل أصبحت بمنأى عن القصف الذي يأتي كرد فعل مشروع ضد قتل المدنيين. وما لم تستوعبه إسرائيل جيدا هو أن الأمن لا تصنعه القوة أو استمرار الاحتلال، بل بناء السلام العادل الذي يسمح بقيام التعايش، ولا يعني التوجه المتطرف لحكام إسرائيل، نزولا عند رغبات سياسييها الذين يحلمون بأفكار وأوهام  دنيئة  وتوسعية.
ضجرت إسرائيل لأن الوحدة بين الفصائل الفلسطينية تحققت في النهاية، بعد طول غياب، وعوض أن تعتبر ذلك مؤشرا إيجابيا في اتجاه تحرير مفاوضات السلام والانتقال بها إلى جوهر الأزمات الحقيقية وإمكان التغلب عليها، أطلقت العنان لعربدة القوة. ما يؤكد عدم رغبتها في أي مفاوضات وسعيها الدائم لإحراج السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذا الدول العربية التي أبرمت معها اتفاقات سلام لم يتحقق.
كان أحد الزعماء العرب في معرض إحراجه إسرائيل، يدعوها إلى إلقاء قنابلها الثورية على الدول العربية دفعة واحدة، لأنها لا يمكن أن تتخلص من عقدة الاحتلال التي جعلتها جسما غريبا عن العالم العربي، أهدرت كافة فرص اليد الممدودة التي كانت استبدلت لاءات قمة الخرطوم بإبداء الرغبة في صنع السلام العادل. والواقع أنها ترمي بقنابلها الحارقة في كل مرة تشتد عزلتها، والمشكل أنها تجد من يستقبل منها هذه العربدة بمبرر الدفاع عن النفس والأمن،لكن أين أمن دول الجوار وأين الدفاع عن النفس بالنسبة للفلسطينيين الذين تنهمر عليهم القنابل من السماء والبحر.
إنها لا تستطيع أن تتقبل مجرد فكرة وصول صواريخ بدائية إلى إسرائيل، لكنها تعاند في إرسال الصواريخ المدمرة إلى الآخرين، وإن كانوا أطفالا ونساء لا يحجبهم شيء عن سقوط أسلحة الدمار على الرؤوس والبيوت.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 17 يوليو 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

282,324