عبد العزيز الرماني
صحفــــــي
عبد القادر بوتفليقة ولد لزعر
على بعد سنتين من دخوله الانتخابات الرئاسية، عاش عبد العزيز بوتفليقة أجواء منافسات رياضية عــبــــر التلفزيون حين تتبع سباقات أولمبياد أطــلــنــطــا في مسافة 1500 متر، وكانت المنافسة شديدة بين العداء الجزائري المتمرس نور الدين مـــورسلي والعداء المغربي الواعد حينها هشام الكروج.
فضل بـوتـفـلـيـقـة ان يحضر إلى جانبه بعض أقرب أصدقائه، وبدا عليه خوف شديد وكثير من التوجس، وكأنه كان يستعد لدخول حرب طاحنة مع جهة مجهولة.
أزاح ساعته اليدوية من نوع «أوميغا»،وبدأ يحركها بسبابته، حينها كان السباق قد انطلق وكان مورسلي يركض غير بعيد عن هشام الكروج،وحين اقترب السباق من نهايته أراد هشام الكروج أن يفلت إلى الأمام فصدمه نور الدين مورسلي، عمدا أو بدون قصد، فخر ساقطا وفاز مورسلي بالسباق.
وفي لحظة سقوط الكروج لم يتمالك عبد العزيز بوتفليقة نفسه فبدأ يصرخ في حالة هستيرية: « لـقـد سـقـط الـمـغــرب، لقد سقط المغرب»، نبهه صديق من الحاضرين إلى أن المقصود هو هشام الكروج، لكن بوتفليقة أصر على أن «الساقط هو المغرب».
وعداء عبد العزيز بوتفليقة للمغرب لا يمكن تشخيصه بسهولة، فالأمر يتطلب طبيبا نفسيا متمكنا كي يفسر نوع السكـيـزوفـريـنيا التي يظهرها الرئيس الجزائري في عمله، وبين المشاعر التي عبر عنها أثناء تشييع الملك الراحل الحسن الثاني.
كيف يمكن لطبيب نفسي متمرس أن يفسر عقوق عبد العزيز المراكشي وعبد العزيز الــوجــدي وقد ترعرعا على أرض مغربية، وتربيا في مدارسها قبل أن يطيرا إلى جهة أخرى، ويظهرا العناد الشديد لمصالح الوطن، فلا يردهما الحنين ولا يصدهما الجميل.
فمدينة وجدة وإن ظلت تفوح بالوجد لكل من تربى في أحيائها، وانتعش بهوائها، لم ينل عشقها شيئا من عبد القادر لزعر الملقب حاليا بعبد العزيز بوتفليقة الذي ولد بها يوم 2 مارس 1937.
لم يكن يتوقع الشيخ أحمد الهبــري أن الطفل الذي رزق به من زوجته الثانية، سيملك في لاحق السنين سطوة السلطة والعناد في أرض تلمسان التي يتحدر منها الشيخ. ولطالما ساوره الشك في أن يعيش هذا الابن لنحافة جسده وكثرة علله وأمراضه.
وقد سماه أبوه عبد القادر تيمنا بالزاوية القادرية بوجدة، فتنكر الابن للاسم فسمى نفسه عبد العزيز، ولم يستسغ كنية «الأزعر» فكنى نفسه بوتفليقة، إثر عودة العائلة إلى تلمسان وكان عمره حينها 18 سنة.
لا يمكن لذاكرة بوتفليقة أن تنسى يوم قدم الأمير مولاي الحسن إلى وجدة كي يــدشـــن مدرسة جــديــدة أطــلـق عليها «المدرسة الحسنية»، فأوتي به من مدرسة «سيدي زيان» ليحيي الأمير، وقد ردد مع الأطفال الحاضرين بأعلى صوته: « لا نــرضــى بالذل ولا نرضى بالهوان، نحن فداك يا سيد الأوطان، يا ملكي الغالي أنا فداك، أنت تسري في الدم وفي الشريان».
لا شيء من ذكريات دراسته بمدرسة سيدي زيان وبالمدرسة الحسنية وبثانوية عبد المومـن، تمكن من خوالجه أو هذب مشاعره تجاه بلد أسدى له الخير والجميل. بل لعله جسد هـذا الـتـنـكر حينما استقدم مع صديقه بومدين، مواطنا مراكشيا وأغرياه بالسلطة والمال ليؤسس جبهة في تندوف تعارض مصالح المغرب وتلهيه عن تقدمه.
ويوم توفي بومدين واتهم بوتفليقة بالسطو على الـمـلايــيــر من الـدنـانــير الجزائرية، ونشرت جريدة « المجاهد » كل المعطيات والحقائق حول هذه الفضيحة، فكر بوتفليقة في الفرار إلى المغرب. فخاف أن تطاله يد الشاذلي بن جديد، وغير وجهته إلى مدينة دبي التي بقي بها إلى حين استفادته من العفو سنة 1987 .
ورغم أن بـوتـفـلـيـقــة لم يتوان لحظة عن تمويل كل الأفراد والـمـنـظـمـات الـمـعـاديـة لـمـصالح المغرب، فإنه ظل يواجه مؤسس البوليساريو عبد العزيز المراكشي بالحقيقة كلما كان غاضبا، ولطالما واجهه بكونه مجرد رئيس وهمي من صنع الجزائر.
ويوم أراد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات السلام على بوتفليقة في حفل رسمي،وكان إلى جانب هذا الأخير عبد العزيز المراكشي كالظل يتبع صاحبه، صاح عرفات من بعيد: « أهلا يا فخامة الرئيس عبد العزيز »، فوقف قائد الـبـولـيـســاريـو فرحا ليسلم على عرفات، قبل أن يجره بوتفليقة من حزام سرواله ويقول له: « إنـه لا يـقـصـدك، لأنـك وإن كـنـت تـسـمــى عبد العزيز، فأنت لست «فخامة الرئيس»».
وللوقوف والانحناء قصة أخرى مع الرئيس الجزائري، ففي إحدى حملات بن فليس الأخيرة قال: « إن عبد العزيز بوتفليقة يعتبر وقوفه للسلام على وزير الخارجية الأمريكي كيري إنجازا كبيرا، فكيف للجزائر أن تنهض إن هي اختارت رئيسا لا ينهض؟؟».
سأله يوما صحفي فرنسي:«فخامة الرئيس، يبدو أن السياسة ألهتك عن تكوين بيت وأسرة، ألا تشعر بالوحدة؟»،أجابه بوتفليقة: «طبعا لا أشعر بالوحدة لأنني محاط بمن يعوضني عن كل شنئ»، لم يفهم الصحفي قصد الرئيس، فلعله يقصد أنه محاط بالشعب، أو لعله يقصد أنه محاط بالحكم والسلطة، أولعله يقصد أشياء لا نعلمها نحن.
ساحة النقاش