http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

 

 

 

محمد الأشهب

 

كاتب و صحفي

 

حتى لا تغرد الجزائر وحيدة

 

بكل اللغات أكدت عواصم دولية وازنة أنها لا تستسيغ قيام كيان في منطقة الشمال الإفريقي، خارج دوله الخمس. وعندما تأسس الاتحاد المغاربي في قمة مراكش لعام 1989، حسم في الأمر تاريخيا وجغرافيا وسياسيا. مع أن مسألة توتر الصحراء كانت قائمة ولم تكن الحرب أوقفت أوزاها.
فهم وقتذاك أن التكتل الإقليمي الذي أعلن عن وجوده، سيذيب المشكل عبر توجهات وحدوية تقطع مع منطق التجزئة والبلقنة. تقبلت الجزائر الأمر، على رغم أنها كانت أول دولة اعترفت بالكيان الذي احتضنته وأمدته بالسلاح والعتاد والدعم الديبلوماسي، وتردد أن تجاوز مأزق الاعتراف يتطلب المزيد من الوقت، كي لا تبدو الجزائر وكأنها انقلبت مائة وثمانين درجة في موقفها من القضية. الواقع أنها تخلصت من كثير من ثقل الرئيس هواري بومدين، على صعيد استبدال الخيار الاقتصادي بالانفتاح على متطلبات السوق. وألغت هيمنة الحزب الوحيد المتمثل في جبهة التحرير الجزائرية، عبر البدء في مسلسل التعددية، لكنها توقفت أمام التركة الثقيلة التي جعلتها تعترف بكيان كانت وراء صنعه.
ينسحب الأمر، وإن بدرجة أقل حدة، على الوضع الاستثنائي الذي تعيشه موريتانيا. فقد أقرت السلطة الجديدة مسافة أبعد حيال المواقف والتجارب التي دفعت إلى الانقلاب على سلطة الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع والحكام الذين سبقوه. وفي مقدمتهم محمد خونا ولد هيدلا الذي كان وراء الزج ببلاده في علاقة ملتبسة مع جبهة بوليساريو، إلا أنها لاعتبارات غير مفهومة لم تقطع شعرة معاوية مع سياسات تدرك أكثر من غيرها أنها سلبية ولا تخدم توجهات العلاقات الثنائية مع المغرب، ولا مستقبل البناء المغاربي. غير أن موقفها يختلف عن العداء الجزائري إلى حد كبير، أقله أنها تدعم جهود الأمم المتحدة، ولم تتنكر لالتزاماتها في التعاون مع الأمم المتحدة.
في ثنايا هذا الملف، يبرز الموقف الليبي الذي يجسد الاستثناء، وعلى عهد قيادة العقيد الراحل معمر القذافي الذي لم يكن يخفي أنه فتح خزائن أسلحته أمام جبهة بوليساريو، لم تلجأ طرابلس إلى الاعتراف بهذا الكيان الوهمي، لذلك لم تجد أي صعوبة أو تناقض في العودة إلى موقف التفهم، وبالذات يوم أقرت حظر تزويد بوليساريو بالسلاح والدعم الديبلوماسي. وبدت أكثر انسجاما مع طروحات وحدوية،بصرف النظر عن خلفياتها وانكساراتها.بل إنها من الناحية المبدئية كانت تتوق لأن يكون تأسيس «الاتحاد الإفريقي» بديلا عن منظمة الوحدة الإفريقية فرصة سانحة للتخلص من تركة الاعتراف بذلك الكيان الوهمي، لكنها تعرضت للضغوط.
عقدة الاعتراف الجزائري قيدت تحركاتها، وجعلتها تقف عارية أمام الحقائق، ليس أقلها انهيار أطروحة ما تصفه بالدفاع عن تقرير المصير، على اعتبار أن من يدافع حقا عن قضية مبدئية لا يمكن أن ينوب عن المعنيين مباشرة بتقرير المصير،أي السكان الصحراويين. هذا هو العبث بعينه، ليس لكون الجزائر سبقت إرادة السكان فحسب، ولكن لأنها في الجوهر لا تعترف بوجودهم، أقله أنهم يمثلون حصان طروادة الذي تختبئ وراءه لتمرير أطماعها في الهيمنة على المنطقة.
طالما أن الجزائر استطابت موقفا متناقضا بهذا الحجم من الثغرات القانونية والسياسية والأخلاقية والمبدئية، فما المانع لأن تدفع بالاتحاد الإفريقي لتبني طرح مماثل، بل ما المانع بالنسبة لبعض الأطراف الإفريقية أن تحذو نفس الحذو!
ظلت الدول الإفريقية تجاهر بأن بعض دول الشمال الإفريقي ترغب في إغراق الساحة الإفريقية بمشاكلها وخلافاتها، وفي الوقت الذي ترك المغرب للدول الإفريقية استيعاب الدرس جيدا، لم تفتأ الجزائر تحاول الزج بالدول الإفريقية في المستنقع الذي تردت فيه، كي لا تبقى وحدها تعاني من التناقض المحرج.
هذه في أقل تقدير بعض خلفيات الطبعة الجديدة للمناورات الجزائرية التي تعمد إلى جذب دول إفريقية إلى معترك الخصم، ومنذ اختيار الوزير رمطان العمامرة لتولي رئاسة الديبلوماسية الجزائرية ستحاول معاودة العزف على الطابع الإفريقي للنزاع. فقد تأتى لها من خلال القرار الذي كانت صدقت عليه القمة الإفريقية التي استضافتها الجزائر أن ترفع العصا باسم الاتحاد الإفريقي في وجه بعض الدول التي عرفت صراعات على السلطة، كما موريتانيا ومصر. ولم يكن مفاجئا أن تبدأ في محاولة نسج علاقات على قدر العرض والطلب في هذا الاتجاه.
في رجع الصدى أن المستهدف ليس المغرب وحده، وإنما الأمم المتحدة، وبعد أن أحكمت القرارات الدولية الطوق على عنق الجزائر، وتحديدا من خلال تجديد دعوة المجتمع الدولي لها لتسهيل عملية إحصاء السكان المقيمين قسرا على أراض واقعة تحت نفوذها في تيندوف جنوب شرقي البلاد، تسعى السلطات الجزائرية لتحويل اتجاه الضغوط الدولية. ينضاف إلى ذلك أنها ترغب في تعميق المـأزق الراهن، بهدف التنصل من كل المسؤوليات الواقعة على عاتقها، كونها الطرف الذي يعرقل جهود الأمم المتحدة. ومن أجل ألا تبدو وحدها في الصورة حركت بعض الأطراف الإفريقية المناهضة للحضور المغربي القوي في إفريقيا، في محاولة لخلق واقع سياسي جديد. علما أن تعاطي الأمم المتحدة وملف الصحراء ينزع عن باقي المنظمات الإقليمية مبررات التدخل، إلا في نطاق دعم الخيار الذي ترعاه، أي البحث في حل سياسي للتوتر القائم. 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 38 مشاهدة
نشرت فى 6 يوليو 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

279,941