http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

 

 

 

محمد الأشهب

 

كاتب و صحفي

 

على مشارف القمة الأفرو-أمريكية

 

لا تكمن أهمية مؤتمر مالابو للاتحاد الإفريقي في ما صدر عنه من قرارات، فقد دلت الوقائع على أن الدول الإفريقية، بسبب أزماتها ومشاكلها، غير قادرة على مواجهة التهديدات الأمنية والتحديات الاقتصادية، من دون معاودة إحياء روح التضامن، وإقرار استراتيجية شاملة للنهوض بأوضاعها المختلفة.
  لكنها تكمن في أنه آخر لقاء إفريقي على مستوى القمة، باستثناء الوضع الشاذ لكيان بوليساريو المخالف للقانون والشرعية الإفريقية، يلتئم في عاصمة غينيا الاستوائية، قبل انعقاد القمة الأمريكية – الإفريقية المقررة الشهر القادم في واشنطن. لذلك اهتمت الدول الإفريقية برفع سقف التحديات عاليا، وبالذات ما يطال الحرب على الإرهاب والانفلات الأمني وغياب الاستقرار. وهي الملفات التي تنشغل بها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكثر من أي شيء آخر، كونها ليست موضع خلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين، على عكس القضايا التي تتطلب تدخلات عسكرية مباشرة، من المستبعد أن تذعن لها الإدارة الأمريكية الحالية، إلا في حالات القصف عن بعد.
القمة الإفريقية – الأمريكية لن تكون في صورة القمة الفرنسية – الإفريقية التي اكتست طابع الحوار، مثل أي منتدى للجدل وتبادل وجهات النظر، فالأمريكيون معنيون بوضع أقدامهم في الساحة الإفريقية في نطاق توازنات استراتيجية أكبر من حوارات المنتديات السياسية. إنهم قلقون لتزايد النفوذ الصيني ويضعون في الاعتبار يقظة المارد الروسي الذي شرع في التوسع أوروبيا، ولن يغفل ميدان نفوذه الإديولوجي سابقا في إفريقيا، إبان فترات الحرب الباردة. استمال المصريين الذين يهتمون بتأمين حضور فعال لدبلوماسية بلادهم في إفريقيا، وهو يتطلع إلى تطوير مجالات شراكات جديدة مع المغرب الحليف المركزي للولايات المتحدة الأمريكية في الشمال الإفريقي. عدا أنه مطمئن لطبيعة العلاقات التي تربطه بالجزائر، حيث الغاز والتلهف على اقتناء الأسلحة.
  لهذه الاعتبارات وغيرها لن تكون قمة واشنطن نسخة مكررة للقمة الإفريقية – الفرنسية أو للحوار العربي – الإفريقي الذي لم يحرز تقدما كبيرا أمام انكفاء العالم العربي على مشاكله الخاصة. وستتجاوز منتديات الحوار بين إفريقيا وبلدان أمريكا اللاتينية. ولعل اختيار الأمريكيين السير في هذا الاتجاه يفيد - إن كان الأمر يقتصر على الأذرع الأمنية والعسكرية مثل قوات «أفريكوم» ومجالات التعاون داخل حلف الناتو، أو بين أجهزة الاستخبارات المختلفة - بأن حسابات استراتيجية وضعت في الاعتبار.
  سبقهم الأوروبيون يوم تداعوا والأفارقة إلى أكثر من قمة إفريقية – أوروبية، إلا أن حجم التحديات ليس واحدا، فالأوروبيون اهتموا أكثر بتطويق مخاطر تنامي الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والتطرف والإرهاب. ولم يشفع لهم ذلك في أن حجم هذه الظواهر زاد عن المألوف، بالنظر إلى تداعيات الأزمة الليبية التي أغرقت سواحل البحر الأبيض المتوسط بقوارب الموت، هربا من اللاستقرار في ليبيا وجوارها الأقرب، لكن رؤية الأمريكيين تتجاوز حجم هذه المعضلات التي تحدث في قارة بعيدة عن حدودها، نحو البحث في توازنات جديدة. كانت في البداية تشمل منظومة ما يعرف بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، وصارت اليوم في اتجاه آخر نحو تطويق هذه المنظومة شمالا في اتجاه آسيا التي يخصونها باهتمام أكبر، وجنوبا عبر إفريقيا التي أصبحت جزءا في استراتيجية شاملة.
لم يشارك المغرب في القمة الإفريقية التي استضافتها غينيا الاستوائية لأسباب مبدئية تتعلق برفض وجود كيان وهمي في عضوية الاتحاد الإفريقي، لكن علاقاته والأسرة الإفريقية تعززت في اتجاهات متعددة الأطراف والمشارف. تماما كما أن علاقاته والولايات المتحدة الأمريكية تعرف تطورا ملحوظا، ما يجعله مؤهلا لأن يقوم بدور متميز في الحوار الأمريكي – الإفريقي. استنادا إلى رصيده وتجربته ورؤيته. نتذكر في هذا الصدد كيف أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تمنى على الرباط الاضطلاع بدور أكبر في حلحلة الأوضاع في منطقة الساحل جنوب الصحراء، ولم يكتف بذلك بل ربطه بتحولات مماثلة على صعيد أزمة الشرق الأوسط والوضع في سوريا، إضافة إلى تعميق الخيار الديمقراطي.
  كي نفهم دلالات التسابق الإقليمي حول إيجاد موطئ قدم على بوابة أزمة مالي والوضع في الساحل، يتعين الالتفات إلى هذه الأجندة الاستراتيجية، و ليس صدفة أن الدخول على خط أزمة مالي يترافق وتزايد خلافات إقليمية في منطقة الشمال الإفريقي. فالمسألة أكبر من مجرد البحث عن مواقع نفوذ. إنها تتعلق بتقديم تصورات لا تخلو من هاجس «الزعامة» في الشمال الإفريقي. ودور الدبلوماسية المغربية أن تعي جيدا هذه التطورات، بحكم انعكاساتها على باقي القضايا. ما يطرح السؤال حول كيفية بلورة تصورات جديدة ومقنعة، تجعل من الحوار الإفريقي – الأمريكي نقطة ضوء تشع على القارة الإفريقية برمتها وليس مركز سباق سياسي ظرفي، كما يحدث لدى البعض، ممن استفاق على اكتشاف أزمة الساحل جنوب الصحراء.

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 29 مشاهدة
نشرت فى 1 يوليو 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

281,529