http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

 

 

 

 

 

قضاء الحاجات بتركها

 

لا أحد كان يتصور أن تنتقل التماسيح عندنا بالمغرب من ذلك الاستعمال المجازي لدى رئيس الحكومة، إلى الحقيقة الواقعية التي تستدعي مراسلة مندوبية الصيد للدرك البحري والوقاية المدنية ومختلف الأجهزة الأمنية من أجل البحث عنها بسرعة قبل أن تأكل أطفالنا الذين يسبحون على ضفاف نهر أبي رقراق منذ دخول الصيف.
والحقيقة أن خبر البحث عن تماسيح بنهر أبي رقراق، ليس حدثا طريفا بالمرة، وليس موضوعا بسيطا يمكن التغاضي عنه وتركه يمر مرور الكرام، ولا يمكن أن نقبل بأن يعاد التمساح الضائع إلى صاحبه، كما تروج لذلك بعض الأخبار، وكأن الأمر يتعلق «بفروج تالف لمولاتو»، فوجود تماسيح في أنهارنا يوجب زجر من تسبب في استيرادها، وهو مؤشر على خلل خطير في نظامنا الجمركي وتقصير كبير في حماية مياهنا، ويمكن أن يكشف عن وجود حالات من الاتجار السري غير المشروع في هذا النوع من الحيوانات المهددة بالانقراض، مثلما يقع في مصر ولبنان وعدة دول أخرى التي نتقاسم معها نفس درجات الفساد، وقد يكشف على الأقل تقصيرا في السماح بدخول هذا الصنف من الحيوانات المتوحشة إلى المغرب، في خرق واضح لاتفاقية «سايتس» التي يعتبر المغرب إحدى الدول الموقعة عليها، وملتزما بتطبيقها.
فدخول التماسيح وغيرها من الحيوانات المهددة بالانقراض إلى تراب أي دولة يستوجب إذنا خاصا تصدره السلطة الإدارية للبلد بعد أخذ رأي السلطة العلمية التي تشير في تقريرها إلى أن هدف عملية الاستيراد سيكون لأغراض لا تضر ببقاء النوع.
لذلك فإن اتفاقية «سايتس» وضعت إطارا مؤسساتيا لمراقبة انتقال هذا النوع من الحيوانات، تتداخل فيه مسؤوليات الجمارك والشرطة والدرك والعدل والقطاعات المكلفة بالبيئة والمياه والغابات، ومن شأنه أن يؤدي إلى تدخل منظمات دولية للبحث في الموضوع، مثل الأنتربول والمركز العالمي لرصد جهود حماية الحياة الفطرية التابع للأمم المتحدة، ومنظمة الجمارك العالمية، ولجنة حماية الأنواع التابعة للاتحاد العالمي للطبيعة، وبرنامج مراقبة التجارة الدولية المشترك بين الاتحاد العالمي والصندوق العالمي لصون الطبيعة، «ماشي غير أجي وربي التماسيح».
كما أن القانون 05-29 المتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها الصادر سنة 2011 يوجب على كل من يملك لغرض شخصي عينة حية من الحيوانات المتوحشة أن يتوفر على شهادة ملكية تصدرها الإدارة لهذا الغرض وتكون شهادة الملكية إسمية ولا يمكن نقلها، غير أن هذا القانون بقي حبرا على ورق نظرا لغياب المرسوم التطبيقي المتعلق به.
وبذلك فإذا كان لتمساح أبي رقراق من فضل يشكر عليه، فإنه يتمثل في كونه عجل بإخراج الحكومة لمشروع المرسوم رقم 2.12.484 الذي أعدته المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، والذي يهم تطبيق القانون رقم 29.05 الصادر منذ 2 يوليوز 2011 والمتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها، فقد تعودنا في المغرب على إخراج القوانين المتقدمة وتركها بدون مراسيم تطبيقية إلى أن تأكلها الأرضة أو يعلوها الغبار فتسقط بالإعفاء لعدم الاستعمال، مثل ما وقع مع قانون محاربة التدخين والأمثلة في ذلك كثيرة، وربما لهذا السبب فإنه ما أن أثيرت قضية تمساح أبي رقراق حتى سمعنا بأن حكومتنا الموقرة سارعت إلى طرح المرسوم المذكور للتداول في المجلس الحكومي، لأنها شعرت بالفراغ التشريعي الذي تتحمل مسؤوليته.
وإذا كانت السلطات المغربية ساكتة بشأن وجود أو عدم وجود تماسيح في نهر أبي رقراق، فإن هذا الصمت لا يمكن تفسيره إلا على كونه تأكيدا للخبر، ما دام المفروض في أية حكومة تحترم الرأي العام، أن يخرج علينا الناطق الرسمي باسمها ليقول لنا هل فعلا تسربت التماسيح إلى مياهنا ومن هو المسؤول عن تلك الجريمة وكم عددها حتى نأخذ احتياطاتنا،  أو أن يطمئننا بكون الأمر لا يعدو أن يكون شائعة، غير أن إخراج  حكومتنا الموقرة لمرسوم المندوبية السامية للمياه والغابات من رفوف الأمانة العامة في هذا الوقت يجعلنا نعتقد بصحة الخبر، وبأن الحكومة تعرف أشياء لا تريد الإفصاح عنها للشعب.
فإذا كانت الحكومة حائرة مع كلاب البيتبول، لدرجة أنها أصدرت قانون من أجل منع استيرادها أو تربيتها تحت عنوان «وقاية الأشخاص وحمايتهم من خطر الكلاب» الصادر في 27 يوليوز 2013، فكيف سيكون موقفها وقد استبدل البعض عندنا هواية تربية كلاب بهواية تربية التماسيح، علما أن الوجبة اليومية للتمساح الواحد من اللحم تساوي وجبة غداء لعشر أسر متوسطة الحال، هذا مع الإشارة إلى أن قانون حمايتنا من خطر الكلاب نفسه لا يزال في حاجة إلى نص تنظيمي يحدد لائحة أصناف الكلاب الخطيرة المحظور تربيتها أو استيرادها، ومن المرجح أننا لن نسمع بصدور هذا النص التنظيمي إلا إذا وقعت كارثة تستدعي ذلك.
فحكومتنا الموقرة تعمل المثل الشائع «كم حاجة قضيناها بتركها».

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 40 مشاهدة
نشرت فى 1 يوليو 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

280,995