http://kenanaonline.com/AAC-ES-SMARA

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

 

فلاش بريس

 

 

  إقبال إلهامي

 

كاتبة و صحفية

 

من يحاسب من؟ 

 

في الوقت الذي تسلم فيه المواطنون فواتير الماء والكهرباء مشفعة بالزيادات الجديدة حتى قبل حلول موعدها الذي حددته الحكومة في عيد الفطر المقبل، تسلم المدير العام للمكتب الوطني للماء والكهرباء علي الفاسي الفهري بريمات جديدة له قيمتها أربعون مليون سنتيم. وهو ما يعني أن كل اللغط السياسي والإعلامي الدائر حول الوضعية المالية المقلقة للمكتب والثقب المالي الكبير الذي حدا بالحكومة للتدخل لإنقاذ المؤسسة من الإفلاس لم يصل صداه إلى الفاسي الفهري. وقد اختار الإجابة على الحملة الشعبية المطالبة برأسه على طريقته الخاصة، بصرف علاوات استثنائية له وللمدراء العاملين معه، وكأنه يقول لكل المنتقدين لسياسته والمطالبين بمحاسبته أنه فوق أي مساءلة وأنه يستطيع في ذروة انتقادات الحكومة والبرلمانيين والرأي العام له أن يمتع نفسه وموظفيه بعلاوات بالملايين. و»سيرو شربو من البحر». 
والواقع أن ما فعله الفاسي الفهري لا يمكن اعتباره نشازا لأنه ينسجم مع السياسة المتبعة في المكتب، والتي أوصلته لحافة الإفلاس بعجز مالي قيمته خمسة وأربعون مليار درهم سيتكلف المواطنون بتغطية جزء منه حددته الحكومة في ثلاثين بالمائة، وهو ما يناهز أربعة عشر مليار درهم على أن تساهم الدولة بالسبعين في المائة المتبقية. 
وفي حين كان ينتظر أن يسن المكتب سياسة تقشفية تأخذ في الاعتبار الظروف المالية الدقيقة للبلد ولو من باب التضامن مع المواطنين الذين سيدفعون من جيوبهم ضريبة اختلالات مالية لا يد لهم فيها، نرى كيف يقرر المدير تعويضات مالية سخية خارج الزمن السياسي والمحاسباتي. والأنكى أن تأتي التعويضات في وقت ربطت فيه الحكومة برنامجها لإنقاذ المؤسسة بالحكامة الجيدة بعدما أدى سوء التسيير إلى تآكل رأس مال المكتب وارتفاع مديونيته. 
لكن كل تلك الأجراس لم تنذر الإدارة الوصية التي عوض أن تتحمل مسؤوليتها، غرفت من رأس المال المنهك تعويضات لا يفهم سببها ولا توقيتها. ولو كان المكتب حقق نتائج باهرة وأعفى المواطنين من سداد ديونه، لكان أمكن تفهم ما أقدم عليه. أما أن تمنح تعويضات بالملايين لمن لا يحتاجها في الأصل مقابل إنهاك جيوب المواطنين فهو ما لا يستقيم لا مع الحكامة ولا مع حسن التدبير.
مدير المكتب الوطني للماء والكهرباء ليس استثناء فهو لا يفعل غير «تطبيق القانون» الذي يسري على زملائه من المدراء الكبار الذين لا يقترب منهم رئيس الحكومة رغم أن الأجور التي يتقاضونها تفوق مائة مرة ما يتقاضاه موظف من الدرجات الدنيا كما أنها تتجاوز راتب بن كيران نفسه بأضعاف مضاعفة. وهذه الكتلة من الأجور والتعويضات السمينة هي التي يجب ترشيدها وليس الأجور الهزيلة التي يتقاضاها موظفو الطبقة المتوسطة الذين غنموا مع هبوب الربيع العربي زيادة متوسطها 600 درهم من الوزير الأول السابق عباس الفاسي أخذتها منهم هذه الحكومة بعدما زادت في الأسعار وحررت نسبة المحروقات ورفعت من تسعيرة الماء والكهرباء.
من المحزن أن نرى كيف يمكن لمسؤول كبير أن يأخذ الملايين بتوقيع واحد منه، فيما مغاربة كثر لا يجدون ما يسدون به رمقهم. ومثال تلك العجوز الضريرة التي نشرت «الأخبار» قصتها ليس ببعيد، فهي تتقاضى معاشا شهريا قدره 176 درهم وهو ما يدفعه كبار القوم «بوربوار» بعد تناولهم وجبة طعام في مطعم فاخر. وبين أربعين مليون سنتيم كتعويض و 176 درهم كمعاش شهري اختصار للمغرب بطبقاته الدنيا والعليا. وما يدعو للدهشة والاستغراب أن هذه الرواتب والتعويضات السمينة تصرف في قطاعات مفلسة لا تنتج غير مظاهر البذخ والترف الذي يعيش فيها كبار موظفيها. لذلك فمن غير المقبول أن تتحدث الدولة والحكومة عن محور الفوارق وفي الوقت ذاته تكرس سياسة الفوارق في الأجور، حيث تفصل سنوات ضوئية بين الحد الأدنى الذي لا ينفذ وبين رواتب وامتيازات تصل أحيانا إلى نصف مليون درهم شهريا يصعب على الفقراء وحتى بعض متوسطي الدخل أن يحسبوها بالأرقام. 
في النهاية فضلت تلك العجوز التي خانها البصر وأقعدها الزمن التبرع بتقاعدها لرئيس الحكومة واحتسبته صدقة جارية. رافضة أن يحسب عليها معاش لا يغني ولا يسمن من جوع . لكن هل وصلت رسالتها ؟ وأي عذر للذين يجادلون في أسباب استمرار سياسة الفوارق التي تزيد الغني امتيازا وتزيد الفقير بؤسا وإجحافا.

 

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 55 مشاهدة
نشرت فى 12 يونيو 2014 بواسطة AAC-ES-SMARA

ساحة النقاش

الفرع المحلي للجمعية الوطنية لقدماء المحاربين بالسمارة

AAC-ES-SMARA
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

280,055