فلاش بريس
طريق الاستثمار
هل كان من اللازم لمعاذ الحمداوي، ابن المهندس محمد الحمداوي رئيس حركة «التوحيد والإصلاح» الحالي، أن يجـــري تدريبه في أحد البنوك بتلك الطريقة التي أسالت مداد العديد من التعليقات الصحفية، وبحت لها حناجر المعطلين أمـــــــام البرلمــان الذين سخر منهم بنكيران بتسميتهم «المنتحرين من أجل الوظيفة»؟
وهل كان من الضروري أن يتغيب الشاب معاذ عن عمله بسبب المرض المزعوم، حتى يضطر وزير الاتصــــال والناطق الرسمي باسم الحكومة، للتدخل لفائدته لدى مدير البنك من أجل استكمال فترة تدريبه؟
وهل كان من الضروري أصلا اختلاق كل تلك الضجة وخوض حروب البلاغات والبيانات لتبرير ذلك التدخل، كما لـــــو أن مصير السيد معاذ كان متوقفا على تدريب مؤقت، وأنه سيضيع مستقبله بدونه ويصبح عاطلا، حاشى لله، عن العمل وعالـــة على أهله، وهو الذي يمتلك شركة تحت اسم «Invest Road» بلغة «الفرنجة»، أي «طريق الاستثمار» بلغة القرآن، والمسجلة بــالرباط كشركة ذات المسؤولية المحدودة بشريك وحيد تحت عدد 95181 منذ تاريخ 06/02/2013، والمتخصصة فـــي الاستشـــارة في التسيير والاستيراد والتصدير، فضلا عن أن زوجته السيدة كوثر الشـــــريع خريجة جامعة الأخوين بـــإفران، كانت قد «ضبرت» لنفسها على منصب مستشارة لدى السيد رئيس الحكومة.
فقد كان يكفي السيد معاذ أن يهتم بمشروعه الاستثماري الواعد، ويبحث عن فرص استثمارية مجزية في عالم التجـارة الفسيح، خدمة للاقتصاد الوطني وتشغيلا لإخوته العاطلين، إخوته في الله طبعا، في انتظار إقرار البنوك التشاركية التي يهيــــئ لها قياديو العدالة والتنمية فلذات أكبادهم منذ مدة، بأكبر المدارس والمعاهد الوطنية والدولية ويدربونهم عليها، بانتظار «تبليصهـــم» على رأسها بمجرد فتح أبوابها.
وهكذا فبدل أن يزاحم ابن الحمداوي أبناء الشعب على مناصب مؤقتة داخل البنوك الربوية، كان من الممكن أن يعـــــــــفي نفسه وحزبه من الحرج، وبدل من أن يتدخل السيد الخلفي بتلك الطريقة التي تنطوي على فساد لم يستطع حتى رئيــــس الحكومـــة أن ينكره، كان بإمكانه أن يعطف على معاذ المتخرج من معهد إدارة المقاولات بنيس الفرنسية والجامعة الدولية بالرباط، بطــــــريقة أكثر نخوة عبر تعيينه في ديوانه، مثلما فعل بنكيران مع زوجة الشاب معاذ، السيدة كوثر الشريع. أو مثلما فعل مع صديقـه جامع المعتصم الذي فضل الجمع بين رئاسة الديوان وعضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وتخلى عن رئاســــــة مقاطعة تابريكت ومن مجلس مدينة سلا، التي لم تجلب له إلا المشاكل والحبس، وقد كنا بالمناسبة الوحيدين بين الصحافيين الذين دافعوا عنه وطالبوا بإطلاق سراحه.
أو كما فعل الرميد عندما «ضبر» على زوجة حامي الدين في ديوانه، أو نجيب بوليف عندما كان في وزارة الحكامـــــة مع سارة بوخبزة ابنة صديقه الأمين بوخبزة القيادي الشهير بتطوان، الذي حكم القضاء بالحبس موقوف التنفيذ ضد زوجته، بتهمة إصدار شيك بدون رصيد، وهي خريجة جامعة «بانطيون» بباريس ومدرسة الاستثمار بروان بفرنسا والمعهد العالي للتجـارة والاقتصاد بالدار البيضاء.
أو كما فعل الشوباني مع أحمد أكنتيف زوج البرلمانية آمنة ماء العينين، الذي جاءت به من تيزنيت التي كان فيها فائضـا، قبل أن يكتشف مواهبه الخفية في قرصنة الحسابات الفيسبوكية ويبدأ بزوجته، ويعتبر ذلك شأنا عائليا لا حق لأحد في أن يخوض فيه.
أو كما فعلت بسيمة الحقاوي مع أخواتها في «الحركة»، ومنهن زوجة مصطفى الخلفي السيدة فاطمة الزهراء باحمــــــــاد، التي التحقت بالحقاوي في ديوان الوزارة، والممنوعة من دخول الولايات المتحدة الأمريكية للأسباب التي يعرفها زوجها الوزير جيدا.
أو ما فعل الرباح مع مصطفى بابا الذي تقاضى ثمن مغادرته لشركة «ريضال»، بعدما قدم ملفا طبيا يثبت عجزه التام عـن العمل، قبل أن يظهر سالما معافى في ديوان وزير النقل والتجهيز، مكلفا بكتابة بيانات الحقيقة وشتم شخــــــصي فــــي الـفـيـسـبـــــوك،
واللائحة طويلة..
وبما أن طريق معاذ نحو الاستثمار أصبح سالكا بوصول عمه بنكيران إلى رئاسة الحكومة، وبعطف عمه الخلفي عليه الزائد عن الحد، فلا بأس من التعريف بشركة «إنفست روض» التي يسيرها والتي تحتضنها مطبعة «طوب بريس» بزنقة كالكوتا بالرباط المحيط.
فالشاب معاذ الذي تخرج من المدرسة الوطنية للتجارة والتدبير بطنجة، ثم انتقل إلى معهد تسـيـيـر المقــاولات بـمـديـنــــــة نيس الفرنسية، لم يجد صعوبة في العثور على مقر جاهز من «مجاميعو» لشركته التي وطنها عند مطبعـــــــة «TOP PRESS»، التي لا يزال «العـــــــــم» بنكيران مسجلا في سجلاتها رسميا كمسير لها لحد الآن، ذات السجل التجاري عدد 49221 والمسجلة كشركة للاستيراد والتصدير ومطبعة منذ 08/05/1998، وهي الشركة ذاتها التي تطبع للكتاب الموالين لحركة التوحيد والإصلاح وقيادييها، من أمثال الريسوني وبلال التليدي وجميلة المصلي، وهو نفسه العنوان الذي يضم شركة «CAP.2E PRIVEE»، ذات السجل التجاري عدد 100795 التي أسسها الوالد محمد حمداوي مؤخرا بتاريخ 17 /12 /2013، والمتخصصة في الإنعاش العقاري، مما يعني أن زنقة كالكوتا تحتضن عشا لمجموعة من المشاريع الاقتصادية قاسمها المشترك وحدة الانتماء الســــياسي والمذهبي لأصحابها.
وقد كشفت لائحة المستفيدين من دعم طبع ونشر الكتب والمؤلفات التي نشرتها وزارة الثقافة بموقعها الإلكتروني، عن وجـــــود أسماء برلمانيين وقياديين بحزب العدالة والتنمية، ضمن المستفيدين من دعم الدولة إلى جانب كتاب ومؤلفين آخرين٠
وأبانت نتائج دراسة الملفات المرشحة لدعم المشاريع الثقافية والفنية، الدورة الأولى 2014، في مجال النشر والكتـــــاب، وجود اسم محمد يتيم، وهو برلماني نائب رئيس مجلس النواب، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وزعيــــم ذراعه النقابية الاتحاد الوطني للشغل.
كما استفادت من أموال وزارة الثقافة، جميلة المصلي، وهي برلمانية وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنميــــــــة، وتشغل منصب أمينة مجلس النواب.
واستفاد بلال التليدي، القيادي بحركة التوحيد والإصلاح، بدعم لطبع ونشر كتابـــــــــه «مراجعات الحركة الإسلامية المغربية»، وبدوره استفاد زميله أمحمد طلابي، عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصــــــــــلاح من مبلغ 20 ألف درهم لتمويل مجلة «الفرقان» التي يصدرها.
وإذا نحن عمقنا البحث قليلا، فسنجد أن ذلك العنوان هو نفسه عنوان الشركة المدنية المسماة «التوفيق»، كما أنه عنوان المـقر العام لحركة التوحيد والإصلاح، مما يعني أن خلطة الاقتصاد بالسلطة ليست وصفة مخزنية خالصة، وأن الإخــــــــوان في العدالة والتنمية تبنوا نفس الطرح، الذي عارضه عيوش والشعبي وكريم التازي في الماضي القريب.
ففي الوقت الذي يموت فيه أبناء الشعب المغربي في ساحات الوغى الجامعية، ويستثمر موتهم سياسيا لفائـــدة هـــذا التـــــــوجه السياسي أو ذاك، يتابع أبناء القيادات الحزبية بمختلف تلاوينهـــم دراساتهم جنبا إلى جنب في أرقى الجامعات والمعاهد العليا من أمثال سارة بوخبزة بنت الأمين أو معاذ الحمداوي وغيرهم، وإذا هم احتاجوا إلى فترة تدريب في مؤسسة ما، فقد يتدخــل الناطق الرسمي باسم الحكومة شخصيا من أجل تمكينهم من تدريب لصقل مواهبهم وخبراتهم الاستثمارية، ثم يمكنون من شـــــركــــــات ليشتغلوا بها في حضن آبائهم وفي كنفهم، وإذا حدث وضبط فلذات أكبادهم يغشون في الامتحان، فيمكن أن يتدخل لفائدتهـم وزير التعليم نفسه لتجنيبهم المثول أمام المجلس التأديبي، مثلما حدث مع ابنة النائبة الاستقلالية كنــــــزة الغالي بكلية الشريعة بفاس، والعهدة على الوزير الوفا فيما حكاه عن الواقعة.
ولذلك اضطر خالد الناصري، الذي اتهم سعيد السعدي بقلة الترابي، عندما كان وزيرا للاتصال، إلى أن يحضر شخصـــــــــيا أمام البرلمان لتهريب ابنه، الذي لديه فائض في «الترابي»، من قبضة البوليس.
وقبله اضطر الراحل عبد المجيد بنجلون إلى أن يتدخل لابنته التي دهست شرطية مرور، وبعدها دهست ابنة المحجـــــــــــوب بن الصديق عمالها بواسطة سيارة «الجاكوار»، خوفا على كلبها «كـيـكــي» من الاختطاف، دون أن ننسى حادثة السير المميتة التي تسبب فيها ابن الوزير العنصر لعامل نظافة بسيط، واللائحة طويلة..
لذلك فمن أراد أن يستثمر لآخرته بدل دنياه، وجب عليه أن يتذكر جيدا ويتفكر في قوله سبحانه وتعالــــى «يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم، وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم. إنما أموالكم وأولادكم فتنـــــة والله عنده أجر عظيم»، صدق الله العظيم.
ساحة النقاش