العصيدة والعصيد – بقلم محمد السباعي ( مراكش )

     يعتبر المطبخ المغربي من أغنى وأرقى مطابخ العالم، وهو غني بصنوف وألوان من المطاعم جعلته يحتل المراتب المتقدمة في مطابخ العالم.

     وقد عرفت البادية المغربية لونا من الطعام يسد رمق الضعفاء ممن يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف. إنه العصيدة وهي تؤخذ من دقيق الشعير أو الدرة، ولنساء البادية خبرة ومهارة في إعدادها، وتؤكل مصحوبة بالزيت أو السمن مع اللبن، وقد ذكرها اليوسي في محاضراته وعدّد فوائدها.

     وأما العصيد فهو نبات شوكي ينمو في المستنقعات والمزابل، وأصله من خيبر وقد أخذه يهودها عندما أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الجزيرة العربية لمكرهم وتآمرهم على دولة الإسلام الفتية.

     و من عجائب وغرائب هذا النبات أن أشواكه حادة وسامة، وليست له رائحة، إلاّ أنه عندما يقترب منه عطر  زكي من مسك وما شبهه تنبعث منه فجأة رائحة نـتـنـة عـفـنة تشبه رائحة الجيف.

     وقد حذّر منه الأنطاكي في مفرداته الطبية وقال إنه يرفع الضغط ويتسبب في الإصابة بالسكري والجذام والسرطان ولقرينة الكحلة، ويعجل في الفقسة، وينصح بالابتعاد عنه.

     ون عجائبه كذلك أن كتب اللغة العربية من المعاجم والقواميس، تحاشت ذكره وكأنها تخشى على متونها من العفن، مع أن ابن مسحل في غرائب اللغة ذكر أنه هو المقصود بالزبد في قوله تعالى : أمّــا الزبد فيذهب جفاء وأمّــا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض – ومن حسن حظ المغرب أن هذا النبات الشوكي الخطير يقل وجوده في ربوعه، وإذا تصادف و وجد  منه  نزر يسير فإن الجهات المكلفة بالمحافظة على البيئة وتنقيتها من السموم المضرة بالصحة، تتصدى له فتجتث جذوره، وتستأصل شافته وتقطع دابره، ولله الأمر من قبل من بعد.