إنفجار بيروت يعصف بـ"لبنانية" البعض
<!--<!--
الأربعاء ٠٥ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٥:٠٦ بتوقيت غرينتش
الكارثة الكبرى التي حلت بلبنان الثلاثاء الرابع من شهر اب/ اغسطس، كانت ستتحول الى قوة استقطاب كبرى بين رؤساء وقادة الأحزاب والتنظيمات والحركات ومنظمات المجتمع المدني في أي بلد غير لبنان، لتجمعهم على كلمة سواء من أجل الخروج بأقل الخسائر الممكنة، فحجم الكارثة تهدد البلد بأكمله وتعرض سلمه المجتمعي للخطر.
ما شاهدناه وسمعناه من الأمس حتى اليوم، من تصريحات ومواقف، لزعماء وقادة أحزاب لبنانيين وسياسيين ورؤساء ومدراء فضائيات وصحف ومواقع إلكترونية إزاء الإنفجار الكارثي الذي شهده مرفأ بيروت، تصيب الإنسان بالدوار وحتى الغثيان، لاستخدامها الكارثة لتحقيق أهداف سياسية لقوى إقليمية،لا ناقة للبنان فيها ولا جملا، دون الإكتراث لتداعيات هذه المواقف والتصريحات على الداخل اللبناني الذي هو بأمس الحاجة لخطاب وطني توحيدي يخفف من أعباء الكارثة ويقلل من وقعها.
المراقب للمشهد السياسي اللبناني يتفهم جيدا عبث الإعلام السعودي في لبنان وعدم اكتراثه لما يجري وما سيجري مادام هدفه الأول والأخير هو هدف الكيان الإسرائيلي، أي نزع سلاح المقاومة حتى لو انتهى بخراب لبنان، فالأرض ليست أرضهم والأرواح التي تزهق ليست أرواحهم والأمن الذي سيرحل ليس أمنهم والمساكن التي ستهدم ليست مساكنهم، ولكن ما لا يتفهمه هذا المراقب هو أن تدفع جهات لبنانية الأوضاع في البلد نحو الكارثة من دون أي شعور
وطني أو إنساني، فهنا هي الكارثة الكبرى.
المعروف عن السياسة السعودية بأنها سياسة ليس فيها لون آخر سوى الأبيض والأسود، فإما أن تكون معها وإمّا أن تسحق وتختفي من الخارطة السياسية، وهو ما نتلمسه من تصريحات السياسيين السعوديين وكذلك من أداء إعلامهم وصحافتهم، فهذه العقلية تتناقض كليا مع العقلية اللبنانية التي علمت العالم على كيفية العيش المشترك بين عشرات بل مئات الطوائف والقوميات والأعراق والمذاهب والأديان، دون أن تفكر طائفة بإلغاء طائفة أخرى مهما كانت الأسباب، ولكن السعودية التي عجزت عن ضرب اللحمة الوطنية اللبنانية على مستوى الشارع، انتقلت إلى شراء بعض الذمم الرخيصة المحسوبة على بعض الطوائف، لتنفيذ أجندتها، وهي أجندة صهيونية من الألف إلى الياء، وليس هناك من مراقب يمكن أن يميز ولو تمييزا صغيرا بين سياسة نتنياهو وسياسة ابن سلمان إزاء لبنان، فهي متطابقة حتى في أدق التفاصيل، ولا يمكننا أن نضع قائمة بأسماء هذه الشخصيات أو القنوات الفضائية أو الصحف أو المواقع الإلكترونية، التي بزت حتى أشرس أعداء لبنان من الصهاينة والسعوديين، في إثارة الشارع اللبناني وتحريض اللبنانييين على بعضهم البعض، لأنها قائمة ستطول، ولكن يمكن الإشارة إلى قناة "إم تي في" لصاحبها ميشال غابريال والمقرب جدا من السعودية، فهي التي تمول قناته التي تتنافس مع"العربية"و"الحدث"على نشر الفتن الطائفية في لبنان دون أي شعور بالمسؤولية، وطني كان أو إنساني، ويمكن للقارىء أن يقيس باقي القنوات والفضائيات والصحف والمجلات وأصحابها على "إم تي في" وصاحبها.
منذ اللحظات الأولى للإنفجار طالبت القناة، باستقالة رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، لانهما قريبان من حزب الله!!، وهي بالمناسبة مطالب سعودية وإسرائيلية وأمريكية بإمتياز، ومازالت هذه القناة تنعق كالغراب حتى هذه الساعة على خراب لبنان،دون أي وازع أخلاقي،بعد أن عمى صاحبها الدولار النفطي السعودي، فأنساه وطنه لبنان ولبنانيته، التي تمر بأخطر الظروف، فتقمص الدور السعودي الإسرائيلي، بطريقة يعجز عنها السعوديون والإسرائليون أنفسهم.
إنّ حال أمثال غابريال، من الذين ماتت ضمائرهم وليس بمقدور حتى إنفجار مرفأ بيروت أن يعيد إليها الحياة، رغم أنّ قوة الإنفجار كانت بقوة زلزال يصل الى 5/4 درجات على مقياس ريختر، فهذه الضمائر ماتت تحت ركام أطنان من الدولارت السعودية، لا ليقدموا خدمات للشعب اللبناني ولا حتى السعودية نفسها!!، بل لـ"إسرائيل" حصرا!!.
ساحة النقاش