<!--<!--
الخميس ٠٦ أغسطس ٢٠٢٠ - ٠٣:٠١ بتوقيت غرينتش
العالم - بقلم الكاتب والإعلامي حميد حلمي البغدادي
تلقى الرأي العام العالمي صدمة عنيفة للإنفجار الكبير الذي حصل مساء الثلاثاء 4/8/2020 في مرفأ بيروت وتسبب في استشهاد أكثر من 100 وإصابة أكثر من 5000 مواطن ومقيم إضافة إلى الأضرار المادية الجسيمة وما سيترتب عنها من تداعيات اقتصادية وأمنية واجتماعية لا يمكن حصرها الآن.
وقد سارعت طهران على مستوى كبار المسؤولين إلى الاتصال بالمسؤولين اللبنانيين واعلنوا لهم استعداد الجمهورية الإسلامية لتقديم مختلف المساعدات اللّازمة لاحتواء هذه الكارثة الأليمة والتضامن مع معاناة الشعب اللبناني الشقيق في مواجهة هذه المحنة العصيبة والخراب الناجم عنها.
واضح أنّ ما أصاب لبنان وعاصمتها الأصيلة بيروت قد أحزن المسلمين والعرب سيما وأنّ البلد يتعرض منذ سنوات لحصار اقتصادي وسياسي أميركي على خلفية تمسكه بخيار المقاومة بوجه التهديدات الصهيونية التي باتت تتصاعد في الآونة الأخيرة بعد هزيمة التيار التكفيري وعصابات داعش أمام ضربات المجاهدين اللبنانيين الذين وجهوا الردّ الحاسم إلى التحركات الاستكبارية المستعرة في الشرق الأوسط وحققوا توازن الرعب مع العدو الصهيوني ما جعله يفقد زمام أي مبادرة في هذه المنطقة بعد انتكاسته المدوية في حرب تموز عام 2006.
أنّ من الطبيعي أن تكون التحليلات متعددة في تفسير وقوع هذه الكارثة مع الإنحياز إلى الرأي القائل أنّ ما حصل في مرفأ بيروت كان بفعل فاعل وذلك إذا ما أخذنا بعين الحسبان تصريح رئيس الوزراء اللبناني الدكتور حسّان دياب بأنّ هذا الحادث الخطير لن يمر دون ملاحقة المسؤولين عنه وإنزال العقاب الصارم بهم.
وبصرف النظر عن الإجراءات التقنية والأمنية المطلوبة للكشف عن ملابسات هذا الإنفجار، فإنّ القول بأنّ ثمة دوافع تدميرية تقف وراءه، لايمكن التغاضي عنه ولاسيما أنّ لبنان كله يعيش منذ فترة على صفيح ساخن نتيجة للضغوط التي تمارسها السفارة الأميركية في بيروت بالتعاون مع عملائها من كبار السياسيين وصغارهم الذين مارسوا ابتزازا واضحا لاحتكار الدولار والقطع الأجنبي الآخر الأمر الذي تسبب في غلاء مفرط للمعيشة إلى جانب تكريس الإنفلات الاجتماعي في البلد رغم تفشي جائحة كورونا وتزايد أعداد الوفيات والإصابات في هذا البلد .
بصراحة إننا لا نجد حرجا في توجيه أصابع الإتهام إلى المثلث الأميركي ـ الإسرائيلي ـ السعودي الذي يصر على تجويع الشعب اللبناني، بالوقوف وراء هذه الجريمة النكراء التي حولت حياة اللبنانيين خلال ثوان إلى جحيم وهذا ما يقود إلى الإعتقاد بأن تفجير مرفأ بيروت عملية تمت وفق إيقاع بطيء استمر أكثر من 6 سنوات وكان مساء يوم 4 آب 2020 هو التوقيت المناسب لها.
في ضوء ذلك سيكون على لبنان أن يواجه خلال السنوات القادمة مشاكل متفاقمة وبلبلات سياسية وانهيارا اقتصاديا كاملا حتى يتسنى للتحالف الأميركي ـ الصهيوني ـ السعودي تطويعه خدمة للأجندات الاستكبارية وصفقة القرن ومشروع الشرق الأوسط الجديد.
لسنا على عجل فالأيام القليلة المقبلة ستميط اللثام عما خفي، بيد أننا واثقون تماما أنّ لبنان لن ينهار أمام هذه الكارثة ولا غيرها، فسيبقى أيقونة الصمود والمقاومة ولن تفت في عضده كثرة الزلازل والأزمات.
ساحة النقاش