ترامب يعلن الحرب على المحكمة الجنائية والأخيرة تتحداه
<!--<!--
السبت ١٣ يونيو ٢٠٢٠ - ٠٤:٣١ بتوقيت غرينتش
بعد هُجومه الشّرس على منظّمة الصحّة العالميّة ووقف الدّعم الماليّ الأمريكيّ السّنوي لها الذي يَصِل إلى نِصف مِليار دولار، ها هو الرئيس ترامب يُعلِن الحرب على المحكمة الجنائيّة الدوليّة، ويَفرِض عُقوبات اقتصاديّة على المدّعي العام الغامبيّة السيّدة فاتو بنسودة، وجميع أعضاء هيئتها القضائيّة في مُحاولةٍ لمنعها من مُلاحقة عسكريين أثناء خِدمتهم العسكريّة في إطار القوّات الأمريكيّة في أفغانستان.
العالم-الاميركيتان * صحيفة رأي اليوم
إنّه ابتزازٌ يَعكِس حالة “السّعار” التي يعيشها الرئيس الأمريكيّ حاليًّا، حيثُ تُحاصره الضّغوط والمُلاحقات الداخليّة والخارجيّة من جِهاتٍ عديدةٍ، الأمر الذي يجب أن يدفع المُجتمع الدوليّ للتوحّد في جبهةٍ واحدةٍ لمُواجهته ووضع حدٍّ لبلطجته التي خرَجت عن كُل الأعراف والقوانين الدوليّة.
الجُنود الأمريكيّون مارسوا أبشع أنواع القتل والتّعذيب للمدنيين في أفغانستان، وقصَفَت طائِراتهم، أعراسًا ومنازل العديد من المدنيين الأبرياء نتيجة معلومات قالوا لاحقًا إنّها خاطئة، ولا ننسى أنْ نُذَكِّر بجرائمهم في العِراق أثناء فترة الإحتِلال، وخاصّةً جرائم التّعذيب المُهينة في سجن أبو غريب، ناهِيك عن استِشهاد مِئات الآلاف من العِراقيين بسبب الحِصار الذي امتدّ أكثر مِن 13 عامًا.
لا نعتقد أنّ هذه العُقوبات الاقتصاديّة الظّالمة والفاجِرة على هيئة قُضاة محكمة الجنايات الدوليّة سيكون لها أيّ أثر جدّي عليهم، فأكثر ما تستطيعه إدارة ترامب هو منعهم مِن السّفر إلى الولايات المتحدة، ولا نعتقد أنّ هذا المنع سيحرمهم من النّوم، فالولايات المتحدة ليست جنّة الله على الأرض، وهُناك المِليارات من البشَر لا يعرفون أين موقعها، ولكنّها حقًّا ستزيدهم إصرارًا على المُضِي في أداء مُهمّتهم السّامية.
الإدارة الأمريكيّة وبمِثل هذه العُقوبات لا تنتهك القانون الدّوليّ فقط، وإنّما تُوفِّر غطاءً لمُنتَهكِي حُقوق الإنسان التي تدّعي أنّها تُدافِع عنها، وتُصدِر وزارة خارجيّتها قوائم سوداء تتضمّن أسماءَ الدّول والحُكومات التي تنتهك حُقوق الإنسان.
تحيّة للسيّدة فاتو بنسودا المدعي العام للمحكمة الجنائيّة الدوليّة التي لم تأبَه مُطلقًا بهذا الابتَزاز الأمريكيّ، وواصلت مُهمّتها في مُلاحقة مُجرمي الحرب الأمريكيين، وأعلنت أنّ لديها معلومات كافية لإثبات أنّ القوّات الأمريكيّة ارتكبت أعمال تعذيب وانتِهاكات واغتِصاب وعُنف جنسي في أفغانستان خلال عاميّ 2003 و2004.
إلغاء مايك بومبيو تأشيرات الدّخول لها ولطاقم قضاة محكمتها هو شرفٌ كبير لها، وتأكيد على شجاعتها واستقلاليّتها، وإدانةً في الوقت نفسه لهذهِ الدّولة الفاجِرة التي باتت مَكروهةً في مُختلف أنحاء العالم لنِفاقها وغطرستها وبلطجيّتها وانتِهاكاتها لحُقوق الإنسان.
ساحة النقاش