مركز بيغن-السادات: التهديدات الوجوديّة المُحدِّقة بإسرائيل مصدرها إيران وحليفاتها وانهيار المُجتمع الصهيونيّ لخلافاته الداخليّة وتصدّع العلاقات بين الكيان واليهود بأمريكا
<!--<!--
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
فحصت دراسة صادرة عن مركز أبحاث بيغن-السادات في تل أبيب خمسة سيناريوهات تهديدٍ تتعرّض لها الدولة العبريّة، لافتةً إلى أنّ ثلاثةً من التهديدات هي أمنيّة-عسكريّة: تشكيل تحالفٍ إقليميٍّ-عسكريٍّ ضدّ إسرائيل، توسيع الانتشار النووي في الشرق الأوسط، وانهيار أنظمة الدفاع الإسرائيليّة بسبب هجومٍ صاروخيٍّ شاملٍ ومُتكاملٍ ودقيقٍ بقيادة إيران وحلفائها.
اثنان من التهديدات، شدّدّت الدراسة، يدخلان في الإطار السياسيّ والاجتماعيّ: العزلة الدوليّة والثاني تفكك المجتمع الإسرائيليّ وفقدان مكونات التماسك الاجتماعيّ وهويته كدولةٍ يهوديّةٍ وديمقراطيّةٍ، مُوضحةً أنّ لكلّ سيناريو، تمّ فحص مولدات التهديد المحتملة، والعوامل المتسارعة، والتهديدات الثانويّة التي تنضمّ إلى التهديدات الرئيسيّة.
ولغرض الدراسة تمّ تعريف “التهديد الوجوديّ”: تهديد له إمكانية واضحة للتسبب بضررٍ حقيقيٍّ لقدرة الدولة على التعامل بنجاح مع الأخطار الخارجيّة والداخليّة، وأنّه يُهدِّد وجودها وسيادتها وهويتها المتفق عليها، مُضيفةً أنّ هذا التهديد يتعلّق بثلاثة مستويات رئيسيّة: على المستوى الماديّ، إصابة بشرية لدولة إسرائيل يستحيل التعافي منها والعودة إلى عملها الطبيعيّ، على المستوى السياديّ، الخسارة طويلة الأجل لسيطرة مؤسسات الدولة على السكان ومواردهم، على مستوى الهوية، أيْ فقدان الدولة: أنْ تكون كيانًا مستقلًا يهوديًا وديمقراطيًا ذي سيادة قادرًا على أداء مهمتها، أيْ أنْ تكون الدولة القوميّة للشعب اليهوديّ، كما جاء في الدراسة حرفيًا.
وناقشت الدراسة الردّ الإسرائيليّ على هجومٍ صاروخيٍّ واسع النطاق ودقيق يُركّز على الجبهة الداخليّة، والذي يتضمن تدابير إضافية، مثل مهاجمة الطائرات المُسيرّة بدون طيّارٍ والهجمات الإلكترونيّة لشلّ أنظمة الدفاع في إسرائيل، لافِتةً في الوقت عينه إلى أنّ إيران هي العامل العدائيّ الرئيسيّ القادر على بدء مثل هذه الخطوة مع حلفائها والتنظيمات التابعة لها إقليميًا.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، أوضحت الدراسة أنّه من بين التهديدات العسكريّة الخارجيّة التي تمّ فحصها في الخبراء والباحثين الذين أعّدوا وأشرفوا على الدراسة، وُجد أنّ إيران هي التهديد الفوريّ والأكثر واقعية والأرجح الذي يُواجِه إسرائيل في الوقت الحاليّ، مُشيرةً إلى أنّ الهجوم الإيرانيّ، في ظلّ الظروف القاسية، يُمكِن أنْ يضر بشكلٍ خطيرٍ بقدرة الجيش الإسرائيليّ، كما أنّ الهجوم سيُلحِق الأضرار الأساسيّة والمفصليّة في البنية التحتية للدولة العبريّة، التي من المُمكِن إلّا تعود إلى وظيفتها، ويزداد هذا التهديد خطرًا من خلال التقدم التكنولوجيّ لدى أعداء إسرائيل، خاصّةً في مجال الصواريخ الدقيقة، والتحدّي الذي ينطوي عليه التعامل معه. علاوة على ذلك، فإن الطائرات الإسرائيلية ذات القدرات المتعددة قد تتعرّض لشلٍّ كاملٍ أوْ حتى تدميرها كليًّا وفق هذا السيناريو، كما أكّدت الدراسة.
وأوضحت الدراسة أنّ وجود هذا التهديد الوجوديّ من قبل أعداء الكيان يتطلّب بناء ردٍّ إسرائيليٍّ متعدد التخصصات والمجالات: على المستوى العسكريّ يجب تطوير وتنفيذ مفهومٍ دفاعيٍّ مُتكامِلٍ يتضمن استغلال مجموعة متنوعة من الأنظمة التكنولوجيّة لتوفير فرصٍ لاعتراض الهجمات الصاروخيّة، والأخذ بعين الاعتبار القيام بضرباتٍ استباقيّةٍ بهدف منع الأعداء من تقوية أسلحتهم، وشدّدّت الدراسة أيضًا على أنّه في المجال السياسيّ-الأمنيّ يتحتّم على صُنّاع القرار في تل أبيب الحفاظ على العلاقة الخاصّة مع الولايات المتحدة التي تمنح إسرائيل القوة والردع في مجال الدفاع عن الوطن، بالإضافة إلى منحها المُساعدات الكامِلة لبناء القدرة على التعامل مع أحداثٍ متعددةٍ، كما قالت الدراسة الإسرائيليّة.
وفي باب الاستنتاجات والتوصيات أكّدت الدراسة أنّ إسرائيل لا تُواجِه حاليًا تهديدات خارجيّة وجوديّة فوريّة، ومع ذلك، فإنّ سلسلة من العمليات الداخليّة والإقليميّة والدوليّة قد تؤدّي إلى تآكل وتقويض برامج الأمن الإسرائيليّة، وفي سيناريوهاتٍ مُختلفةٍ تزداد احتمالات مُواجهة تهديداتٍ وجوديّةٍ مُحتملةٍ في أوقاتٍ ُمختلفةٍ في المستقبل، مُوضحةً في الوقت عينه أنّه في العقود الثلاثة الأولى من وجود إسرائيل، كانت مصادر التهديد الرئيسيّة للكيان هي الدائرة الأولى من الصراع وجيوشها، وبالتالي كانت هذه العناصر الإقليميّة هي التي عززت البرامج النوويّة العسكريّة وبناء الجيوش والتنظيمات “الإرهابيّة” على حدود إسرائيل، ولكن اليوم، تابعت الدراسة، على إسرائيل أيضًا الردّ على مصادر أخرى للتهديد: معاداة إيران، التي تمتلِك قدراتٍ عسكريّةٍ قاتلةٍ وخطيرةٍ في الماضي، كما أنّ الدراسة أشارت إلى أنّه من المُحتمل جدًا أنْ تُقلِّل الولايات المُتحدّة من دعمها للدولة العبريّة، علاوةً على الخشية من أنْ تؤدّي الصراعات الداخليّة في المجتمع الصهيونيّ بالكيان إلى تمزيق شخصية إسرائيل الديمقراطيّة، بالإضافة إلى تقويض تماسكها الداخليّ وتعميق الصدع الذي يتشكّل بين الدولة العبريّة وبين الجالية اليهوديّة في الولايات المتحدّة، على حدّ تعبيرها.
وخلُصت الدراسة إلى القول إنّه يتحتّم إعطاء الأولوية الوطنيّة العليا لتعزيز المراسي الأمنيّة التي تحمي إسرائيل، وعلى الأخص: الحفاظ على الميزة النسبية لإسرائيل في ترسيخ صورتها العسكريّة، تعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة، السعي لتحقيق تسويةٍ سياسيّةٍ مُستقرّةٍ مع الفلسطينيين، تعزيز وتطوير علاقات التعاون الحكومي والمدني مع الدول العربيّة، وخاصّةً مع دول المحور المُوالي لأمريكا: مصر والأردن ودول الخليج، كما أكّدت.
ساحة النقاش