أولمرت: قرار المدعيّة العامّة بلاهاي بالتحقيق بارتكاب جرائم حربٍ بداية فقط لما هو أشدّ وأدهى وإسرائيل كانت الجهة الرافضة والمستفزّة والعدوانيّة على مدار السنوات العشر الأخيرة
<!--<!--
الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
رأى رئيس الوزراء الإسرائيليّ السابِق، إيهود أولمرت، رأى أنّه من أجل أنْ تتغيّر الأوضاع والمناخ في العالم نحن في حاجةٍ إلى قيادة ترغب في السلام، قيادة تمتلك الشجاعة لاتخاذ خطوات تنطوي على تنازلات وانسحابات، ولتغيير سياسة العربدة التي باتت بمثابة ماركة مسجلة لنا، وقرار المدعية العامة في محكمة لاهاي هو إشارة تحذير صارخة لا يجوز التغاضي عنها، وربّما يكون بداية فقط لما هو أشدّ وأدهى، على حدّ تعبيره.
وتابع في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة، “يمكن القول إنّ قرار المدعية العامّة في لاهاي فاتو بنسودا التوصية بفتح تحقيق دولي ضد إسرائيل بشبهة قيام قادة سياسيين وعسكريين وكذلك مقاتلين بارتكاب جرائم حرب، يستند إلى قدر كبير من التضليل والتزوير، وكذلك إلى قدر معيّن من كراهية إسرائيل. وفي الوقت عينه، يُعتبر هذا القرار بمثابة مساعدة خارجية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتيح له إمكان الاستمرار في محاولات جعل الجمهور الإسرائيليّ العريض يلتف حوله لكونه، كما يروّج مؤيدوه، الزعيم الإسرائيلي الوحيد القادر على الدفاع عن هذا الجمهور في مواجهة المعادين للسامية، كما قال.
وشدّدّ أولمرت في مقاله، الذي نقلته للعربيّة “مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة” في بيروت، شدّدّ على أنّه بصفته “أخر رئيس حكومة إسرائيليّة أجرى مفاوضات جدية مع الفلسطينيين، وكنت على وشك التوصل إلى اتفاق إيجابي كان من شأنه أن يحدث انعطافًا تاريخيًا في حياتنا وحياة جيراننا، يمكنني أنْ أؤكّد أنّ المسؤولية الكاملة عن إحباط اتفاق السلام في ذلك الوقت تقع بالكامل على عاتق الفلسطينيين”.
وأردف:”بعد أقوالي هذه، لا مهرب من الإقرار بأنّ إسرائيل كانت هي الجهة الرافضة والمستفزّة والعدوانية على مدار السنوات العشر التي مرت منذ ذلك الوقت، وكان انعدام مرونتها هو السبب المركزي، ليس فقط لعدم نضوج عملية السلام إلى ما يشبه الاتفاق، إنما أيضًا لعدم انطلاق هذه العملية مرة أُخرى. ماذا يجري عندنا؟ هل نحن نريد السلام؟ وهل كانت حكومة إسرائيل على مدار السنوات العشر الفائتة مستعدة لإبداء حد أدنى من المرونة والانفتاح والشجاعة بما يتيح إمكان الدفع قدمًا باحتمالات السلام وإيجاد حل تاريخي للنزاع؟”.
ولفت إلى أنّه “منذ صعود دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة، باتت إسرائيل محصنة نسبيًا أمام أي ضغط عسكري أو سياسي أو اقتصادي، ويقف ترامب كسورٍ منيعٍ في الدفاع عن السياسة المتهورة والجوفاء والتوسعية لإسرائيل، كما شهدنا في إبدائه التفهم لإعلان نتنياهو نيته ضمّ غور الأردن إلى إسرائيل، وكذلك في اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعترافه بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان، وأخيرًا في إعلان وزير خارجيته أن المستوطنات في المناطق المحتلة لا تشكل خرقًا للقانون الدولي، وذلك بخلاف الموقف الذي عبّر عنه كل رؤساء الولايات المتحدة منذ سنة 1967.
وتابع: “ينبغي القول أنّ ما يبدو في الظاهر بأنه أفضلية لإسرائيل لا يعدو كونه أكثر من وهم بصري. فالأسرة الدولية لم تسلّم بكل ما أقدمت عليه إدارة ترامب. وهي لم تسلّم ولا تسلّم ولن تتصالح مع سياسة الضم الإسرائيليّة، وهي ستواصل البحث، وستجد الطرق لتوجيه ضربات إلى إسرائيل في أماكن حساسة أكثر وتكون أشد مساسًا من قرار مجلس الأمن المتعلق بالاستيطان”.
وأشار أولمرت إلى أنّه “ليس من قبيل المبالغة رؤية أنّ القوى الأوروبية التي تحاول إرغام إسرائيل على التراجع عن سياسة الضمّ هي التي بادرت الآن إلى إجراءٍ يُمكِن أنْ يفضي بنا إلى المثول أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، كمشتبه بهم بارتكاب جرائم حرب. وليس هذا فحسب، بل ستستمر الجهود التي تقوم بها حركة BDS في العالم أجمع، ومن شأن هذه الجهود المسّ بإسرائيل في جبهة دولية واسعة، وبعد ذلك، يمكن أنْ يتم إلزام الإسرائيليين بالحصول على تأشيرات دخول إلى دول أوروبا”.
وأكّد أنّه “على الرغم من أنّه لا يمكن تغيير الواقع بلمحة عين، ولا يمكن إقصاء كل مظاهر الكراهية والتلوّن ومعاداة السامية، وعلى الرغم من صعوبة الإيمان بقدرة مبادرة سلام إسرائيلية مختلفة وجديدة وجريئة على الوصول إلى تسوية سلمية حقيقية، فإنه لا بُدّ من البدء بالسير في مسار يقترح طريقًا جديدة أكثر انضباطًا وتسامحًا من دون أنْ تهدد مصالحنا الأمنية بالخطر”.
واختتم أولمرت مقاله بالقول إنّه لو كان هناك الآن محادثات سلام جادّة لما كانت أيّ جهة ستفكر بتقديم إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية، ولما كانت دول، مثل الأردن ومصر وكذلك السعودية ودول شمال أفريقيا، انضمت إلى قرارات إدانة إسرائيل في شتى المحافل الدوليّة، طبقًا لأقواله.
ساحة النقاش